بيتر بروك.. الغائب الحاضر في مهرجان الفضاءات المسرحية

منذ 2 أيام
بيتر بروك.. الغائب الحاضر في مهرجان الفضاءات المسرحية

يواصل مهرجان المسرح المتعدد المساحات تحت إشراف الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون تقديم أنشطته ليس فقط في صورة عروض مسرحية، بل أيضاً في إطار الأمسيات الثقافية التي وصفها الناقد جرجس شكري بأنها ليست ندوة عادية، بل منتدى علمي أكاديمي.

جاء ذلك في الأمسية الثانية بقاعة ثروت عكاشة بالأكاديمية بحضور الدكتور محمود فؤاد صدقي مدير المهرجان والدكتور ياسر علام والدكتورة أسماء حجازي. كان محور الأمسية هو المخرج المسرحي الإنجليزي بيتر بروك.

أدار الأمسية الناقد جرجس شكري، الذي بدأ كلمته بالكلمات التالية: “لا يمكن أن نكون في مهرجان يُعنى بالفضاءات المسرحية دون أن نتحدث عن المخرج بيتر بروك. والأمر لا يقتصر على الكلمات. فقد أصدرت إدارة المهرجان، بكل سرور، كتابًا عنه يُلخص أهم المحطات في تاريخه”.

وأضاف شكري أنه في عام 1966، قدمت بروك مسرحية بعنوان “نحن الولايات المتحدة”، وهي مسرحية ضد حرب فيتنام. وأوضح أن المصريين تعرفوا على بروك من خلال الناقد والمترجم فاروق عبد القادر، الذي ترجم كتاب بروك «الغرفة الفارغة». بروك هي التي أدخلتنا إلى ما يسمى بالمسرح القاتل أو المسرح القاسي للملل والرتابة.

كما تم عرض فيديو لمقابلة أجرتها الزميلة بولا ميشيل أسامة مع نجل المخرج الراحل بيتر بروك، المخرج السينمائي سيمون بروك. وأشار فيها إلى أن حياة بطرس كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بكتابات شكسبير.

وبعد ذلك تتحدث الدكتورة شيماء توفيق عن أسلوب بروكس وكيف أحيا المسرح وطوره وجعله ينمو من مجتمع إلى آخر وهو طموح حياته. وشرحت محتوى الكتاب الذي أصدره المهرجان، وهو عبارة عن مجموعة من كتب بروكس ومقالاته وخطاباته بمناسبة يوم المسرح العالمي في عامي 1969 و1988.

أما الجزء الثاني من الأمسية فكان احتفالاً بالذكرى المئوية لميلاد الفنان التشكيلي صلاح عبد الكريم. أول تصريح بشأن حقوقه جاء من الفنانة التشكيلية الدكتورة إيمان نبيل مديرة المتحف المصري الحديث. وقالت إن عبد الكريم أبدع خلال حياته في إعداد ديكورات نحو 80 مسرحية وأوبريت، من بينها مسرحيات شمس النهار والسلطان الحائر وأوبريت مهر العروسة. كانت أغلب هذه الأعمال مخصصة لدار الأوبرا الخديوية، التي احترقت.

وأضاف إيمان أنه يرى المسرح بمثابة فضاء واسع يعبر فيه عن أكثر من مكان. على سبيل المثال، كان أيضًا نشطًا في مجال النحت وأصبح مشهورًا بهذا. بداياته كانت مع سمكة حديدية شارك بها في بينالي ساو باولو في البرازيل. كان عبد الكريم مولعًا بالتفاصيل المتطرفة وكان يحب دمجها مثل الدانتيل. كان تجريبيًا من خلال ثورته ضد المواد التقليدية.

وبعد ذلك تحدث المخرج المسرحي صبحي الحجار عن صلاح عبد الكريم الذي درس الديكور وشارك في تأسيس قسم الديكور في معهد الفنون السينمائية والمسرحية. كان خطابه يدور حول ثلاثة محاور: الأول هو وحدة الفنون، حيث لا توجد تقسيمات بين الفنون البصرية ويجب على كل مخرج مسرحي أن يكون لديه رؤية جمالية وتشكيلية ويجب أن يضيف إليها العناصر السمعية.

وأشار الحجار إلى أن عبد الكريم لم يكن له أسلوب فني موحد، إذ كان يتأرجح بين التكعيبية والسريالية والتعبيرية، وبدأ بالرمزية عام 1965 وعمل على الخدع المنظورية في تصميم المسرح.

واختتم الحجار حديثه بالإشارة إلى أن إتقان كل عمل فني من أعمال عبد الكريم ليس وسيلة لكسب لقمة العيش، بل هو مشروع مدى الحياة من خلال اكتشاف المواد التي يعمل بها، سواء الخشب أو النفايات.

واختتمت الأمسية بكلمة للدكتورة أميرة الوكيل أستاذ النقد والدراما بكلية الآداب بجامعة حلوان، تحدثت فيها مطولاً عن مجموعة من العروض المسرحية التي لفتت انتباهها خلال المهرجان. في مسابقة الملاكمة الإيطالية، ذكرت عروض “حياة من الذاكرة” و”ثلاثة أماكن في القطار الأخير”. وقالت إنهما وجهان لعملة واحدة، ولكن برؤى متعارضة، وأن كلا العرضين كان واقعيًا. تحكي مسرحية “الذاكرة” قصة حياة الكاتبة الأمريكية هيلين كيلر، التي كانت صماء وكفيفة ولكنها كانت تتمتع بالعزيمة والمرونة.

يحكي مسلسل “القطار الأخير” قصة ثلاث فتيات انتحرن بسبب اليأس والإحباط والظلم. وعن مسابقة «مساحات غير تقليدية»، ذكرت أميرة أن عرض «مذكرات ممثل مهزوم» يحكي قصة الإقصاء والتمرد لدى الجمهور، والضجيج، والاختيار الجيد لمساحة العرض في خلفية المبنى المفتوح. وتحدثت عن ثنائية وثيقة بين الذات والآخر، أو الجلاد والضحية، في عرضين: «الضيف» الذي تدور قصته حول جندي مشلول وشاعر متنكر، ويمثل فكرة معاناة الحرب في فضاء دائري، والعرض الثاني «مسافر الليل» الذي يدور حول المسافر والموصل وارتكاب الجريمة في ديكور مسرحي يشبه القفص الصدري.

وبعد انتهاء الأمسية بدأ العرض المسرحي “البؤساء” الذي يتناول سلوك الإنسان وتأثيراته على الآخرين، سواء السلبية أو الإيجابية، وفيه يتحول الإنسان من إنسان عادي إلى مجرم والعكس. ويتم ذلك من خلال دراما البؤساء والجمع بين مسرح العرائس ومسرح الأشياء على الطاولة والمسرح الإنساني في تفسير هذه التحولات. نرى البطل “جان فالجان” يتحول من هذه الدمية إلى إنسان عندما يستشعر السلوك الإنساني للراهب، ونرى أيضًا البطلة “فانتين” تتحول من شكلها البشري إلى دمية عندما تواجه وحشية فتيات المصنع. وهذا يجعلنا ندرك أن تصرفات الإنسان وتفاعلاته مع الآخرين تؤثر على حياتنا. مع: فادي رأفت، مينا مجدي، يوسف حسام، محمد رضا، محمد أبو العلا، يوسف محمد، مادونا مجدي، نغم طه، بسنت مصطفى، ميرنا أحمد، هدير عاطف، موسيقى إسلام علي، تصميم العرائس رنا شامل، تصميم وتنفيذ الأزياء هدير عاطف، إضاءة أحمد طارق، المدير العام محمد عصام، مدرب الرسوم المتحركة للعرائس، المدير العام: مهند المسلماني، دراماتورجيا: محمود جراتسي.

وبسبب الضغط الجماهيري الكبير على المسرحية، تم إعادة عرضها لاستيعاب جميع المشاهدين الذين تمكنوا من الحضور ولكن لم يتمكنوا من حضور العرض الأول.

تم عرض مسرحية “ليالينا” على خشبة مسرح نهاد صالحة. وهو مقتبس من مسرحية “الناس اللي تحت” للكاتب نعمان عاشور. تعد هذه المسرحية من أهم المسرحيات التي تتناول الصراعات الطبقية في المجتمع المصري، حيث تدور حول شخصيات تمثل الطبقات الفقيرة التي تعيش في ظروف قاسية ومهينة.


شارك