السلة الغذائية للضفة الغربية.. لماذا يتعمد الاحتلال الإسرائيلي استهداف مخيم جنين؟

منذ 8 أيام
السلة الغذائية للضفة الغربية.. لماذا يتعمد الاحتلال الإسرائيلي استهداف مخيم جنين؟

منذ شهرين ونصف، يتعرض مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين لحملة عسكرية إسرائيلية غير مسبوقة. وتعرضت أجزاء كبيرة من المخيم للتدمير، وتظهر صور الأقمار الصناعية كيف تغير مظهر المخيم. ويأتي ذلك وسط مخاوف أثارها مسؤول فلسطيني في تصريحات إعلامية بشأن وجود خطة لإخلاء المخيم. وشهدت الأرض بطولات المقاومة الفلسطينية، فيما يواصل المخيم حماية الضفة الغربية من مخططات الاحتلال.

وتسرد صحيفة الشروق، نقلاً عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وموقعي نيويورك تايمز وميديا لاين، أهم المعلومات عن مخيم جنين وأهميته التي قد تدفع الاحتلال الإسرائيلي للمطالبة بإخلائه.

مخيم جنين والدور الاستراتيجي

يقع مخيم جنين في نقطة رئيسية بين نهر الأردن والخط الأخضر الذي يفصل الضفة الغربية عن الأراضي المحتلة. ويحدها من الشمال منطقة مرج ابن عامر الخصبة التي تحظى باهتمام كبير من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وبفضل موقعه الخصيب، يعتبر المخيم سلة الخبز للضفة الغربية. لكن دوره لا يقتصر على هذا، إذ أن المسافة الكبيرة بين مخيم جنين ومدينة رام الله خلقت بيئة خصبة لنمو حركات المقاومة المسلحة التي تستخدم المخيم كرأس حربة للهجمات على الأراضي المحتلة، وفي الوقت نفسه تقف في طليعة التصدي لمحاولات توسيع الاستيطان في الضفة الغربية.

ومن رحم الشتات ولدت الأسطورة.

وينحدر سكان المخيم من سكان حيفا وجبال الكرمل الذين هجروا بسبب هجمات العصابات الصهيونية خلال حرب عام 1948. تم إيواء النازحين في معسكر بريطاني مهجور ثم تم نقلهم إلى محطة سكة حديد عثمانية مهجورة. وفي عام 1953 قررت الأونروا بناء المخيم شمال جنين. قام النازحون ببناء منازلهم من الطين، وفي وقت لاحق، في سبعينيات القرن العشرين، تم توسيع المخيم إلى مبانٍ أسمنتية. في عام 2023، وصل عدد سكان المخيم إلى أكبر عدد له وهو حوالي 15 ألف نسمة.

-عش الدبابير

ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية مخيم جنين بأنه “عش الدبابير”. وبفضل المقاومة الشرسة التي أبداها سكان المخيم، اشتعلت شرارة النضال داخل المخيم مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وكانت جماعتا النمور السوداء والنسور الحمراء، التابعتان لمنظمة التحرير الفلسطينية، حاضرتين لتنظيم الأعمال المسلحة، إلا أن المخيم لم يكن قائداً لنضالات المقاومة في ذلك الوقت.

وبلغت بطولة المخيم ذروتها خلال انتفاضة الأقصى عام 2002، حيث نفذت حركات المقاومة عدة عمليات استشهادية ضد المستوطنين، كان أعنفها مقتل 29 إسرائيلياً. ورد الجيش الإسرائيلي بهجوم واسع النطاق باستخدام الطائرات المروحية والجرافات. قُتل المئات من الفلسطينيين، نصفهم من المدنيين. وتعرضت عشر مساحة المخيم للتدمير، وتشردت 400 أسرة. لكن الهجوم الإسرائيلي لم يخلو من الخسائر، حيث أوقع المقاومون 23 جندياً في صفوف جيش الاحتلال.

-محاولة قمع

واقترح وزير الإسكان في السلطة الفلسطينية آنذاك نقل المخيم بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت به. إلا أن المشروع قوبل بالرفض من جانب السكان الذين اعتبروا المخيم رمزا لا غنى عنه للمقاومة. وتأخرت عملية إعادة الإعمار حتى قامت الأونروا بتنفيذها رغم الضغوط الإسرائيلية. ومن بين القتلى مدير المشروع الرئيسي في المخيم الذي قتل برصاص قناص إسرائيلي.

-الهجمات المتكررة والتدمير

لقد اختفى مخيم جنين عن الأنظار باعتباره مركزاً للمقاومة، ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يحدث الهروب من سجن جلبوع. وبفضل جهود مجموعة من الشباب الذين أصبحوا فيما بعد كتيبة جنين، تم تحرير أسيرين من المخيم. وضمت هذه الكتيبة مقاتلين من مجموعات شبابية مختلفة، وبدأت بتنفيذ هجمات عنيفة على الحواجز الإسرائيلية.

وتستهدف دولة الاحتلال المخيم وتخطط لتكرار اجتياحه في يناير/كانون الثاني 2023، في حملة غير مسبوقة منذ مجزرة جنين التي راح ضحيتها نحو 20 مقاوماً ومدنياً. وسرعان ما كررت دولة الاحتلال هجماتها بالطائرات المسيرة على المخيم خلال انتفاضة الأقصى. وأدى ذلك إلى شن عدة غارات جوية أسفرت عن مقتل العشرات، بينهم عدد كبير من المدنيين.

منذ بداية عام 2025، يتعرض المخيم لاقتحام إسرائيلي عنيف، مما أدى إلى دمار واسع النطاق داخل المخيم ويهدد بمحو طابعه، مما أدى إلى نزوح عدد كبير من العائلات.


شارك