صفاء البيلي توقع كتابها المونودراما العربية المعاصرة بمهرجان الفجيرة للمونودراما

وقعت الكاتبة والناقدة المسرحية المصرية صفاء البيلي كتابها الذي صدر مؤخراً عن منشورات مهرجان الفجيرة للمونودراما في دورته الحادية عشرة.
يبدأ المؤلف مقدمة الكتاب ببحث أسباب انتشار فن المونودراما بشكل عام كأسلوب مسرحي له تقاليده وخصائصه الخاصة. وقد حدث هذا بعد أن تم عرض المسرحية على هامش الفعاليات المسرحية المختلفة ولم يكن الطلب على عروض المونودراما كبيرا مثل الطلب على العروض المسرحية متعددة الشخصيات.
يثير مقدمة الكتاب عدة تساؤلات حول من هو المسؤول عن تفرد الشخصية في نص مونودراما. هل يقع على عاتق المؤلف أن يكون خالق الشخصية ومبدعها من العدم من خلال الشخصيات التي تظهر من خلال تفاعل هذه الشخصية الرئيسية والحوار معه؟ أم أنها هذه الشخصية الوحيدة الثابتة التي تبقى في حالة من الكشف المستمر طوال وجودها على المسرح، وتتحدث فقط عن ذاتها الداخلية أو عن الشخصيات التي تفاعلت معها، بدلاً من الشخصيات التي عاشت معها، والتي تطورت منها، والتي خرجت منها داخل نفسها؟ أم أن هذه المسؤولية تقع على عاتق الممثل أم المخرج؟ وكان الجواب أن المسؤولية تقع على عاتق صانع النص/المؤلف، وهذا يثير السؤال الأهم: ما هي الأدوات التي تمكن المؤلف من خلق نص دراما أحادية ديناميكية وحيوية بشخصيات متعددة، رغم أنه من الناحية البنيوية عبارة عن شخصية واحدة تتحرك على خشبة المسرح؟
يتناول الفصل الأول نشأة المونودراما وبنيتها وتطورها، وكذلك بدايات ظهورها في المسرح العربي. وهي تذكر أهم خصائص نصوص المونودراما، وتصنيفات المونودراما، وتوضح أوجه التشابه والاختلاف بين المونولوج والمونودراما، حيث يتم الخلط بينهما في كثير من الأحيان، وخاصة بين فناني المسرح الشباب.
أما الفصل الثاني، والذي جاء تحت عنوان “المونودراما العربية بين البوليفونية والمونوفونية”، فيتناول تعريف “البوليفونية”، وهو مصطلح موسيقي في الأصل تطور فيما بعد إلى مصطلح أدبي. في الموسيقى، تعني البوليفونيا “الموسيقى التي يتم فيها إنتاج نغمتين أو أكثر في وقت واحد”. التعدد الصوتي، أو تعدد الأصوات في نص أدبي، هو “وجود أكثر من صوت في نص واحد، كما في المهرجانات والتجمعات الشعبية، حيث تمتزج الأصوات في شيء يشبه عرضًا غنائيًا”.
وتناول المؤلف بعد ذلك “التأثير العاطفي والوجداني للتعدد الصوتي في الأدب”، حيث تقدم النصوص “المتعددة الأصوات” جوهرها الإبداعي وأطروحتها المرجعية من خلال أصوات متعددة. وهذا يسمح للقارئ الواعي الضمني باختيار الموقف المناسب بحرية وقبول المنظور الأيديولوجي الذي يناسبه ويتفق معه، دون أن ينفر منه أو يخدعه الراوي أو المؤلف أو الشخصية. وهذا يعني أن “التعدد الصوتي” يختلف كثيراً عن “المونولوجيا” ذات الراوي الواحد، والموقف الواحد، واللغة الواحدة، والأسلوب، والمنظور الواحد، إذ هناك تعددية حوارية حقيقية على مستوى الراوي، والصيغ، والشخصيات، والقراء، والمواقف الإيديولوجية.
وأشار المؤلف أيضًا إلى انتشار الكتابة المتعددة الأصوات، والتي تطورت إلى ما يسمى بالبوليفونية الجديدة أو “البوليفونية الوثائقية”، والتي ظهرت بين عدد من الكتاب البيلاروسيين في النصف الثاني من القرن العشرين. وهذا ما يجعل الرواية أشبه بكورال درامي قوي متعدد الأصوات، يختفي فيه صوت المؤلف أو الراوي ويحل محله أصوات الناس.
أما الفصل الثالث فيحمل عنوان “قراءة في المونودراما العربية” ويوضح معايير اختيار النصوص المستخدمة في الدراسة. وتقدم بعد ذلك قراءة تحليلية لهذه النصوص استناداً إلى نتائج سلسلة من الاستبيانات التي قامت بتطويرها علمياً بهدف إيجاد بيئة عادلة وموحدة.
وتغطي النصوص الخمسة عشر الأحادية الدراما التي تمت دراستها الفترة من عام 2007 إلى عام 2017.
وقد حصلت اثنتا عشرة من هذه النصوص على جائزة الفجيرة للمونودراما، وهي أهم جائزة للمونودراما في العالم العربي. بل إن النصوص الفائزة نشرت عالمياً ضمن مجموعات هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وهو ما يدل بوضوح على أن هذه النصوص المختارة استوفت متطلبات التحليل الفني للأعمال.
وينقسم الفصل الرابع إلى قسمين. يتضمن القسم الأول، المعنون “البوليفونية والمونودراما العربية المعاصرة”، سلسلة من الملاحظات الختامية حول البوليفونية والمونودراما العربية المعاصرة والخصائص الفنية للمونودراما البوليفونية، بالإضافة إلى تعليقات على نتائج التحليل النصي، والتي شملت العناصر التالية: “الزمن، التوجيهات المسرحية، الشخصية، تصميم المشهد، أنماط اللغة السردية، الحدث المسرحي، الصراع، والتهجين”.
يحتوي القسم الثاني من الفصل الرابع على تحليل متعدد الأصوات كامل لثلاثة نصوص أحادية الدراما: “وداعا جيلو”، و”الطريقة الأكيدة لإزالة البقع”، و”موتي بلا قبور”.
ويؤكد الاستنتاج أن هناك تطوراً واضحاً في المسرح العربي بشكل عام وفي كتابة المونودراما بشكل خاص.