عضو مجلس نقابة الأطباء: أكثر من نصف المقيدين بالنقابة هاجروا للخارج أو تركوا المهنة

قال الدكتور أحمد مبروك الشيخ، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، إنه في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه القطاع الصحي المصري، أصبحت أزمة هجرة الأطباء من أخطر المشكلات التي تهدد استقرار وفعالية المنظومة الصحية على المديين القريب والبعيد.
وأضاف الشيخ في تصريحات صحفية اليوم، أن الأطباء المصريين بعد سنوات طويلة من الدراسة الجامعية يخوضون رحلة شاقة تستغرق من أربع إلى خمس سنوات بعد التخرج للحصول على تدريبهم التخصصي، ليجدوا في نهاية تلك الرحلة أن أفضل ما يمكنهم تحقيقه الآن أصبح خارج حدود وطنهم.
وأشار إلى أن خطورة هذه الظاهرة تتجلى في أن الدول المستقبلة للأطباء، مثل دول الخليج، لم تعد تعتمد على استقطاب الأطباء العامين فقط. وبدلاً من ذلك، قاموا بإدخال شروط أكثر صرامة وقيدوا توظيف المهنيين الطبيين المؤهلين الحاصلين على درجة جامعية في العلوم التطبيقية ولديهم على الأقل عدة سنوات من الخبرة العملية بعد الحصول على درجة الماجستير. غالبًا ما يُطلب من هؤلاء المحترفين قبول وصف وظيفي أقل تطلبًا واجتياز اختبارات تكافؤ مهنية معقدة.
وأضاف: “في المقابل، يتمتع الأطباء هناك ببيئة عمل داعمة تشمل فرصًا واسعة للتدريب والتعليم المستمر، والمشاركة في المؤتمرات وورش العمل الدولية، وتوازنًا أفضل بين العمل والحياة، مما يتيح لهم قضاء وقت كافٍ مع عائلاتهم – وهو أمر غير ممكن بنفس القدر في وطنهم. ونتيجة لذلك، تفقد مصر كوادرها المؤهلة التي ينبغي أن تُسهم في تدريب أجيال جديدة من الأطباء وتوفير التوجيه العلمي والمهني لهم”.
وأشار إلى أن هذه الهجرة المستمرة تؤدي إلى فجوة متزايدة بين المستشفيات ومؤسسات التدريب وأن الأطباء الشباب يواجهون نقصًا في المشرفين والمدربين المؤهلين. ويؤثر هذا بشكل مباشر على جودة التعليم والنتائج التعليمية، ويمثل حلقة أخرى في حلقة مفرغة من الضعف المؤسسي والمهني.
وتابع: “على الرغم من أن عدد الأطباء المسجلين في نقابة الأطباء المصرية يبلغ حوالي 363 ألف طبيب، إلا أن أكثر من نصفهم إما هاجروا إلى الخارج أو تركوا المهنة نهائيًا. وأشار إلى أنه وفقًا للتقديرات الرسمية، فإن عمل جميع هؤلاء الأطباء في مصر كان كافيًا لرفع عدد الأطباء لكل ألف نسمة إلى مستويات عالمية. وهذا يؤكد أن جوهر الأزمة لا يكمن في نقص خريجي الجامعات، بل في عدم القدرة على الاحتفاظ بالكوادر المؤهلة في النظام”.
وأشار إلى أن الاعتماد فقط على زيادة أعداد خريجي الطب ليس حلاً جذرياً. وبدلاً من ذلك، ينبغي أن يكون الهدف الرئيسي هو الاحتفاظ بالطاقم الطبي من خلال توفير بيئة عمل آمنة ومحفزة. وتشمل هذه الأهداف تحسين الأجور، وإدخال ساعات عمل عادلة، وتوفير التأمين المهني والاجتماعي، وتعزيز الروح المعنوية للأطباء.
وأشار إلى أن معالجة أزمة هجرة الأطباء لا يمكن تأخيرها وتتطلب خطة وطنية شاملة تأخذ في الاعتبار ليس فقط الاحتفاظ بالكوادر الطبية بل وتمكينهم ونشرهم الأمثل لضمان استدامة النظام الصحي وتحسين الأمن الصحي الوطني.