الأمين العام للأعلى للشئون الإسلامية: الهيمنة البشرية قسمة أزلية لأنفس غلبت عليها شقوتها

أكد الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على أهمية التلاقح المعرفي، فالمجتمع الإنساني عموماً يحتاج إليه، ويسعى إليه الناس حسب حاجتهم وعقلهم، دون أن يذيب هويتهم أو جوهرهم. بل إن حقيقة الأمر وواقعيته هي مزيج معرفي يحفظ جوهر الإنسان وخصوصية المجتمع، مبني على التعارف المتبادل حيث يلتقيان، وبرزخ محدد لا يتقاطعان فيه. وأكد أن الهيمنة البشرية هي انقسام أبدي للنفوس التي غلب عليها البؤس ففضلت العمى على القيادة، ولم نجد في التاريخ البشري أمثلة على ذلك (ولا يفهم ذلك أحد إلا أهل العلم).
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها نيابة عن وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، خلال مشاركته في مؤتمر “التغريب في العلوم العربية والإسلامية – المظاهر – الأسباب – وسائل المواجهة”، الذي نظمته كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر.
وقال البيومي إن سجادة العلوم والمعارف تدور حول الإنسانية، بين السيرة والرحلة، في أصل تطن خيوطه بالتعارف واللقاء، بلا فراق ولا وداع، وأن شريعة الله تدور حول خلقه، بين الهداية والتوفيق.
وأوضح أن من عرف التاريخ في قلبه فقد زاد في عمره عمرا، وأن من لم يعتبر الناس اعتبره الناس، ومن لم يعتبر العواقب كان من التوابين.
وأكد البيومي أن التغريب ـ في إطار النظرية وواقعيتها المعرفية ـ يغزو القلوب بين الرفض والقبول، مؤكداً أنه لا بد من تجاوز «الجوهر» في أبجدية صياغته، وقد ذكرنا بذلك من قبل {وَأُذُنٌ وَاعِدَةٌ تَفْقَهُ}.
وأضاف الأمين العام أن الغرب لا يستطيع أن يتأرجح بين الكمال والاكتمال والخلود في حضارته. لذلك يجب أن تكون هناك موضوعية في العطاء والأخذ، وإيجابية في التمييز والاختيار.
وأوضح أن أي أمة ترفض ماضيها وتتخلى عنه تفقد هويتها في الحاضر وتصبح كائنا سلبيا وليس فاعلا. هناك فرق بين الممثل الذي يتفاخر بتراثه وشبابه ويطهر البشرية من خطاياها، وبين من يطرق آذان الزمن ويقول: تفضل اقرأ كتابي.
إن الحقيقة الساحقة في مجرى التاريخ وفي أبجدية الحضارة تبقى: لا وجود للذوات المشوهة التي فقدت جوهرها في مسارات الزمن وطرقه، من خلال التقليد الأعمى في إعطاء نفسها للآخرين، ومن خلال الاغتراب في قبول تراب الأرض أثناء الوصول إلى الثريا في مجرى أيامها. وكأن صوت الذات في تجوالها وانتظارها يقول: لم يلتئم الجرح ولم تهدأ أعراضها حتى لو أصبح حزينًا في خريف الحياة لقد ضحيت بحياتك من أجل الأحلام هل خانك الحلم؟ أم أنت الذي خانتنا؟
وأكد أن الأمة الفتية التي قاومت الانجراف وراء ماضيها قادرة على الإعجاز في حاضرها، وتستحق الخلود في مستقبلها، ارتباطاً وجودياً بخلود كتابها وهدي نبيها صلى الله عليه وسلم. وكأن انعكاسات الحماية الإلهية قد ألقت بظلالها عليها، من أنوار قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الْقُرْآنَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فلا خوف عليها وقلبها النابض أرض التعدد والمكانة، فلا واسطة لدينا، فإن لنا الصدور لا العوالم ولا القبور، وأرواحنا تافهة عندنا في أهميتها، ومن يتقدم لخطبة امرأة جميلة فلن ينفق مبالغ باهظة على المهر.