خبراء يكشفون لـ«الشروق» التغيرات التى طرأت على شخصية الشرير فى الدراما المعاصرة

منذ 8 أيام
خبراء يكشفون لـ«الشروق» التغيرات التى طرأت على شخصية الشرير فى الدراما المعاصرة

د. جمال فرويز: الأعمال الأخيرة لم تعد تقدم الشرير بشكله المطلق.. لا توجد شخصيات شريرة أو مثالية تمامًا.

د. هالة منصور: المسلسلات الحالية ترسخ مجتمعا يبرر التعاطف مع النماذج المنحرفة من خلال إبراز الجانب الإنساني فيها.

د. فتحي قناوي: تصوير الشرير كشخص مظلوم يحصل في النهاية على حقه يعزز المفاهيم الخاطئة.

وشهد موسم رمضان هذا العام تنوعًا ملحوظًا في تصوير الشخصيات الشريرة. تمكنت كل شخصية من جذب انتباه الجمهور بنجاح، والاستحواذ على اهتمامهم، وحتى كسب تعاطفهم. وهذا ما دفع البعض إلى تبرير أفعالهم والدفاع عنها بدلاً من الشعور بالكراهية والاستياء تجاه أفعالهم.

ويثير هذا التغيير العديد من التساؤلات، أبرزها: ما هي التغييرات التي طرأت على تصوير الشرير في الدراما في السنوات الأخيرة؟ هل تعكس هذه الشخصيات العالم الحقيقي أم أن تصويرها على الشاشة مبالغ فيه بعض الشيء؟

وللإجابة على هذه التساؤلات تواصلت الشروق مع عدد من الخبراء في مجال علم النفس وعلم الاجتماع. ونعرض آراءهم وتحليلاتهم في التقرير التالي: ويرى الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي في الأكاديمية الطبية العسكرية، أن الدراما الحديثة لم تعد تقدم الشرير في صورة مطلقة، بل تضعه في سياق أكثر إنسانية. رغم ارتكابه مخالفات مثل شرب الخمر، إلا أن شخصية أسعد التي يجسدها محمد دياب في مسلسل “قلبي ومفتاحه” تقوم في الوقت نفسه بتوزيع الزكاة ومساعدة المحتاجين. وفي مسلسل “أولاد الشمس” أيضًا نرى أن الشخصيتين الرئيسيتين في العمل، “ولاء” التي يجسدها أحمد مالك، و”مفتاح” الذي يجسده طه دسوقي، يستخدمان العنف في كثير من المواقف، لكنهما لا يزالان يسعيان لإطعام وتعليم الأولاد الآخرين في دار الأيتام، باعتبارهم إخوتهما.

وبحسب فرويسي، فإن هذه النماذج هي انعكاس واقعي؛ لأن كل إنسان يحمل في داخله مزيجاً من الخير والشر، ولا توجد شخصية مثالية تماماً ولا شخصية شريرة تماماً.

لكن الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع، كانت لها وجهة نظر مختلفة، حيث حذرت من أن الشر لم يعد يقتصر على شخصية واحدة في الدراما، بل أصبح ظاهرة عامة تشمل جميع الشخصيات. وأشارت إلى أن الدراما المعاصرة تعتمد الآن بشكل أساسي ومباشر على مشاهد العنف اللفظي والجسدي، متخلية عن الرمزية التي ميزت الأعمال السابقة.

وأضاف منصور أنه لم يعد هناك أي رادع لا ديني ولا أخلاقي، وأن القتل والتآمر والتحرش أصبحت سلوكيات متكررة، بل مبررة أحيانا في سياق الأحداث.

وأكدت أن المسلسلات الحالية تخلق مجتمعا يبرر الشر ويتعاطف مع الشخصيات المنحرفة فقط لأن فيها جانبا إنسانيا. ويظهر ذلك جلياً في شخصيات مثل رجب الجريتلي الذي جسده الفنان ماجد المصري في مسلسل “إش إش”، والذي نال إعجاب الجمهور رغم سلوكياته الفاسدة.

قال الدكتور فتحي قناوي أستاذ علم الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية إن الدراما الحديثة لم تعد تهتم بنقل الرسائل ذات المغزى بقدر ما أصبحت تركز على التشويق والتسويق حتى لو أدى ذلك إلى تشويه الواقع وتخدير الوعي.

وانتقد قناوي تصوير الشرير في الآونة الأخيرة على أنه شخص مظلوم يحصل في النهاية على ما يستحقه. وزعم أن هذا عزز المفاهيم الخاطئة وحوّل المشاهدين من متفرجين إلى متعاطفين مع الجاني. وهذا يتناقض تماما مع القيم الدينية والأخلاقية التي تدعو إلى التسامح واللجوء إلى القانون، ولكن ليس إلى حمل السلاح والمشاركة في أعمال العنف.

وشدد على أهمية أن تستعيد الدراما وظيفتها البناءة والتوعوية من خلال سرد قصة هادفة وتحديد المشكلة وتقديم الحل، بدلاً من نقل العنف دون معالجته، وتبييض صورة المجرم، وتهميش القانون.


شارك