المحامون يعترضون على الرسوم القضائية الجديدة

منذ 8 أيام
المحامون يعترضون على الرسوم القضائية الجديدة

• توافق المحاكم على فرض رسوم لاستيعاب التكاليف المتزايدة. نقابة المحامين ترفض القرار وتجتمع لبحث الأزمة • الطويل: ارتفاع الرسوم سيجعل الإجراءات القانونية باهظة الثمن على الجميع. ومحفوظ: القرار سيجبر أطراف القضية على التهرب من العدالة.

أثارت الرسوم القضائية الجديدة التي تفرضها المحاكم مقابل الخدمات التي تقدمها للمتقاضين معارضة كبيرة من جانب المحامين. ويعتقدون أن هذه الرسوم غير قانونية وقد تمنع المواطنين من المطالبة بحقوقهم.

يقوم مجلس رؤساء محاكم الاستئناف حالياً بمراجعة جدول الرسوم الجديد للخدمات الآلية للمتقاضين والمحامين، بعد موافقة العديد من المحاكم كجزء من جهودها لتوحيد وتحديد واحتواء ارتفاع التكاليف. وأعلنت نقابة المحامين رفضها التام لهذه الرسوم وتواصلها مع وزارة العدل.

وتضمن القرار فرض رسوم على خدمة الصيغة التنفيذية لقضايا الأسرة والعمل، محددة بنسبة 50% من الحد الأقصى المحدد، أي 55 جنيها مصريًا بدلاً من 100 جنيه مصري. وينطبق الأمر نفسه على المسائل العائلية المتعلقة بالأجور والنفقات، وكذلك المسائل المتعلقة بالتوظيف التي يقدمها الموظف فيما يتعلق بالشهادات والوثائق والسجلات.

وحدد القرار رسوم فحص حافظات المستندات والصور المعتمدة لتقارير الخبراء بـ33 جنيهاً مصرياً للصفحة الواحدة وبحد أقصى 500 جنيه مصري، باستثناء إجراءات التحكيم. وحدد القرار أيضا رسوم الحصول على الصور الرسمية للأحكام الجنائية بـ33 جنيها مصريا للصفحة الواحدة وبحد أقصى ألف جنيه مصري.

قال محمد راضي مسعود عضو مجلس نقابة المحامين لـ«الشروق»، إن مجلس النقابة يعقد اجتماعاً مع عمداء الفروع بمقر النقابة بمدينة 6 أكتوبر، لمناقشة زيادة رسوم المحاكم التي أقرتها محاكم الاستئناف مؤخراً. وأضاف أن قرارات المجلس سيتم الإعلان عنها قريبا.

من جانبها، أكدت المحامية عزيزة الطويل، بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن زيادة الرسوم بشكل عام سيكون لها تأثير كبير على التقاضي والوصول إلى العدالة، على الرغم من وجود بعض الحالات التي لا يتم فيها فرض رسوم أو يتم تخفيض الرسوم، مثل القضايا أمام محاكم الأسرة أو العمل.

وأوضح الطويل لـ«الشروق» أن الهدف من إعفاء الرسوم هو إتاحة الفرصة للفئات المهمشة للوصول إلى العدالة. ومع ذلك، فإن القرارات الأخيرة بزيادة الرسوم من شأنها أن تحول التركيز عن تمكين هذه الفئات من الوصول إلى العدالة، وتشكل عقبة أمام ممارسة حقوقها.

وأضافت أن تكاليف المحكمة ستؤثر لاحقًا على عدد القضايا وعدد الأشخاص الذين يطلبون المساعدة القانونية، حيث يمكن أن تصل الرسوم إلى عدة آلاف من الجنيهات مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاث سنوات. ويمثل هذا عائقاً يمنع الفقراء من الوصول إلى العدالة ويجبر المحامين على “خفض التكاليف” في تمثيلهم في المحكمة، خاصة وأن التهم تُوجه على الورق.

وقال محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنه من الغريب أن يتم فرض نفس الرسوم على صورة الحكم مثل الرسوم على الصورة الرسمية. ومن ثم فإن فرض هذه الرسوم أمر غير منطقي. وأشارت إلى أن قرار زيادة الرسوم يخالف الدستور والقانون ويقيد حق المواطن في التقاضي الذي أصبح سلعة أو خدمة ولم يعد متاحا للجميع.

وأكدت أن مجلس النقابة يبذل كل جهد ممكن لإلغاء القرارات واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحصول على إبطالها من قبل المحاكم. وأشارت إلى أن المفاوضات بشأن هذه الزيادات مستمرة، وأن المناقشات جارية مع وزير العدل للوصول إلى اتفاق يضمن حقوق المتقاضين ويجنبهم التكاليف الباهظة التي قد يتكبدونها نتيجة لذلك.

من جانبه، أكد المحامي أيمن محفوظ أن الزيادات الأخيرة في رسوم المحاكم، وخاصة للخدمات الآلية، أثرت سلباً وبشكل خطير على قدرة المحامين على تقديم الخدمات القانونية، وتشكل عبئاً على المتقاضين. ويشكل هذا تهديداً خطيراً لمهنة المحاماة، التي تمثل أحد جناحي نظام العدالة.

وأضاف محفوظ أن توجه الدولة نحو التكنولوجيا ورقمنة القضاء خطوة محمودة تتماشى مع رؤية الدولة في تسهيل النزاعات القضائية وتسريع الإجراءات وأرشفة المعلومات القانونية إلكترونيا. ولكن هذه الخطوة لا يجب أن تتعارض مع الحق الدستوري للمواطنين في اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، ولا يجب أن تشكل التكاليف المالية المترتبة على ذلك عائقاً أمام هذا الحق.

وأوضح أن هناك حالات عديدة بدأ فيها بعض المحامين بالتحايل على رسوم الخدمات المرتفعة. على سبيل المثال، قد يقومون بإرسال مجلد مكون من صفحة واحدة ودفع الرسوم، ولكنهم يضيفون لاحقًا المزيد من الصفحات أو يربطون المستندات على أقراص مضغوطة أو محركات أقراص فلاش لتجنب الرسوم. ويظهر هذا أن الرسوم المرتفعة تدفع المتقاضين إلى استخدام أساليب غير مباشرة لتجنب التكاليف بدلاً من اللجوء مباشرة إلى الإجراءات القانونية.

وأشار محفوظ إلى أن عدداً كبيراً من المحامين وأعضاء الجمعية العمومية حاولوا التوصل إلى حلول ودية لثني الجهات المعنية عن تنفيذ هذه الزيادات. وقد تم طرح اقتراحات أخرى مثل الإضراب، ولكن لم يتمكن أي من هذه الأساليب من معالجة جذور المشكلة. وعلاوة على ذلك، فإن الطعن في هذه الزيادات أمام المحكمة الإدارية يظل خياراً قانونياً قابلاً للتطبيق، لأن هذه القرارات إدارية وليست قضائية.

واقترح محفوظ أن تتدخل الدولة بمرسوم سيادي وتتحمل جزءا من تكاليف أتمتة الخدمات القضائية. ومن شأن ذلك أن يحقق التوازن بين التطور التكنولوجي والإمكانات المالية للمواطنين، ويضمن استمرارية المهنة القانونية، ويحمي حق التقاضي باعتباره ركيزة أساسية للعدالة.

أعلنت نقابة المحامين رفضها القاطع لكل القرارات الخاصة بزيادة رسوم وأتعاب المحاكم وخاصة المحاكم العليا الإقليمية لأنها تتعارض مع الشرعية الدستورية. ويواصل الأمين العام التواصل مع كافة الأطراف المعنية.

وتضمنت القرارات، كخطوة أولى في هذا الصدد، تعليق التعامل مع كافة خزائن المحاكم على كافة المستويات في كافة أنحاء البلاد. سيتم الإعلان عن بداية هذا الإجراء لاحقًا.


شارك