آخرها إضراب نصرة غزة.. كيف أصبحت الإضرابات سلاح الفلسطينيين حين يخذلهم الجميع

منذ 9 أيام
آخرها إضراب نصرة غزة.. كيف أصبحت الإضرابات سلاح الفلسطينيين حين يخذلهم الجميع

لقد شهد تاريخ القضية الفلسطينية عدداً من الإضرابات المعروفة التي وقعت في لحظات حرجة لم يكن أمام الفلسطينيين فيها خيار سوى التوحد في عمل واحد أدى إلى تعطيل الحياة اليومية في الأراضي المحتلة. لقد لجأ الفلسطينيون عبر التاريخ إلى الإضرابات مراراً وتكراراً عندما فشلت الحلول المختلفة. بدأ ذلك بالإضراب أثناء الثورة الفلسطينية الكبرى واستمر حتى إضرابات الشيخ جراح.

وتروي صحيفة الشروق قصة هجمات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ عهد الانتداب البريطاني وحتى معركة طوفان الأقصى، مستشهدة بكتابي “تاريخ المقاومة الفلسطينية” و”الفلسطينيون المنسيون”.

ثورة 1936

خلال فترة الانتداب البريطاني، شهد الفلسطينيون زيادة حادة في الهجرة الصهيونية وبداية مصادرة إسرائيل للأراضي الفلسطينية. وعندما حاولت مجموعة عز الدين القسام مقاومة التقدم الإسرائيلي تم سحقها وقتل عز الدين القسام.

لكن الإرادة الفلسطينية لم تضعف، وتحمّل العمال والسكان مسؤولية المقاومة. قاموا بتشكيل لجنة سياسية حددت موعدا للإضراب العام لوقف حركة النقل والعمال في المصانع وإقامة المظاهرات التي قمعتها القوات البريطانية بعنف. ولكن هذا لم يضع حدا للإضراب. واستمرت ستة أشهر ولم تنته إلا بوعد من الملوك العرب بنقل صوت الفلسطينيين إلى الحكومة البريطانية والتدخل لمنع بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي.

وتوقف الإضراب لعدة أشهر، ولكن عندما أدرك الفلسطينيون أن شيئاً من الوعود العربية لم يتحقق، استؤنفت الانتفاضة في عام 1937، ولو كانتفاضة مسلحة مع هجمات عسكرية على المستوطنين الصهاينة.

يوم الأرض

في عام 1976، بدأ الفلسطينيون المقيمون في إسرائيل إضرابًا حاشدًا دعمًا للقضية الفلسطينية، وذلك في أعقاب موجة من سرقة الأراضي المنظمة بسبب قانون إسرائيلي جديد. وقد اختار زعماء الحزب الشيوعي يوم 30 مارس/آذار موعداً للإضراب العام، الذي لم يوقف عمل الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل فحسب، بل جلب معه أيضاً موجة من المظاهرات. وردت قوات الاحتلال بإطلاق الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية، ما أدى إلى استشهاد ستة فلسطينيين على الأقل.

وشارك سكان الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في التظاهرات التضامنية. ورغم أن الهجوم لم يمنع سلطات الاحتلال من مصادرة أراضي الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل، إلا أن الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل أصبحوا يتمتعون الآن بتمثيل سياسي أكبر، مما يقلل من الاضطهاد الذي يتعرضون له من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.

الانتفاضة والعصيان المدني

إن أول عمل من أعمال العصيان المدني في تاريخ القضية قام به الفلسطينيون في عام 1988 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى. جاءت فكرة العصيان من عالم النفس الفلسطيني مبارك عوض، الذي دعا إليها لمدة عامين رغم تجاهل منظمة التحرير الفلسطينية للفكرة.

لكن بعد سنوات أعادت الحركة النظر في فكرتها وبدأ الفلسطينيون حركة واسعة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، والتهرب من دفع الضرائب، وإقامة هيئة هيكلية موازية لإدارة الشؤون الفلسطينية.

وقد أثار العصيان رد فعل عنيف من جانب القوة المحتلة، التي فرضت، من بين تدابير أخرى، حظر التجول، وحظرت استيراد النقود من الأردن إلى الضفة الغربية، وحظرت نقل السلع الفلسطينية بين المدن، وفتحت معسكرات اعتقال لإيواء أعداد كبيرة من السجناء لاحتواء حركة العصيان.

إضراب واحتجاجات في الشيخ جراح تتصاعد

ويعد الإضراب الفلسطيني لعام 2021، والذي يتزامن مع أحداث حي الشيخ جراح وتهجير سكانه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ثاني أكبر إضراب في تاريخ القضية الفلسطينية. وأثرت الأزمة على الضفة الغربية ومناطق عديدة داخل الأراضي المحتلة، وأدت إلى تعطيل العديد من الأنشطة التجارية. وأثارت هذه الخطوة قلق سلطات الاحتلال، لكنها أثارت أيضا صحوة متجددة بين الفلسطينيين على شكل إضرابات ومظاهرات، إلى جانب المقاومة المسلحة التي تزايدت حدتها في الضفة الغربية خلال نفس الفترة.


شارك