نعي منسوب للعائلة .. ما حقيقة وفاة “جزار حماة” رفعت الأسد؟

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاة رفعت الأسد، عم الرئيس السوري السابق بشار الأسد، في أحد مستشفيات باريس. لكن بعد التدقيق يتبين أن أحداً من عائلة رفعت الأسد لم ينشر أي خبر عن مقتل “جزار حماة” كما يلقب.
من هو رفعت الأسد؟
رفعت علي سليمان الأسد، الملقب بـ”الرجل الثاني” في نظام البعث، ولد في 22 آب/أغسطس 1937 في مدينة القرداحة في محافظة اللاذقية. وهو الشقيق الأصغر للرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وبالتالي يعد من أبرز الشخصيات في السياسة السورية.
تلقى رفعت تعليمه الابتدائي في قريته ثم انتقل إلى دمشق حيث درس العلوم السياسية في جامعة دمشق وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد عام 1977. في بداية مسيرته السياسية انضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1952 ثم انضم إلى الجيش السوري حيث بدأ صعوده السريع في الرتب العسكرية.
لعب رفعت دوراً رئيسياً في الانقلاب الذي قاده حزب البعث عام 1963 والذي أطاح بالرئيس ناظم القدسي. وكان حافظ الأسد أحد القادة العسكريين لهذا الانقلاب. خلال حرب عام 1967 ضد إسرائيل، تولى رفعت الأسد قيادة كتيبة دبابات على جبهة القنيطرة، الأمر الذي أكسبه مكانة بارزة في الجيش السوري.
في عام 1971، وبعد أن تولى شقيقه حافظ الأسد رئاسة سوريا، أسس رفعت الأسد ما يسمى بسرايا الدفاع، وهي ميليشيا عسكرية غير نظامية مهمتها حماية النظام الحاكم من أي تهديد داخلي. وكان رفعت الأسد يعتبر بالفعل “الرجل الثاني” في سوريا، والذراع القوية لحافظ الأسد في السياسة والجيش.
في فبراير/شباط 1982، قاد رفعت سرايا الدفاع في قمع الانتفاضة الشعبية في مدينة حماة، التي قادتها المعارضة للنظام. وأدت العمليات العسكرية إلى مذبحة ضخمة راح ضحيتها آلاف الأشخاص. وتشير التقديرات إلى أن عدد القتلى يتراوح بين 10 آلاف و40 ألف شخص. ونتيجة لذلك، أُطلق على رفعت الأسد لقب “جزار حماة”. ورغم هذه الحقائق، رفض رفعت الأسد تحمل مسؤولية المجزرة في مقابلة تلفزيونية عام 2011، واتهم شقيقه حافظ الأسد بمسؤولية الأحداث في حماة.
الصراع على السلطة
وفي نهاية عام 1983، بدأت صحة حافظ الأسد تتدهور، مما دفعه إلى تشكيل لجنة مكونة من ستة أعضاء لإدارة شؤون البلاد بشكل مشترك. لكن رفعت الأسد، الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب الرئيس لشؤون الأمن القومي، أصبح يقع بشكل متزايد تحت تأثير مقاومة بعض كبار الضباط الذين تجمعوا حوله وأقنعوه بحقه في السلطة. وأدى هذا إلى انزلاق النظام إلى حالة من الفوضى السياسية والعسكرية. في مارس/آذار 1984، قام رفعت الأسد بمحاولة انقلابية للسيطرة على دمشق. نشر شركات التسليح بالإضافة إلى عدد كبير من الدبابات والطائرات. ورغم التصعيد العسكري، تم إحباط محاولة الانقلاب بعد تدخل حافظ الأسد شخصياً، مما أدى إلى انسحاب رفعت إلى المنفى.
وفي عام 1984، تم التوصل إلى اتفاق سمح لرفعت الأسد بالسفر إلى أوروبا، حيث كان يتنقل بين فرنسا وإسبانيا. وفي المقابل، حصل على 300 مليون دولار من الأموال العامة، بما في ذلك قرض من الزعيم الليبي معمر القذافي، وقضى السنوات التالية في المنفى.
العلاقة مع بشار الأسد
بعد وفاة حافظ الأسد في عام 2000، كان من المعتقد أن رفعت الأسد سيكون من بين الأطراف المتنافسة على السلطة في سوريا. لكن هذا فشل عندما تولى ابن أخيه بشار الأسد السلطة. ورغم أن رفعت دعم بشار في البداية، إلا أن علاقتهما تدهورت مع مرور الوقت، حيث انتقد رفعت بشدة سياسات بشار فيما يتعلق بالأزمة السورية التي بدأت في عام 2011، وندد بتعامله مع المظاهرات.
واستمرت هذه التوترات في العلاقات العائلية حتى عندما ظهر رفعت في السفارة السورية في باريس في مايو/أيار 2021 للإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية السورية وتهنئة ابن أخيه بفوزه.
ولم تقتصر مشاكل رفعت الأسد على المستوى السياسي، بل امتدت إلى المجال القانوني أيضاً. وفي عام 2020، حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات في فرنسا بتهمة التهرب الضريبي والتوظيف غير القانوني، إلى جانب مصادرة أصوله في البلاد، والتي تقدر بنحو 100 مليون دولار. ووجهت إليه أيضًا تهمة غسل الأموال في بريطانيا وإسبانيا. في مايو/أيار 2023، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه وعلى ابنه مضر بسبب ارتباطهما بتجارة المخدرات وانتهاكات حقوق الإنسان.
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عاد رفعت الأسد إلى سوريا بعد سنوات من المنفى، حيث تم تصويره مع بشار الأسد وأفراد آخرين من العائلة. وتثير هذه العودة تساؤلات كثيرة حول مصير رفعت في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها سوريا، في وقت تشهد فيه البلاد صراعاً مستمراً وتغيرات سياسية كبيرة.