رقص على دماء الأجداد.. لماذا أثارت زيارة نتنياهو للمجر انتقادات داخل دولة الاحتلال؟

قال مؤرخ إسرائيلي بارز إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “رقص على دماء أجدادنا” خلال زيارته الأخيرة إلى المجر. واتهمه بتقويض الذاكرة الجماعية لليهود، وتهدئة محاولات حكومة بودابست لتبييض الماضي الفاشي.
في مقال شديد اللهجة في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، انتقد البروفيسور إفرايم شوهام، المؤرخ المتخصص في التاريخ اليهودي وزعيم حركة الاحتجاج “أنقذوا بيتنا المشترك”، نتنياهو بشدة، قائلاً إنه “اختار دعم أولئك الذين يشوهون التاريخ بدلاً من مواجهتهم”.
وأوضح أن حكومة فيكتور أوربان في المجر تواصل تعزيز “الحنين إلى حقبة قومية مظلمة” في حين تحاول التقليل من جرائم نظام الصليب السهمي، الحركة الفاشية التي تعاونت مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.
وأضاف شوهام شتاينر: “هذه ليست خطوات غامضة أو غير مقصودة، بل هي محاولة متعمدة لإعادة كتابة التاريخ بطريقة أكثر قبولاً تخدم المشروع القومي اليميني”. وأضاف: “ورئيس وزراء إسرائيل، ابن مؤرخ مشهور كرس حياته لدراسة تاريخ اليهود واضطهادهم، لا يكتفي بالصمت إزاء هذه المهزلة، بل يشارك فيها”.
ووصف الزيارة بأنها “عطلة نهاية أسبوع من الدلال والتألق: نخب الشمبانيا، والمآدب الفخمة، وفرص التقاط الصور في المواقع التاريخية”، مضيفا: “كانت، بالمعنى الحقيقي للكلمة، رقصة على دماء أسلافنا”.
في المقابل، أشار الكاتب إلى التناقض الصارخ بين المشهد البهيج في بودابست ومعاناة الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة، وكتب: “على بُعد ساعات فقط، لا يزال عشرات الرهائن محاصرين في أنفاق حماس. صرخاتهم تذهب أدراج الرياح، وخاطفوهم بلا رادع، ورئيس وزرائهم غائب وصامت وغير فاعل”.
اعتبر شوهام شتاينر هذا الغياب أكثر من مجرد فشل سياسي؛ وقد مثّل ذلك “انهيارًا أخلاقيًا”، إذ كتب: “إن رئيس الوزراء الذي لا يستطيع التمييز بين الذاكرة والتلاعب يُقامر بمستقبل المجتمع الإسرائيلي. ومن يرغب في إخفاء الحقيقة في بودابست لن يتردد في تحريفها في القدس أو تل أبيب”.
وأشار إلى أن المسألة تتعلق بانقسام سياسي داخلي، مؤكدًا: “هذا ليس جدلاً بين اليمين واليسار، بل لحظة حاسمة تتطلب وضوحًا أخلاقيًا. عندما يمنح زعيم الدولة اليهودية الشرعية لمن يسعون إلى إعادة كتابة الهولوكوست، فإنه ينتهك ذكرى من يُفترض به تكريمهم”.
وأضاف “إنه يشوه ذكرى جدي، كما يشوه ذكرى أجدادكم”. ومع اقتراب يوم ذكرى الهولوكوست، من المتوقع أن يظهر نتنياهو في الحفل المقام في ياد فاشيم في القدس، ويضع إكليلا من الزهور، ويهاجم إيران ويردد الشعار التقليدي “لن يتكرر هذا أبدا”. ولكن بحسب المؤلف فإن “صورته ستبقى حاضرة، صامتة، آسرة ولا تنسى في بودابست”.
واختتم مقاله قائلاً: “أقول لطلابي دائمًا: التاريخ ليس ما نتذكره فحسب، بل ما ننساه أيضًا، وهذا النسيان يُسبب ضررًا حقيقيًا. يجب على نتنياهو أن يرحل، ليس فقط بسبب الفساد أو الفشل الإداري، بل لأنه فشل في مهمتين أساسيتين: حماية شعبه، وإحياء ذكراهم بكرامة ونزاهة وصدق”.