الصين تسجل نمواً يفوق التوقعات في الربع الأول من 2025

ومن المتوقع أن يصبح تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الاقتصاد الصيني واضحا في أبريل/نيسان. وترفض بكين قبول طائرات بوينج بقيمة مليارات الدولارات والتي وقعت عقودا بشأنها خلال ولاية ترامب الأولى.

سجل الاقتصاد الصيني نموا أسرع من المتوقع في الربع الأول من عام 2025، لكن التوقعات تتدهور بسرعة بسبب الرسوم الجمركية الضخمة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بكين.أظهرت البيانات التي أصدرها اليوم المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج المحلي الإجمالي للصين نما بنسبة 5.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول، متجاوزًا التقديرات البالغة 5.2 في المائة، وفقًا لاستطلاع أجرته بلومبرج لآراء خبراء الاقتصاد.سجل الإنتاج الصناعي نموًا بنسبة 7.7% في مارس، وهو أسرع نمو منذ يونيو 2021. وارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 5.9%، وهو أقوى نمو منذ ديسمبر 2023، متجاوزة بشكل كبير الزيادة المتوقعة البالغة 4.3%.وقالت ميشيل لام، كبيرة الاقتصاديين لشؤون الصين الكبرى في بنك سوسيتيه جنرال: “كانت المفاجأة الأكبر في مبيعات التجزئة، وهو ما يشير إلى أن إعانات المستهلكين بدأت تؤتي ثمارها”. كانت أرقام الإنتاج الصناعي أعلى من المتوقع، وهو أمر مفهوم بالنظر إلى قوة أرقام الصادرات. لكن هذا أصبح الآن من الماضي.ورغم البيانات الإيجابية، تمكنت الأسهم الصينية من الحفاظ على معظم خسائرها من مستويات ما قبل القياسية، حيث انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 2.4% وتراجع مؤشر CSI 300 بنسبة 0.8%.وتغطي البيانات الفترة التي سبقت قيام الولايات المتحدة بزيادة تعريفاتها الجمركية بشكل كبير في أبريل/نيسان، مما أدى إلى تصعيد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. ارتفعت الرسوم الجمركية على أغلب السلع الصينية إلى ما لا يقل عن 145 بالمئة. ومن المرجح أن يؤدي هذا الرقم إلى انكماش صادرات الصين هذا العام، والإضرار بالنمو بدءاً من الربع الثاني فصاعداً، وإلحاق الضرر بأحد أهم محركات النمو في البلاد.ورغم البيانات الإيجابية، اتخذ المكتب الوطني للإحصاء نبرة حذرة وأكد على ضرورة مواصلة دعم الاقتصاد.وقال المكتب في بيان “يتعين علينا أن ندرك أن البيئة الخارجية أصبحت معقدة وصعوبة على نحو متزايد، وأن زخم نمو الطلب المحلي لا يزال ضعيفا، وأن الأساس للتعافي والنمو الاقتصادي المستدام لم يوضع بعد”. وأضاف “نحن بحاجة إلى تنفيذ سياسة اقتصادية كلية أكثر فعالية واستباقية”.وبعد نشر البيانات، ظل اليوان مستقرا مقابل الدولار في السوق الخارجية عند 7.3236، في حين ظل العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات دون تغيير يذكر عند 1.64 بالمئة.وبدون تحفيز اقتصادي إضافي، فمن المرجح أن تجد الصين صعوبة بالغة في تحقيق هدفها الرسمي للنمو الذي يبلغ نحو 5% هذا العام. وفي الأسابيع الأخيرة، خفضت عدد من البنوك الدولية، بما في ذلك يو بي إس، وجولدمان ساكس، وسيتي جروب، توقعاتها للنمو في الصين في عام 2025 إلى نحو 4% أو أقل.وتتزايد التوقعات بأن بكين ستطلق حزمة جديدة من التحفيز الاقتصادي. ويتوقع بعض خبراء الاقتصاد أن يخفض بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة أو يخفف متطلبات الاحتياطي للبنوك هذا الشهر، في حين يتوقع آخرون مليارات الدولارات من القروض الإضافية والإنفاق الحكومي لسد الفجوة الناجمة عن انخفاض الصادرات.ولمواجهة تأثير التعريفات الجمركية، يتعين على الصين أن تعمل بسرعة على تحفيز الطلب المحلي من خلال تعزيز الاستهلاك والاستثمار. ومن المرجح أن تظهر آثار الحرب التجارية على النشاط الاقتصادي اعتبارًا من شهر أبريل فصاعدًا. وتبدو احتمالات التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين ضئيلة في الأمد القريب، خاصة بعد أن اتخذت بكين موقفا أكثر تصعيدا ردا على الجولة الأخيرة من زيادات الرسوم الجمركية.ودعا ترامب الصين إلى الدخول في مفاوضات معه بهدف حل النزاع التجاري المتصاعد بين أكبر اقتصادين في العالم.وبحسب أشخاص مطلعين على الأمر، أمرت الصين شركات الطيران بعدم استلام طائرات بوينج جديدة بقيمة مليارات الدولارات، حيث تبلغ تكلفة كل طائرة أكثر من 250 مليون دولار. ويعد هذا القرار هو الخطوة الأحدث التي اتخذتها بكين ردا على قرار ترامب زيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى ما يصل إلى 145 بالمئة.وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، انتقد ترامب الحكومة الصينية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، مدعيا أنها “تراجعت عن الصفقة الكبيرة مع بوينج” التي تم توقيعها خلال فترة ولايته الأولى.حتى الآن، لم تجرِ الولايات المتحدة والصين أي محادثات على أعلى مستوى؛ تبادل الجانبان الانتقادات وزادا الرسوم الجمركية.أعلنت الصين يوم الجمعة الماضي أنها ستفرض رسوما جمركية بنسبة 125% على جميع السلع الأمريكية اعتبارا من 12 أبريل. وهذا هو التصعيد الأخير منذ أن فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 34% على الواردات الصينية في وقت سابق من هذا الشهر.