الأوقاف تحدد نص خطبة الجمعة المقبلة

منذ 10 أيام
الأوقاف تحدد نص خطبة الجمعة المقبلة

وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبلة على النحو التالي: “كلمة أنا نور ونار”.

وأوضحت وزارة الأوقاف أن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الناس بالفرق بين من يقول أنا أفضل منك ومن يقول أنا أمنك. وحذرت الخطبة الثانية أيضا بشكل عاجل من ظاهرة رمي الحجارة على القطارات.

عن نص الخطبة:

الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات والأرض ويفعل ما شاء ربنا بعد ذلك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن ربنا وتاج رؤوسنا وقرّة أبصارنا وقرّ قلوبنا محمد عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. والآن:

إن كلمة “أنا” ترتبط في أذهاننا بالغطرسة والأنانية والغرور، وتذكرنا بكلمات الشيطان المدمرة عندما قال: “أنا أفضل منه”. ولكن احذروا يا أعزائي! تأتي كلمة “أنا” في شكلين. النوع الأول هو “نور” حيث يكون “الأنا” مليئا بالمروءة والكرم والمساعدة والأمان. والنوع الآخر هو “نار”، حيث يكون “الأنا” مليئًا بالغرور والغرور والغرور.

أصدقائي الأعزاء، ما أجمل أن نكون بين أصحاب الأنا المتألقة، فهي ذات مكانة عالية، تحظى بالاحترام والتقدير، وتفوح منها رائحة الأمن والفروسية والكرم واللطف لخلق الله. صاحب الأنا المضيئة يمد يد العون للمحتاجين، وينقذ المنكوبين، ويخفف المعاناة. صاحب الأنا المضيئة محبوب من الله وأهل السماء ومعروف في الأرض. ولماذا لا وهو الذي نصب نفسه حامياً للشعب وذبيحاً من أجله؟ ووضع نفسه ودولته وماله وأولاده في مقام الوارث الشريف لمحمد. لا والله! لا يخزيك الله أبداً، فأنت تصل الرحم، وتحمل الأعباء، وتساعد المحتاج، وتكرم الضيف، وتساعد على الحاج. وهنا يصف أنس بن مالك رضي الله عنه حال النبي الكريم فيقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم خير الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس». وفي إحدى الليالي خاف أهل المدينة وخرجوا هرباً من الصوت. فالتقى بهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سبق الناس إلى الصوت فقال: لا تخافوا لا تخافوا، هذا أنا النوراني. “ولما كان يوم حنين حين قُسِّمَتْ الجولة للمشركين، ترجَّلَ أزهَرُهما -صلوات ربي وسلامه عليه- عن بغلته فقاتلهم وهو يقول: أنا النبي لا كذب”.أنا ابن عبد المطلب، وهذا أنا، النور المبارك. فكروا في الأمر!

يا كريم كن من أهل هذه الدنيا المباركة، فإني نور على طريق الأنبياء والأولياء وأهل الفروسية وأهل الشرف وأهل الشجاعة. هل رأيتم هذه الكلمات التي قالها يوسف عليه السلام لأخيه؟! {ولما جاءوا إلى يوسف آوى إليه أخاه. قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يفعلون أنا الخير والنور: أنا أخوك، أنا أمانك، أنا عمودك، أنا ظهرك، أنا سندك، أنا فداك، فلا تحزن، ولا تخف، ولا تحزن، فإن دمك دمي وهمك همي، ومصيرنا واحد، وأملنا واحد!

أيها الكريم، تأمل في هذا الحديث النبوي الفريد المبدع: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تشبع جوعا». وأذهب مع أخ محتاج؛ خير لي من أن أحبس نفسي في هذا المسجد – يعني مسجد المدينة – شهراً، … ومن كان في حاجة إلى أخيه حتى يقضيها له؛ الله يسند قدمه يوم تزل. هل هناك قول آخر بعد هذا القول؟! بفضل أنا النورية تنال جزاء الخلوة في مسجد خير الخلق، والرضا والثبات يوم الزلة.

يا أيها الكريم، أما أنا الناري فاحذر منها؛ فهو مبني على حالة من الكبرياء الكاذب، والشيطان الملعون، ومشاعر التفوق، والاندفاع المتهور، والحماس الجامح، والأنانية المفرطة، والنفس المتغطرسة. لا ينفع صاحبه الناس، ولا يضرهم، ولا ينفع خلق الله. بل هو شخص مواجه، ومتغطرس، ومدمر. شعاره هو “نفسي، نفسي”. ولذلك استحق صاحبها هذا التهديد الإلهي. الكبرياء هو ردائي والعظمة هي ثوبي. كل من ينازعني في شيء من هذه الأمور ألقيه في النار.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين. والآن:

لقد أصبح مجتمعنا مرعوبًا من ظاهرة خطيرة غريبة عن ديننا وتراثنا وعاداتنا، ألا وهي رمي الحجارة على القطارات. وبكل حزن رأينا صورة طفل بريء من ذوي الاحتياجات الخاصة يعاني من إصابات بالغة نتيجة لهذا العمل العدواني والإجرامي. وكأن مرتكب جريمة رجم القطارات لم يكن يعلم أن الإسلام قد قيد أيدينا وفرض علينا عقوبة تأديبية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده». أليس القطار وسيلة نقل تنقل الناس إلى مصالحهم وتعيدهم إلى منازلهم؟! أليس الاعتداء عليهم اعتداء على حرمة الحياة الإنسانية؟! ألم يقل لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)؟

أيها الناس، اعلموا أن المسلم ليس بمعتدي فاسد، بل هو إنسان كريم كريم، يجلب الخير والأمن للعالم، ويحمي أرواح الناس وأمنهم، ويحمي المؤسسات العامة وأموال الوطن والمواطنين، ويعلم أن الاعتداء عليها جريمة تتضمن سلسلة من المظالم، فهي اعتداء على حقوق الدولة، واعتداء على حقوق الأفراد، واستهتار بأمنهم، بل وأرواحهم. وإن شئت فاقرأ يا كريم نهي الله تعالى عن الفساد والعدوان في قوله تعالى: {ولا تبغ الفساد في الأرض بعد إصلاحها}، وقوله تعالى: {ولا تبغ الفساد في الأرض}. إن الله لا يحب المفسدين. ويقول تعالى: {وَلَا تَعْتَدُواْ } إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.

عباد الله، اعلموا أن الوعي بحق الإنسان في الحياة والأمن يحمينا من هذه الظواهر السلبية. فاحتفظ بإيمانك في الحياة وما فيها من حياة وخدمة. انتبه إلى أن الحفاظ على القطارات وصيانتها يضمن حماية الركاب وأرواحهم.


شارك