لماذا زجّ ترامب بالصومال في حديثه عن الحوثيين؟

وجه الرئيس الأمريكي تحذيرا جديدا “صارما” لجماعة الحوثيين في اليمن، حسب وصف وسائل إعلام أمريكية. وكان قد نشر منشورًا على موقع “تروث سوشيال” مساء الأحد، أعلن فيه: “سندعم الشعب الصومالي. يجب ألا يسمحوا للحوثيين بالتسلل إلى صفوفهم، لأن هذا بالضبط ما يحاول الحوثيون فعله. سنعمل على القضاء على الإرهاب وتحقيق الرخاء لبلادهم (الصومال)”.
وأدرج ترامب مقطع فيديو لغارة جوية أميركية على مجموعة من الأشخاص على الأرض، دون تحديد الموقع أو الهدف. لكن قناة فوكس نيوز ذكرت أن الفيديو جاء من هجمات أميركية سابقة على جماعة الحوثيين أنصار الله.
ويأتي تحذير ترامب بعد ساعات من إعلان جماعة أنصار الله مقتل ستة أشخاص وإصابة 26 آخرين في هجمات على مدينة صنعاء اليمنية نسبت إلى الولايات المتحدة.
واستهدف الهجوم مصنع السواري في أحد أحياء العاصمة اليمنية، بحسب بيان لممثل جماعة أنصار الله (الحوثيين). وأوضح المسؤول أن فرق الحماية المدنية والإنقاذ لا تزال “تعمل بكامل طاقتها للبحث عن الضحايا”، وأن عدد القتلى المعلن ليس نهائيا، حيث أن العديد من المصابين في حالة حرجة.
وأفادت وسائل إعلام يمنية تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، بأن القوات الأمريكية شنت عشر هجمات على محافظات صعدة والبيضاء والحديدة الساحلية.
وفي 15 مارس/آذار الماضي، أعلنت واشنطن عن عملية عسكرية ضد الحوثيين لوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر. وتقول الجماعة إن ذلك يأتي دعماً للفلسطينيين خلال الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وبدت تصريحات ترامب مساء الأحد، والتي تزامنت مع الغارات الجوية الأميركية على اليمن، مثيرة للدهشة. وتطرقا إلى علاقة الصومال بأحداث اليمن وأسباب دعوة الصوماليين إلى الحذر من الحوثيين.
ما علاقة الصومال بالأمر؟
وتقع الصومال على الجانب الآخر من خليج عدن في الجهة المقابلة لليمن، وبالتالي فهي موقع مهم بالنسبة للولايات المتحدة، التي كثفت حكومتها حملتها العسكرية ضد جماعة الحوثي.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز قبل أيام أن قائد القيادة الأميركية في أفريقيا صرح في شهادته أمام الكونجرس الأميركي الأسبوع الماضي: “إن الجيش يلاحظ علامات تواطؤ بين حركة الشباب الصومالية وجماعة الحوثي”.
ويتوافق هذا التصريح مع تقرير خاص لشبكة CNN عام 2024، والذي ذكر أن الاستخبارات الأميركية علمت بمحادثات بين جماعة الحوثي أنصار الله وحركة الشباب الصومالية بشأن توريد الأسلحة. وقال ثلاثة مسؤولين أمريكيين للشبكة إن هذا التطور مثير للقلق ويهدد الاستقرار الإقليمي.
وذكرت شبكة “سي إن إن” في ذلك الوقت أن المعلومات الاستخباراتية مثيرة للقلق لأن “هذا التحالف الملائم قد يؤدي إلى تفاقم الوضع في الصومال والبحر الأحمر وخليج عدن”، حيث تهاجم جماعة أنصار الله السفن والمرافق الأميركية في المنطقة منذ بداية حرب غزة، بحسب الشبكة.
لم تصدر جماعة الحوثي “أنصار الله” أي تصريحات أو مواقف بشأن حركة الشباب الصومالية، الجماعة الإسلامية المتطرفة من بين الجماعات المسلحة التي تقاتل في الصومال، والتي يعتقد أنها مرتبطة بتنظيم القاعدة.
الموقع الجغرافي والرسائل الودية
ولكن بالإضافة إلى حركة الشباب الصومالية، يلعب الموقع الجغرافي للصومال دوراً أيضاً: فهو يقع على الساحل الشرقي للقارة الأفريقية، وهو جزء مما يسمى القرن الأفريقي. يحدها خليج عدن واليمن وجيبوتي من الشمال، وإثيوبيا من الغرب، والمحيط الهندي من الشرق، وكينيا من الجنوب.
هناك ممر مائي بين الصومال واليمن يعبره اللاجئون اليمنيون والصوماليون منذ فترة طويلة بقواربهم في رحلاتهم من اليمن إلى الصومال وبالعكس.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا عن هذا الموقع: “تحتفظ الولايات المتحدة حاليا بقاعدة في جيبوتي المجاورة إلى جانب العمليات العسكرية الصينية والأوروبية”. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في أرض الصومال قولهم: “ستكون أرض الصومال خيارا أقل ازدحاما لمراقبة الممر المائي وتنفيذ هجمات محتملة على أهداف الحوثيين في اليمن”.
تقع داخل الصومال جمهورية أرض الصومال المنفصلة، وهي الجزء الشمالي من المستعمرة البريطانية السابقة، والتي أعلنت استقلالها من جانب واحد عن الصومال وأنشأت جمهورية “أرض الصومال” أو أرض الصومال. الجمهورية غير معترف بها من قبل أي دولة أو منظمة دولية، ولكنها تقع على الساحل الجنوبي لخليج عدن.
وبحسب الصحف العالمية، أرسل ممثلون عن الصومال وأرض الصومال مؤخرا رسائل إلى ترامب يعرضون عليه فيها فرصا استثمارية عسكرية واستراتيجيا مقابل تعزيز العلاقات الأميركية معهما.
يمتد مدرج الطائرات الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة، بأرضه المشمسة البراقة، إلى ساحل القرن الأفريقي. وعلى بُعد أميال قليلة، يُفرّغ عمال الموانئ حمولاتهم في ميناء على خليج عدن، وهو طريق شحن عالمي حيوي يتعرض لهجمات متكررة من المتمردين الحوثيين من اليمن، هذا ما بدأه صحفيان من صحيفة نيويورك تايمز في 13 أبريل/نيسان، تقريرًا عن الفرص التي تحاول أرض الصومال تقديمها للولايات المتحدة.
وجاء في التقرير أن الميناء ومهبط الطائرات تابعان لمدينة بربرة في أرض الصومال، وأن سكان المنطقة ينظرون إلى المرافق باعتبارها “مفتاحا لتحقيق هدف عمره عقود من الزمن: الاعتراف الدولي”.
تسعى أرض الصومال إلى إبرام صفقة مع ترامب تستأجر الولايات المتحدة بموجبها الميناء ومهبط الطائرات مقابل الاعتراف باستقلال البلاد الذي طال انتظاره.
في هذه الأثناء، ترى صحيفة نيويورك تايمز أن هجمات الحوثيين و”تعطيل الشحن الدولي”، إلى جانب الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، قد تدفع الحكومة الأميركية إلى التفكير في “وجود جديد في القارة”.
وتتضمن الصفقة التي تدرسها السلطات الصومالية حاليا، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، إنشاء قاعدة عسكرية أميركية على طول ساحل المنطقة الممتد على مسافة 800 كيلومتر، ويطل على خليج عدن. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن مثل هذا الوصول من شأنه أن “يمنح الولايات المتحدة حضورا حاسما على طريق شحن رئيسي ونقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة الصراعات في المنطقة”.
ومع ذلك، ذكرت وكالة أسوشيتد برس في وقت سابق من هذا الشهر أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد أرسل إلى ترامب رسالة يعرض عليه فيها الوصول الحصري إلى القواعد الجوية والموانئ البحرية. وأدى ذلك مرة أخرى إلى زيادة التوترات بين الحكومة الصومالية وأرض الصومال، حيث يقع أحد الموانئ في مدينة رئيسية في أرض الصومال، بحسب الوكالة.
وفي الرسالة، عرضت الصومال على الولايات المتحدة السيطرة على قاعدتي بربرة وباليدوجلي الجويتين، بالإضافة إلى موانئ بربرة وبوساسو، “لزيادة المشاركة الأميركية في المنطقة”. على مدى سنوات، دعمت الولايات المتحدة القوات المسلحة الصومالية بغارات جوية ضد حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال.
وقالت قناة فوكس نيوز إنها تواصلت مع وزارة الخارجية الأميركية لتوضيح تصريح ترامب بشأن علاقات الصومال بجماعة الحوثي أنصار الله، وما زالت تنتظر الرد.
يشار إلى أن أول عمل عسكري لترامب بعد توليه منصبه رئيسا للولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي، كان شن غارات جوية قال إنها موجهة ضد “إرهابيين” مرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، بحسب ما ذكر موقع أكسيوس الأميركي.