حزب الوعي ينتقد توقيت زيادة أسعار المحروقات.. ويطالب بخطط للمستقبل وحزم للحماية الاجتماعية

منذ 7 أيام
حزب الوعي ينتقد توقيت زيادة أسعار المحروقات.. ويطالب بخطط للمستقبل وحزم للحماية الاجتماعية

أعرب حزب الوعي عن قلقه العميق إزاء التطورات الاقتصادية الأخيرة التي تؤثر بشكل مباشر على معيشة المواطن المصري. إن هذه التطورات، وخاصة قرار زيادة أسعار الوقود بنسب متفاوتة، وتصريحات رئيس الوزراء التي أكد فيها بوضوح أنه غير قادر على بلورة رؤية مستقبلية بسبب “التغييرات المتتالية”، “تعكس أزمة تخطيط، وخللاً في تحديد الأولويات، وتراجعاً كبيراً في الجاهزية والانفتاح”.

وفي بيان له اليوم، قال الحزب: “على الرغم من أن قرار زيادة أسعار الوقود هو جزء من برنامج الإصلاح المالي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، إلا أن التوقيت والتوزيع غير المتكافئ وعدم وجود إجراءات مصاحبة لحماية الفئات المتضررة يثير تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت الحكومة على علم بعواقب هذا القرار ومن يتحمل التكاليف فعليا”.

واعتبر أن “القرار اتخذ في وقت كان من الممكن تأجيل تنفيذه نظراً للانخفاض النسبي في أسعار الطاقة العالمية، واستمرار الحرب التجارية العالمية وتأثيرها التضخمي، وارتفاع معدلات التضخم المحلية رغم الانخفاض النسبي الأخير”.

كما أوضح التقلبات غير المتوازنة في معدلات النمو بين أنواع الوقود. ارتفعت أسعار أسطوانات غاز البوتان بنسبة 25%، رغم أنها لا تزال تستخدم من قبل العديد من الأسر في القرى والمناطق التي لا تصلها الغاز. وارتفعت أيضاً أسعار الديزل والكيروسين (المستخدمان في النقل والخدمات العامة والزراعة، ويستهلكهما الفقراء) بنحو 15 في المائة. ومع ذلك، بالنسبة لأنواع البنزين الأكثر شعبية بين فئات الدخل المرتفع، تراوحت الزيادة في الأسعار بين 11 و12.7 في المائة.

وانتقد الحكومة لعدم إعلانها عن آليات جديدة لحماية الفئات المتضررة، رغم أن هذه الزيادات ستؤدي حتما إلى ارتفاع تكاليف النقل وأسعار السلع الأساسية. ورغم أن الحكومة أعلنت في فبراير/شباط الماضي عن زيادة قدرها 25% في قيمة معاشات التكافل والكرامة، فإن هذه الزيادة لا تعوض إلا جزئياً عن خسارة القدرة الشرائية للمستفيدين، وهي غير كافية لمواجهة الآثار التراكمية والناشئة للتضخم.

وفيما يتعلق بتصريحات رئيس الوزراء بأنه “غير قادر على بلورة رؤية حتى للشهر المقبل”، قال الحزب: “إنها تزيد من حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي وترسل رسائل سلبية للمستثمرين المحليين والأجانب في وقت نحتاج فيه إلى استعادة الثقة وتحسين الاستقرار”.

وأكد أن تأثير ارتفاع الأسعار لن يقتصر على الوقود فقط، بل سيؤثر بشكل مباشر على تكلفة النقل العام والخاص، ما سيؤثر بدوره على أسعار الخضراوات والفواكه والمواد الغذائية الأساسية. وهذا يخلق حلقة مفرغة من التضخم الذي كنا في الواقع نريد الهروب منه بدلاً من الوقوع فيه مرة أخرى. وأصبحت هذه الدورة لا تطاق بالنسبة للأسر، وتضعف قدرة الدولة على التحكم في الأسعار أو ضمان الحد الأدنى من استقرار السوق.

جاء في البيان: “لا ينكر حزب الوعي جسامة التحديات العالمية، بما في ذلك الاضطرابات الجيوسياسية المستمرة، واضطرابات سلاسل التوريد، وتقلب أسعار الغذاء والطاقة، وتغير المناخ وآثاره الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فهو مقتنع بأن الحوكمة الرشيدة لا تعني الاستسلام للمجهول، بل الاستعداد له. لقد أصبح العالم اليوم أكثر تقلبًا، مما يتطلب من الحكومات وضع سيناريوهات متعددة، وتطبيق تخطيط مرن، واستخدام أدوات إدارة الأزمات والتنبؤ بالمخاطر”.

وأوصى الحزب باستثمار جزء كبير من الوفورات الناتجة عن خفض دعم الطاقة في تحسين الحماية الاجتماعية للفئات المستحقة. ويجب أن يتم ذلك من خلال الدعم المباشر لأسطوانات غاز البوتان للأسر التي لا تمتلك توصيلات الغاز، ومن خلال توسيع نطاق برامج التكافل والكرامة لتشمل المزيد من الأسر الأكثر عرضة للوقوع في براثن الفقر.

ودعا إلى الإعلان بشفافية عن خطة لإنفاق جزء من الوفورات المحققة في التعليم والصحة والبنية التحتية الإنتاجية وزيادة الإنفاق العام على هذه القطاعات كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، بما يدل على التزام حقيقي بتحسين نوعية الحياة.

ودعا إلى إنشاء أو تفعيل وحدة دائمة للتخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات تابعة لمكتب رئيس الوزراء، وتضم خبراء من مختلف التخصصات. وتتمثل مهمة هذه الوحدة في تطوير عدة سيناريوهات للتعامل مع الأزمات، مع إيلاء اهتمام خاص لسيناريوهات أسوأ الحالات، لأن هذا من شأنه أن يزيد من مرونة الاقتصاد ويحسن قدرته على تحمل الصدمات المستقبلية.

وأوصى باتخاذ إجراءات فعالة لتحفيز الإنتاج المحلي في الزراعة والصناعة وقطاع الخدمات بهدف تقليل الاعتماد على الواردات وضمان وفرة المعروض. ومن شأن هذا أن يخفف الضغوط التضخمية على المواطنين المصريين ويجعل من المستحيل عليهم تحمل المزيد من الأعباء دون تحسن ملموس في دخولهم ونوعية حياتهم.

ودعا أيضا إلى إشراك المجتمع المدني والخبراء في مناقشة التدابير المتعلقة بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والاستماع إلى اقتراحاتهم من أجل تعزيز الثقة وتحقيق شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع.

وأخيراً أكد البيان أن غياب الرؤية ليس قدراً محتوماً، بل هو تعبير عن غياب أدوات التخطيط السليم ورفض الاستفادة من الخبرات الموجودة. الأزمة اليوم لا تقتصر على ارتفاع الأسعار. بل إنه يكشف عن تآكل تدريجي للبعد الاجتماعي للسياسة وعن عدم القدرة على بناء قاعدة إنتاجية قادرة على تلبية الطلب وتقليص فجوة الواردات.

وأضاف: “إننا في حزب الوعي على قناعة بأن معالجة هذا الخلل تتطلب تنمية حقيقية قائمة على إصلاحات بناءة تعالج جذور الأزمة وتعزز مناعة الاقتصاد. ومصر، بما تملكه من إمكانيات بشرية واقتصادية، قادرة على تجاوز الأزمات إذا ما اندمجت في إطار مؤسسي يستشرف المستقبل ويستعد له بوعي وكفاءة، لا بمجرد رد الفعل، بل باستشرافه بخطوات واثقة”.


شارك