“مدن الصواريخ” الإيرانية: لماذا تكشف طهران الآن عن مواقع إطلاق الصواريخ السرية الموجودة تحت الأرض؟

منذ 11 أيام
“مدن الصواريخ” الإيرانية: لماذا تكشف طهران الآن عن مواقع إطلاق الصواريخ السرية الموجودة تحت الأرض؟

وقال مسؤولون أمريكيون لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويتهم إن الولايات المتحدة نشرت ما يصل إلى ست طائرات مقاتلة إضافية مزودة بأنظمة شبح قادرة على حمل أثقل القنابل الأمريكية إلى قاعدة عسكرية يمكنها الوصول إلى إيران واليمن الأسبوع الماضي.
وردت إيران بأن الوجود العسكري الأميركي المكثف في المنطقة يجعلها تشعر وكأنها “تجلس في غرفة زجاجية” وأنها لا ينبغي لها “أن ترمي الآخرين بالحجارة”.

وهددت إيران أيضاً بقصف القاعدة العسكرية في دييغو غارسيا، وهي جزيرة بريطانية في المحيط الهندي من المقرر إعادتها إلى موريشيوس. وهذا تهديد لم تكن إيران مستعدة لتنفيذه على الإطلاق.
ولكن ما هي هذه “المدن الصاروخية” بالضبط؟ لماذا قررت إيران الكشف عن قدراتها الجديدة الآن؟ ماذا يعني هذا بالنسبة للصراع المحتمل في الشرق الأوسط؟

ما هي “مدن الصواريخ” الإيرانية؟

1

يشير مصطلح “مدن الصواريخ” الذي يستخدمه الحرس الثوري الإيراني إلى قواعد صاروخية ضخمة تحت الأرض. وتتكون هذه القواعد من شبكة معقدة من الأنفاق العميقة والواسعة التي تمتد عبر البلاد، وغالباً ما تكون مخفية في مناطق جبلية ذات أهمية استراتيجية.

وتستخدم هذه المنشآت لتخزين وإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة، فضلاً عن الأسلحة الاستراتيجية الأخرى مثل الطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي.
وبحسب قادة الحرس الثوري الإيراني، فإن مدن الصواريخ هذه ليست مجرد مواقع لتخزين الصواريخ؛ بعضها عبارة عن مصانع لإنتاج وتطوير الصواريخ قبل أن تصبح جاهزة للاستخدام.

ولم يعرف بعد الموقع الدقيق لقواعد الصواريخ هذه، ولم يتم الإعلان عنها رسميا حتى الآن.
كشف العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإسلامي، عن أحدث “مدينة صاروخية” في مقطع فيديو يظهر صواريخ باليستية وطائرات مسيرة انتحارية في أعماق الأرض في مقابلة مع إذاعة جمهورية إيران الإسلامية الحكومية (IRIB). ولم تتمكن بي بي سي من التحقق بشكل مستقل من صحة الفيديو.
وعندما سُئلت وسائل الإعلام الرسمية عن سبب الكشف عن “مدينة الصواريخ” هذه الآن فقط، أفادت بأن طهران ستستخدم هذه الأسلحة رداً على أي “عمل عدائي ضد الأمة الإيرانية”.
إيران تؤكد: “لن يكون هناك أي تمييز ضد القوات البريطانية أو الأمريكية إذا تعرضت إيران لهجوم من أي قاعدة في المنطقة أو ضمن مدى الصواريخ الإيرانية”.

على مدى العقد الماضي، نشر الحرس الثوري الإيراني بانتظام صورًا لأنفاق تحت الأرض تحتوي على كميات كبيرة من الصواريخ والطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع، وأطلق على هذه الأنفاق اسم “مدن الصواريخ السرية”.

ماذا يعني هذا بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل؟

ومن خلال إظهار قدراتها، تهدف إيران إلى ردع إسرائيل والولايات المتحدة عن شن المزيد من الهجمات.
وتظهر أحدث اللقطات صواريخ مثل خيبر شيكان، والحاج قاسم، وعماد، وسجيل، وقدره، وبافه.
وتفاخرت إيران أيضًا بقدرتها على مهاجمة دول تبعد مسافة تصل إلى 2000 كيلومتر.
وشملت الصواريخ التي استخدمتها إيران في هجوم على إسرائيل في أبريل/نيسان 2024، والذي ألحق أضراراً بقاعدة نيفاتيم الجوية في وسط إسرائيل، صواريخ باليستية من طراز عماد.

أقصر مسافة بين إيران وإسرائيل هي حوالي 1000 كيلومتر عبر العراق وسوريا والأردن. وفي أبريل/نيسان 2024، أعلنت إسرائيل أنها اعترضت 99% من الصواريخ. ولم يتسبب الهجوم الثاني في أكتوبر/تشرين الأول في أي أضرار كبيرة.

لكن هناك شكوك حول فعالية الصواريخ الإيرانية وقوتها التدميرية. ومن ثم فإن الادعاءات الأخيرة حول قدرتهم على الوصول إلى القاعدة العسكرية الأميركية في دييغو غارسيا تشكل تطوراً مهماً.

2

توجد هناك قاعدة عسكرية بريطانية أمريكية مشتركة منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين. لكن القاعدة تتمتع بدفاع قوي وتبعد أقل من 3800 كيلومتر عن أقرب نقطة في إيران.
جددت إيران هذا الأسبوع ادعائها بأن طائراتها بدون طيار من طراز شاهد 136B يمكن أن يصل مداها إلى 4000 كيلومتر، على الرغم من أن هذا الادعاء لم يثبت بعد.
ورغم أن إيران لا يبدو أنها تمتلك صواريخ يزيد مداها عن 2000 كيلومتر، فإن هناك نظريا طرقا أخرى للوصول إلى الجزيرة، مثل استخدام أساطيلها الخاصة أو تعديل أنظمة الصواريخ الموجودة.

3

وقد تم بالفعل نشر قوة نيرانية أميركية كبيرة في الشرق الأوسط، ومن المتوقع وصول حاملتي طائرات إلى المنطقة قريبًا.
وتظهر صور الأقمار الصناعية أدناه قاذفات الشبح من طراز B-2 بالقرب من دييغو غارسيا، والتي استخدمت في الغارة الجوية الأمريكية الأخيرة ضد الحوثيين في اليمن.

4

وقال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل في بيان هذا الأسبوع: “إذا هددت إيران أو وكلاؤها المواطنين والمصالح الأمريكية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات حاسمة للدفاع عن شعبنا”.
ورفضت القيادة الاستراتيجية الأميركية الكشف عن عدد قاذفات بي-2 التي وصلت إلى دييغو غارسيا، مشيرة إلى أنها لا تعلق على التدريبات أو العمليات ذات الصلة.
وبما أن القوات الجوية الأميركية لا تملك سوى 20 قاذفة من طراز B-2 في مخزونها، فإن استخدامها محدود بشكل عام.

لماذا كشفت إيران الآن عن “مدنها الصاروخية” للعالم؟

وتأتي اللقطات الأخيرة في وقت تتصاعد فيه التوترات بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل. وتتركز الاهتمامات على ثلاث قضايا رئيسية: التهديد الذي تشكله حركة الحوثي المدعومة من إيران، والمفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، والهجمات الإسرائيلية المتزايدة التي تهدف إلى تقويض قوة حزب الله المدعومة من إيران في لبنان.

وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، إيران بضربات جوية ورسوم جمركية ثانوية إذا فشلت طهران في التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي.
ويأتي ذلك في أعقاب المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل العام الماضي. ويبدو أن الكشف عن نظام الدفاع الصاروخي الجديد التابع للحرس الثوري الإسلامي يهدف إلى تعزيز الرسالة التي مفادها أن إيران قادرة على الرد العنيف.
وهددت إيران مرارا وتكرارا بتنفيذ عملية ثالثة ضد إسرائيل، لكنها تتعرض لضغوط شعبية متزايدة لمنعها. وقد تساءل كثيرون عن قدرة البلاد على الوفاء بوعدها، خاصة في ظل المخاوف من أن الهجوم الإسرائيلي كان له تأثير سلبي على قدراتها الصاروخية.

5

وعلى الصعيد الداخلي، تحاول الحكومة الإيرانية طمأنة مواطنيها بأنها لا تزال قوية وقادرة على مواجهة أي تهديد أميركي.
ويهدف بناء مدن الصواريخ تحت الأرض إلى زيادة مقاومة الهجمات الجوية والحفاظ على الردع. ومن خلال تطوير هذه المدن، أثبتت إيران للولايات المتحدة وإسرائيل قدرتها على الرد حتى في حالة تعرض قواعدها البرية للهجوم.
ومن هذه القواعد، يمكن إطلاق الصواريخ من أماكن مجهولة، مما يربك العدو في محاولاته لتقييم قدرات إيران.


شارك