أسوأ هبوط منذ سنوات: اضطرابات في أسواق مالية تبدأ التداول بعد التعرفة الجمركية، و ترامب يعلق: “إنه الدواء”
وشهدت الأسواق المالية العالمية واحدة من أسوأ حالاتها الهبوطية منذ جائحة فيروس كورونا في وقت سابق من هذا الأسبوع. وكان الشرارة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيفرض رسوما جمركية شاملة على الواردات من عشرات الدول. ووصف هذه الخطوة بأنها “دواء” ضروري لتصحيح الاختلالات المالية.
وفي بيان ألقاه من على متن الطائرة الرئاسية يوم الأحد، قال ترامب إن الحكومات الأجنبية سوف تضطر إلى دفع “الكثير من المال” إذا أرادت رفع الرسوم الجمركية. ووصف الرسوم الجمركية بأنها “دواء” ضد “السرقة الواسعة النطاق” من قبل شركاء الولايات المتحدة التجاريين.
وأضاف “لا أريد أن تتأثر الأسواق، لكن في بعض الأحيان يتعين عليك تناول الأدوية لعلاج شيء ما”.
تم فرض الرسوم الجمركية الجديدة على جميع الواردات من العديد من البلدان اعتبارًا من صباح الأربعاء بمعدل 10 في المائة، مع فرض رسوم جمركية أعلى تتراوح بين 11 و50 في المائة على بعض البلدان.
افتتحت الأسواق الآسيوية يوم الاثنين بانخفاضات حادة غير مسبوقة. وتراجعت مؤشرات هونغ كونغ بأكثر من 9%، وتقدر خسائر تايوان بنحو 10%، وخسرت السوق اليابانية أكثر من 6.5%.
وانخفض مؤشر ستريتس تايمز في سنغافورة بنسبة 7.3%، وهو أكبر خسارة يومية له منذ مارس/آذار 2020. كما انخفضت أسعار الأسهم في كوريا الجنوبية وأستراليا والصين والهند بنسبة تتراوح بين 4 و7%.
ورافق ذلك انخفاض سريع في العقود الآجلة للأسهم الأميركية؛ وانخفضت مؤشرات وول ستريت بأكثر من 2.5 بالمئة.
التصعيد بين الولايات المتحدة والصين: اقتصادان على حافة المواجهة
ومع فرض إدارة ترامب رسوما جمركية إضافية بنسبة 34% على السلع الصينية، ارتفع إجمالي الرسوم الجمركية المفروضة على الصين هذا العام إلى 54%. وردت بكين بإعلان فرض رسوم جمركية مماثلة على جميع الواردات الأميركية وقيود على تصدير بعض المعادن النادرة التي تشكل أهمية بالغة لصناعات الإلكترونيات والطب.
ويتوقع بنك جولدمان ساكس أن تعمل الحكومة الصينية على تسريع إجراءات التيسير المالي. وفي تقرير حديث، ذكرت الشركة أن هذه التعريفات الجمركية الأميركية قد تؤدي إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للصين بنحو 0.7 نقطة مئوية.
ورغم البيانات القوية للربع الأول، أبقى جولدمان ساكس على توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني عند 4.5%، لكنه خفض تقديراته لنمو أرباح الشركات من 9% إلى 7%.
وعلى هذه الخلفية، صنفت شركة جولدمان ساكس السوق التايوانية باعتبارها واحدة من أقل الأسواق جاذبية في المنطقة، لأنها تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى الولايات المتحدة وحساسة للغاية لتقلبات السوق.
ولم يقتصر تأثير قرارات التعريفات الجمركية على آسيا فحسب، بل امتد إلى اقتصادات أخرى. وفي نيوزيلندا، توقع السوق خفضًا إضافيًا بمقدار 25 نقطة أساس في سعر الفائدة الرئيسي استجابة لما وصفه بنك ANZ النيوزيلندي بأنه “أخطر تهديد لنظام التجارة العالمي منذ الحرب العالمية الثانية”.
وانخفض مؤشر الأسهم النيوزيلندية بنسبة 4.4 بالمئة، في حين خسر الدولار النيوزيلندي أكثر من 4 بالمئة من قيمته مقابل نظيره الأميركي.
وفي الهند، كان من المتوقع أن تهبط الروبية عند الافتتاح بعد أن تأثرت المعنويات سلبا بالانخفاض الحاد في أسواق الأسهم الآسيوية.
وفي السعودية، تراجعت سوق الأسهم بنسبة 6.78 بالمئة، مسجلة أسوأ أداء لها منذ تفشي فيروس كورونا، بحسب وسائل إعلام محلية.
خفض سعر الفائدة قريبا
تتزايد التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سوف يخفض أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن، ربما في وقت مبكر من شهر مايو/أيار، للتخفيف من آثار الركود المحتمل.
لكن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حذر من أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وإبطاء النمو، مشيرا إلى “خطر كبير” يتمثل في ارتفاع معدلات البطالة.
الجمهورية الأولى: جي بي مورجان يستحوذ على بنك متعثر لإنقاذه من الإفلاس
يريد ماسك السيطرة على شركة تسلا من خلال شراء حصة أكبر.
وبحسب تقديرات جي بي مورجان، من المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الأخيرة إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 0.3% على مدار العام. وكانت التوقعات السابقة تفترض نموا بنسبة 1.3 بالمئة.
وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة من 4.2% إلى 5.3%، وهو ما يعني خسارة آلاف الوظائف في قطاعات رئيسية مثل التصنيع والتكنولوجيا والتوزيع.
وانتقد مدير صندوق التحوط الملياردير بيل أكمان، وهو من أبرز مؤيدي ترامب، الحكومة بشدة وحذر من أنها تفقد تدريجيا ثقة قادة الأعمال.
ووصف الوضع بأنه “جنون اقتصادي قد يؤدي إلى شتاء اقتصادي طويل إذا لم تتوقف اللعبة قريبا”، على حد قوله.
حاول بيتر نافارو، المستشار المعروف ومهندس سياسة التعريفات الجمركية لإدارة ترامب، تهدئة الأسواق بقوله: “لا يمكنك أن تخسر المال إذا لم تبيع”، مضيفًا: “الانفجار الأكبر في سوق الأسهم لم يأت بعد”.
“خمسون دولة طلبت فتح قنوات التفاوض المباشر مع ترامب”.
وقال مستشارو البيت الأبيض إن أكثر من 50 دولة اتصلت بإدارة ترامب في الأيام القليلة الأولى بعد الإعلان عن الرسوم الجمركية، مطالبة بإجراء مفاوضات مباشرة.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن “الرئيس اكتسب أقصى قدر من النفوذ”، مشيرا إلى أن الكرة الآن في ملعب دول أخرى.
وقال كيفن هاسيت، رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، إن الدول التي طلبت إجراء المفاوضات كانت تدرك جيداً أنها ستتحمل نصيب الأسد من التكاليف. وأشار إلى أن الرسوم الجمركية من شأنها أن تؤدي إلى خفض أسعار صادراتهم، مما يفرض ضغوطا على اقتصاداتهم.
ومن بين الحلفاء الذين اتخذوا إجراءات فورية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي سافر إلى واشنطن لطلب الإعفاء من الرسوم الجمركية البالغة 17% على السلع الإسرائيلية، على الرغم من العلاقات الوثيقة بين البلدين.
قدمت تايوان عرضا غير مسبوق بإلغاء التعريفات الجمركية على الواردات الأميركية بالكامل مقابل التوصل إلى تسوية شاملة. كما وعدت البلاد بزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة لتخفيف الضغوط والتأثير على شركاتها التي تعتمد بشكل كبير على الأسواق الأميركية.
رحلة “ملك العملات المشفرة” من “الملياردير الأسطوري” إلى مائة عام في السجن.
الذهب يسجل مكاسب تاريخية هل يجب عليك الاستثمار فيه الآن؟
وأعلنت الهند، التي فرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 26 بالمئة، أنها لن ترد بإجراءات مضادة وأنها تفضل المفاوضات المباشرة للحد من الأضرار. وفي إيطاليا، وعدت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بحماية الشركات المتضررة، في حين أعرب منتجو النبيذ عن قلقهم إزاء انهيار صادراتهم إلى السوق الأميركية، خاصة بعد فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على المنتجات الأوروبية.
حذر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر من أن “العالم كما نعرفه قد انتهى”. وأشار إلى أن هذا يمثل تفككا للنظام التجاري، وأن المرحلة المقبلة ستكون مبنية على “الاتفاقيات والتحالفات”.
أين روسيا؟ لماذا تم استبعادي؟
ومن المفارقات اللافتة للنظر أن روسيا لم تكن من بين الدول المتضررة بالرسوم الجمركية الجديدة.
وأوضح مسؤول في البيت الأبيض أن حجم التجارة بين البلدين “منخفض للغاية بسبب العقوبات”. لكن المراقبين يشتبهون في أن هذا الوضع يعود إلى المفاوضات الجارية مع موسكو بشأن القضية الأوكرانية.
