الطفل الذي كبُر خلف القضبان.. كيف تحولت صورة الأسير الفلسطيني أحمد مناصرة إلى صرخة حرية على مواقع التواصل؟

تتصدر صورة إطلاق سراح الأسير الفلسطيني أحمد مناصرة من القدس مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت هناك دعوات واسعة للإفراج عنه منذ سنوات. وتعرضت مناصرة لتعذيب جسدي ونفسي، وهو ما تم توثيقه في العديد من مقاطع الفيديو. وأثار ذلك غضبا واسع النطاق وإدانة للمعاملة الوحشية التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون على يد شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
بعد تسع سنوات من السجن، عانقت شمس الحرية جبين مناصرة بعد أن قضى طفولته ومراهقته في الحبس الانفرادي، يعاني من أمراض نفسية وجسدية، ويحرم نفسه من فرصة رؤية عائلته.
وتقدم صحيفة الشروق سرداً موجزاً لتجربة الأسير الفلسطيني أحمد مناصرة، والتي أدت، بحسب وكالة فرانس برس ومجلة دراسات فلسطين وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، إلى انتشار صوره على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإفراج عنه.
اسحب الجرحى
بدأت محنة مناصرة في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الثالثة. كان يبلغ من العمر 13 عاماً، وكان برفقة ابن عمه البالغ من العمر 15 عاماً عندما فاجأتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق النار. وزعموا أن الطفلين حاولا تنفيذ هجوم بالسكين على المستوطنين. ولقي ابن عم مناصرة حتفه على الفور، فيما أصيب أحمد بجروح، وسط موجة من الإهانات البذيئة من قبل أحد المستوطنين، والتي تم تصويرها بالفيديو. ولم يكتف المستوطنون بإهانته، بل قاموا بضربه وسحبه وهو ملقى على الأرض مغطى بالدماء.
أنا لا أتذكر.
تم نقل أحمد إلى العناية المركزة لتلقي العلاج من إصاباته، ولكن قبل أن يتم استكمال علاجه تم اقتياده للتحقيق. ويظهر في مقطع فيديو مسرب محققًا إسرائيليًا وهو يستجوب أحمد مرارًا وتكرارًا بلهجة قاسية. ثم يبدأ الصبي البالغ من العمر 13 عامًا في البكاء بلا انقطاع ويقول مرارًا وتكرارًا: “لا أتذكر… لست متأكدًا”.
وانتشر الفيديو على نطاق واسع، ما أثار موجة من الإدانة والمطالبات بمعاملة أفضل للأطفال في السجون الإسرائيلية. لكن هذا لم يخفف من معاناة ماناسرا، إذ حُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة بلغت نحو 50 ألف دولار.
العنف النفسي والجسدي
أثناء اعتقاله تعرض أحمد للضرب مما أدى إلى كسر في الجمجمة. ولم يتلقى العلاج اللازم، مما أدى إلى إصابته بالصداع المزمن. وتعرض أيضًا للتعذيب النفسي، بما في ذلك الحرمان من النوم، والحبس الانفرادي، والحرمان من الحصول على الأدوية النفسية والاستشارة النفسية. مما أدى إلى إصابته باضطرابات نفسية، بحسب شهادة طبيب نفسي زاره ذات مرة.
وأثارت صورة أخرى له من نفس الفترة (2018) تفاعلات كثيرة بين العرب على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها لم تغير من معاناته. ومع ذلك، وبفضل استئناف قدمته عائلته، تم تخفيض حكم سجنه من 12 إلى 9 سنوات.
الحرية بلا ظلم
وقد قضى مناصرة مدة عقوبته التي قضاها في الحبس الانفرادي. وصلت عائلته إلى سجن النقب في 10 أبريل/نيسان 2025، وانتظرت إطلاق سراحه، لكنها لم تراه مرة أخرى. اعتقلت شرطة الاحتلال الشاب أحمد، وتركته في منطقة صحراوية نائية قرب بئر السبع. وهناك استقبله أحد البدو وأخبر عائلته التي كانت تنتظره بمكانه البعيد حتى يتمكنوا من اصطحابه.
تم حرمان مناصرة من اللقاء الأول مع عائلته بعد إطلاق سراحه، دون مراعاة مشاكل صحته العقلية الناتجة عن الحبس الانفرادي والتعذيب.