لماذا تراجع الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته رغم ضعف الدولار عالميا؟

منذ 3 أيام
لماذا تراجع الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته رغم ضعف الدولار عالميا؟

مدحت نافع: زيادة الطلب المحلي وركود حركة الدولار أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه. • علي متولي: الحروب التجارية لها تأثير سلبي على عملات الأسواق الناشئة، بما في ذلك الجنيه. • وليد عادل: الجنيه امتص الذعر العالمي من الحروب التجارية. • محمد عبد العال: الجنيه المصري ليس من العملات الرئيسية في العالم وبالتالي فهو غير مرتبط بحركة الدولار عالميا.

 

وصل سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار إلى أدنى مستوى تاريخي عند ختام تعاملات اليوم الأحد، رغم ضعف الدولار عالميا. ويرجع الخبراء ذلك إلى عوامل محلية تتعلق بزيادة الطلب على العملة الأميركية وحقيقة أن الجنيه المصري ليس عملة عالمية رئيسية.

وفي البنك المركزي المصري، انخفض سعر الجنيه مقابل الدولار بنهاية تعاملات اليوم بمقدار 53 قرشا، ليصل إلى 51 جنيها للشراء و51.19 جنيه للبيع. وقد عوض هذا جزئيا الخسائر الناجمة عن التداول بين البنوك والتي بلغت 51.35 جنيه مصري.

وانخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار إلى 51.07 جنيه للشراء و51.17 جنيه للبيع في البنوك الحكومية الكبرى مثل البنك الأهلي وبنك مصر. وسجلت نفس أسعار الفائدة في بنك الإسكندرية، وبنك فيصل الإسلامي، والبنك المتحد، وبنك القاهرة.

وانخفض الجنيه المصري إلى 51.06 جنيه مصري في البنك التجاري الدولي، و51.16 جنيه مصري في البنك العربي الأفريقي. وانخفض في البنك العربي الأفريقي الدولي إلى 51.09 جنيه مصري، وفي البنك العربي الأفريقي الدولي إلى 51.19 جنيه مصري. وصل سعر سهم بنك HSBC إلى أعلى مستوى له عند 51.10 جنيه مصري.

وهذا هو أدنى مستوى وصل إليه الجنيه المصري على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، انخفض الجنيه بالفعل إلى ما دون مستوى 51.14 جنيه مصري، والذي وصل إليه بعد خروج كميات كبيرة من أوراق الدين الأجنبية.

ويأتي تراجع الجنيه أمام الدولار، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على 180 دولة حول العالم، بينها مصر، ورسوم جمركية إضافية تتراوح بين 30 و40% على الصين واليابان وأوروبا. ويأتي هذا وسط تهديدات من دول أخرى بالرد، وهو ما قد يكون مدمرا للاقتصاد العالمي، الذي لم يتعاف بعد من التضخم المرتفع.

ورغم تأثير الحروب التجارية على تراجع قوة الدولار عالميا، حيث انخفض مؤشر الدولار العالمي بنسبة 5.2% مقابل ست عملات رئيسية منذ بداية العام، إلا أن هذا لم يدعم قيمة الجنيه المصري.

وقال الخبير الاقتصادي مدحت نافع إنه في ظل الطلب المحلي المرتفع والركود النسبي لحركة الدولار خلال الفترة الماضية، فإنه ليس من الضروري أن يفقد الدولار قيمته على المستوى المحلي فقط بسبب انخفاضه عالميا.

وتابع: “حركة سعر الصرف اليوم مرتبطة بسحب المستثمرين من محافظهم الاستثمارية المربحة في البورصة المصرية لتعويض الخسائر التي تكبدوها نتيجة انخفاض أسعار النفط، وما ألحقته الحروب التجارية من أضرار بفوائض النفط في الأسواق الأخرى، وخاصةً بورصات الخليج. ويضاف إلى ذلك توقعات بزيادة الطلب على العملات الأجنبية مع اقتراب موسم الحج”.

سجلت الأسواق المالية في الولايات المتحدة وأوروبا خسائر فادحة الأسبوع الماضي وسط مخاوف من أن الحروب التجارية قد تؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي.

وهزت الحروب التجارية أسواق الأسهم الخليجية في وقت سابق من هذا الأسبوع، ما تسبب في خسارة السوق السعودية، الأكبر في المنطقة، نحو نصف تريليون ريال من قيمتها السوقية.

قال الخبير الاقتصادي علي متولي إن ضعف الدولار عالميا لن يفيد الأسواق الناشئة. وتتسبب التوترات التجارية في فرار المستثمرين من الأسواق الناشئة، حتى لو كانت تقدم أسعار فائدة مرتفعة، وهو ما يؤثر سلباً على عملاتها.

وتوقع متولي أن يصل سعر الدولار إلى 52 جنيها بنهاية 2025، وأن يتراوح بين 53 و54 جنيها العام المقبل، ويرجع ذلك على الأرجح إلى توقعات انخفاض أسعار الفائدة على الدولار.

قال الخبير المصرفي وليد عادل، إن توجه العديد من المستثمرين الأجانب لبيع أجزاء من محافظهم المالية (بما في ذلك السندات والأسهم المحلية) في السوق المصرية لتعويض خسائرهم في الأسواق المالية الأخرى، أدى إلى زيادة الطلب على الدولار ودفع سعره لمستويات قياسية.

وأوضح عادل أن آلية مرونة سعر الصرف تسمح للدولار بالارتفاع مؤقتاً أمام الجنيه لتلبية الطلب.

وفي إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار في مارس/آذار الماضي، تعهدت مصر بالحفاظ على سعر صرف مرن يعكس ديناميكيات العرض والطلب والصدمات الاقتصادية العالمية.

تمكن الجنيه المصري من الصمود في مواجهة صدمة الذعر العالمي بشأن الحروب التجارية بشكل جيد، وتمكن من تقليص خسائره حتى إغلاق اليوم.

قال الخبير المصرفي محمد عبد العال إن الجنيه المصري ليس من العملات الرئيسية في العالم وبالتالي لا يرتبط بشكل مباشر بتحركات الدولار العالمي. بل إنه يعكس الانخفاضات التي تحدث بسبب ضعف قيمتها العالمية بسبب المخاوف من الركود العالمي.

وأضاف عبد العال أن العوامل المحلية مثل زيادة الطلب على العملة الأميركية وانسحاب المستثمرين الأجانب من أدوات الدين المحلية بسبب مخاوف الحرب التجارية كانت الأسباب الرئيسية لارتفاع الدولار. ووصف ذلك بأنه “ظاهرة صحية تعكس مرونة سعر الصرف وتأثيره على العرض والطلب”.


شارك