حرب عالمية بكل المقاييس.. ماذا قال رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي الأسبوعي؟

نحن لا ننوي تغيير الطابع المعماري لمركز المدينة. جميع المباني مدرجة في القائمة وهي ذات قيمة كبيرة، ونحن نعمل على الحفاظ عليها. الإجراءات المتخذة في منطقة الهرم هي محاولة لتسوية الأمر بطريقة حضارية.
قال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مساء اليوم خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي عقب اجتماع مجلس الوزراء، إن هناك العديد من الأحداث المهمة للغاية خلال هذه الفترة، وإنه من دواعي سروري أن أرحب بالدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي سيقدم لنا برنامجًا مهمًا للغاية: برنامج رواد الرقمنة، والذي يهدف إلى تحفيز وتشجيع الشباب المصري على التخصص في هذا المجال المهم للغاية، والذي سيكون عنصرًا أساسيًا لنمو الاقتصاد المصري.
• زيارة الرئيس الفرنسي
بدأ مدبولي كلمته باستعراض أهم أنشطة الأسبوعين الماضيين، قائلاً: “أبدأ كلمتي بما أعتبره زيارةً هامةً وتاريخيةً: زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر التي استمرت ثلاثة أيام. تأتي هذه الزيارة في وقتٍ بالغ الأهمية والحساسية، وتؤكد عمق العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا في مختلف المجالات”.
وتابع رئيس الوزراء: “تابعتم جميعًا الزيارة التي بدأت في يومها الأول بزيارة المتحف المصري الكبير، ثم لقاءً بين الرئيس الفرنسي والرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال جولة في منطقة خان الخليلي. وخلال هذه الجولة، أود أن أعرب عن تقديرنا العميق لدعم الشعب المصري ومواطنيه لقيادتهم السياسية، ولما يتمتعون به من معرفة ووعي وفهم لحجم التحديات الكبرى التي تواجه البلاد والمنطقة، وكذلك للظروف التي نمر بها. ولذلك، كانت رسائل هذه الزيارة إيجابية للغاية، تعكس العفوية والوعي وحفاوة الاستقبال من جانب المواطنين لحضور الرئيس وضيف الشرف”.
واستعرض رئيس الوزراء زيارة الرئيس الفرنسي، قائلا: “اليوم الثاني كان يوم الزيارة الرسمية، وقد تمكنتم من جني ثمار هذه الزيارة المهمة للغاية بتوقيع اتفاقية مهمة للارتقاء بالعلاقات بين مصر وفرنسا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية”. كما تم التوقيع على العديد من المشاريع الثنائية في مجالات مختلفة منها الصحة والتعليم والبنية التحتية والاقتصاد والطاقة. كما عقد منتدى اقتصادي مصري فرنسي مشترك، وزار الرئيسان محطة عدلي منصور، واستقلا الخط الثالث للمترو.
وأضاف مدبولي: “من أهم المشاريع التي تم توقيعها في قطاع الصحة مشروع معهد جوستاف روسي لإنشاء مركز متكامل لعلاج السرطان، بالإضافة إلى ملف الجامعة والشراكة بين عدد من الجامعات المصرية والفرنسية، والمشروع الكبير في منطقة رأس شقير لإنتاج الهيدروجين الأخضر، باستثمارات إجمالية تتجاوز 7 مليارات يورو”.
• القمة الثلاثية المصرية الفرنسية الأردنية
وأوضح رئيس الوزراء أنه في اليوم نفسه عقدت القمة الثلاثية المصرية الفرنسية الأردنية بحضور الملك عبدالله الثاني بن الحسين عاهل الأردن، وتم الاتفاق خلالها على عدة نقاط عمل بشأن الأزمة في قطاع غزة.
وأشار أيضاً إلى الاتفاق الكامل بين رؤساء الدول الثلاثة بشأن الأزمة في القمة، وكذلك إلى المحادثة الهاتفية بين رؤساء دول مصر وفرنسا والأردن مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمناقشة عدد من المشاكل الراهنة في الشرق الأوسط.
وفي كلمته، استعرض مدبولي فعاليات اليوم الثالث والأخير لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر، والتي تضمنت زيارة مشتركة للرئيس السيسي والرئيس الفرنسي لمدينة العريش. وتضمنت الزيارة جولة في مستشفى العريش العام والمركز اللوجستي للهلال الأحمر المصري، وهو المسؤول عن جمع المساعدات الإنسانية المقدمة من مصر وكافة الدول إلى قطاع غزة. وأوضح أن ذلك يعكس موقف مصر القوي الداعم للقضية الفلسطينية وإخوانهم في قطاع غزة، وكذلك العمل الإنساني المتواصل الذي تقوم به الدولة المصرية.
وأكد رئيس الوزراء أن زيارة الرئيس الفرنسي لمصر تأتي في وقت بالغ الأهمية، حيث تعد فرنسا حليفاً استراتيجياً لمصر. وأوضح أن نتائج الزيارة المختلفة في هذا الخصوص جاءت ضمن الإطار الإيجابي المنشود وفي الاتجاه المطلوب.
• الرسوم الجمركية الأمريكية
وفي إشارة إلى الحدث الاقتصادي الأهم الذي نشهده على مستوى العالم حاليا، قال مدبولي إنه بكل المقاييس يمكن وصف هذا الحدث بأنه حرب عالمية. إنها ليست حرباً عسكرية، بل هي حرب تجارية واقتصادية شاملة تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة.
وأضاف أن قرارات الحكومة الأمريكية كان لها تأثيرات عديدة على مختلف اقتصادات العالم، مما دفع العديد من الدول إلى اتخاذ قرارات مختلفة للتعامل مع هذه التأثيرات، قائلاً: “نعيش الآن عصرًا جديدًا، حيث يتم تدمير جميع الثوابت التي نشأنا عليها في السنوات الأخيرة واستبدالها بآليات جديدة، تتمحور جميعها حول فكرة العولمة وتفكيك التحالفات وتحويلها إلى علاقات ثنائية وتبادلية… وكيف يمكن للدول تحقيق مكاسب أكبر”.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الوزراء إلى تحذيرات الخبراء الدوليين من احتمال حدوث موجات جديدة من التضخم المرتفع التي قد تصاحب الركود الاقتصادي العالمي. وأشار إلى أن البنك الدولي والعديد من المؤسسات الدولية حذرت من عواقب مثل هذه الأحداث: “نحن نواجه وضعا مضطربا… عنوانه: يجب على كل دولة أن تعمل على الصمود والمضي قدما والبقاء في ظل هذه الظروف المضطربة من أجل تجنب المزيد من الآثار السلبية للظروف السائدة”.
وأشار رئيس الوزراء إلى انهيار أسواق الأسهم العالمية وكذلك التدفقات الخارجية الضخمة للأموال الساخنة (الاستثمارات الأجنبية) المغطاة بأدوات مالية مثل سندات الخزانة والسندات، والتي نلاحظها في كافة الأسواق العالمية. ولم تكن مصر بعيدة عن هذه القضية. شهدنا خلال اليومين الماضيين الأحد والاثنين هجرة بعض الأجانب. لقد تحسنت هذه الحالة بالأمس واليوم. وهذا يؤكد أن ما يحدث في مصر هو بالفعل نفس الشيء الذي يحدث في مختلف دول العالم. ونحن لسنا استثناء، ولذلك قمنا بمعالجة هذه القضية من خلال البنك المركزي والسياسة النقدية. وفي هذا الصدد، كان هناك تنسيق مكثف على مدار اليوم، وتم حل حوادث الأيام القليلة الماضية.
وأكد مدبولي أن اهتمامنا الرئيسي كحكومة خلال هذه الفترة هو الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني، ومواصلة تحقيق معدلات النمو الإيجابية التي نستهدفها للدولة المصرية، وتجنب قدر الإمكان الآثار والعواقب السلبية الكبيرة التي يمكن ملاحظتها على مستوى العالم. وأشار إلى أنه كلف المجموعة الاقتصادية بإعداد سيناريوهات واضحة لمعالجة كل هذه التحديات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن اجتماعا مع أعضاء المجلس الاستشاري الاقتصادي سيعقد أيضا الأسبوع المقبل. ولبحث الإجراءات ودراسة الأفكار التي يمكن طرحها في هذا الشأن، أكد أن هذه التحديات سيتم معالجتها بشكل شامل، لأن الأمر لا يقتصر على ما نعيشه هذه الأيام. هناك آراء واتجاهات تفترض أن هذا الوضع سوف يستمر لبعض الوقت. نحن بالفعل في خضم حرب اقتصادية عالمية، ولذلك يتعين علينا أن نعمل على تعميق تكاملنا مع مجموعة أوسع من الشركاء التجاريين. وعلاوة على ذلك، يتعين علينا أن نعمل على تأمين احتياجاتنا الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية والطاقة، مع مواصلة الإصلاحات الاقتصادية. وفي الوقت نفسه، يجب علينا مواصلة دعم وتعزيز المنتج المحلي مع السعي إلى تقديم حوافز كبيرة خلال الفترة المقبلة وفي نفس الوقت مواصلة تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأضاف مدبولي: “إن هذا الوضع يحمل في طياته تحديات، لكنه يوفر أيضا فرصا”. وأشار إلى أن العديد من التقارير الدولية أشارت إلى أن بعض الدول ومن بينها مصر من المرجح أن تستفيد من هذه التحديات الصناعية والاستثمارية، فضلاً عن موقعنا الجغرافي. وأشار أيضاً إلى أنه سيكون من المهم للغاية تشكيل تحالفات عالمية جيدة في الفترة المقبلة.
وأكد أن كافة الفئات؛ سواء كانت مجموعات حكومية أو مجموعات اقتصادية أو مجلس تنسيق السياسة النقدية والمالية أو اللجان الاستشارية الاقتصادية، فسوف يعملون جميعاً على فهم كل السيناريوهات المحتملة التي قد تنشأ من أجل معالجة هذه التحديات.
ووجه رسالة طمأنة للمواطنين المصريين: “نعمل على كل ما يحدث، وأوضاعنا مستقرة وجميع احتياجاتنا متوفرة، ونعمل بجد بما في ذلك الطاقة حتى نتمكن من تلبية احتياجاتنا في الصيف المقبل”. وأشار إلى أن هناك اجتماعات دورية تعقد مع وزراء الكهرباء والنفط والمالية ومحافظ البنك المركزي. ولمعالجة هذه المشكلة، تعمل الحكومة على استقرار الوضع في هذا الصدد.
واستكمل مدبولي استعراضه لأهم الأحداث الأخيرة، قائلاً: “شهدتم خلال الأيام الماضية موافقة البرلمان الأوروبي على المرحلة الثانية من الشراكة الاستراتيجية مع مصر، والتي تتضمن 4 مليارات يورو كمساعدات مباشرة. وستبدأ مراحل التنفيذ، بإذن الله، بعد موافقة البرلمان. وهذه خطوة جيدة جدًا تعكس إدراك الاتحاد الأوروبي لأهمية مصر والشراكة الاستراتيجية معها خلال الفترة المقبلة”.
وتابع رئيس الوزراء: “لقد خطونا اليوم خطوةً مهمةً بتوقيع اتفاقيةٍ صباح اليوم بين صندوق مصر السيادي، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وعددٍ من بنوك الاستثمار والشركات الاستشارية. والهدف هو تقديم عرض استحواذٍ على شركاتٍ تابعةٍ لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع بدوره للقوات المسلحة. وهذا الأمر يهمنا جميعًا. واليوم شهدنا توقيع الاتفاقية مع صندوق مصر السيادي، الذي يقدم عرض استحواذٍ على جميع الشركات التي أُعلن عنها سابقًا، بما في ذلك الوطنية، وشل أوت، وسيلوفودز، وصافي”.
وأضاف: “الجانب الأهم هو أيضًا شركة الطرق. وقد ناقش عدد من الخبراء الاقتصاديين إمكانية طرح بعض الطرق لإدارتها من قِبل شركات خاصة، مما يُحقق عائدًا تجاريًا. ولذلك، كلفنا شركات استشارية وبنوك استثمارية بإجراء إعادة الهيكلة. وكما وعدنا، سنبدأ بطرح بعض هذه الشركات هذا العام، ونُكمل الباقي في عام ٢٠٢٦. ويجري كل هذا في إطار خطة الدولة لسحب الاستثمارات، وعملية طرح أصول الدولة وتعظيم فوائدها”.
• الاستفادة من ساحة الوزارات ووسط المدينة
قال مدبولي: “عُقد اجتماع آخر بشأن استغلال ساحة الوزارات ومنطقة وسط المدينة. وأود أن أؤكد أن إحدى أهم نتائج الاجتماع الأخير هي أننا سنكون مستعدين لطرح هذه المنطقة بحلول يونيو المقبل، أي خلال شهرين. الهدف من عملية الطرح هو استغلال أصول الدولة ومباني الوزارات الشاغرة لإعادة استخدامها بشكل مجدٍ مع الحفاظ على الطابع العمراني والمعماري للمنطقة – وهي نقطة قرأت عنها كثيرًا. هل تنوين تغيير مظهر المباني؟ بالتأكيد لا، فجميع المباني مُدرجة وذات قيمة عالية، ونحن نعمل على الحفاظ عليها وعلى طابع المنطقة نفسها. ومع ذلك، فإننا نعمل على تحقيق أقصى استفادة ممكنة منها من خلال زيادة عدد الغرف والمرافق السياحية التي تخدم السياحة.”
• منطقة الهرم
وفيما يتعلق بمنطقة الأهرامات، قال رئيس الوزراء: “بدأنا أيضًا عمليات تجريبية في منطقة الأهرامات، وكنت أتابع أحداث الأيام الماضية. لكن اليوم، ولله الحمد، تعود الأمور إلى طبيعتها. حددنا موعدًا لعملية تجريبية حتى مايو، مما سيساعدنا على فهم ما قد يحدث أثناءها، لا سيما أننا نغير مدخل ومخرج منطقة الأهرامات. وقد وردتنا شكاوى متكررة حول هذا الموضوع، ويتساءل الجميع: إلى متى ستظلون، حكومةً ودولةً، صامتين حيال هذا الأمر؟” الإجراءات المتخذة اليوم هي محاولة لوضع الأمر في نصابه الصحيح بطريقة حضارية وسليمة. سيستغرق هذا الأمر وقتًا. وكما ذكرتُ سابقًا، حددنا شهر مايو/أيار موعدًا نهائيًا للتوصل إلى حل نهائي، حتى يسود أسلوب حضاري، ولا نتلقى أي شكاوى أخرى بشأن الممارسات غير المسؤولة في هذا المجال المرموق.
وأشار مدبولي إلى أنه تم عقد اجتماع أيضا هذا الأسبوع مع وزير الاتصال البرلماني والقانوني والسياسي، وهو عضو مجلس أمناء الحوار الوطني. وكان الهدف من اللقاء مناقشة ودراسة كيفية استغلال جهود آلية الحوار الوطني للاستفادة من الوضع السياسي في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي طرح الأفكار والرؤى التي من شأنها أن تساعد في إدارة التطورات على الأرض بالتعاون مع الشركاء والدول المجاورة، في ظل الظروف الحالية. وسوف نستفيد أيضًا من الأفكار المتعلقة بالدراما والإعلام ونتعلم كيف يمكننا المساهمة في تطوير هذا المجال المهم بالتوازي مع عمل لجنة الوزراء التي تم تشكيلها حول هذا الموضوع.
واختتم رئيس الوزراء تصريحاته بالإشارة إلى أننا نسعى إلى جمع مجموعة متنوعة من الأفكار والآراء التي تساعد على الوصول إلى الشكل الأمثل للملف الإعلامي والدراما في الفترة المقبلة.