هل تستطيع القنبلة النووية حل أزمة الردع الإيرانية؟

تحليل المصلحة الوطنية:-
اختار الرئيس السوري السابق بشار الأسد الفرار من دمشق في ديسمبر/كانون الأول الماضي بدلاً من استخدام أسلحته النووية.
– إن القنبلة النووية الإيرانية من شأنها أن تجعل من إيران دولة أكثر إثارة للخوف، ومن الممكن شن حرب واسعة النطاق ضدها.
إن الجمهورية الإسلامية ستوقع على حكم إعدامها إذا استخدمت الأسلحة النووية فعلاً.
في حين تلتقي الولايات المتحدة وإيران في روما في جولة جديدة من المفاوضات، تناقش طهران مستقبل برنامجها للأسلحة النووية.
في تحليل نشر في مجلة “ناشيونال إنترست” بعنوان “لماذا لا تحتاج إيران إلى قنبلة”، يرى الكاتب الأميركي جون آلان جاي أن عالم الردع النووي ليس هدفاً بل ساحة جديدة للمنافسة. ويتساءل: هل تستطيع إيران تحمل هذا؟
تحدي الردع الإيراني
وخلص التحليل إلى أنه على الرغم من أن المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران لم تكن مفاجئة، فإن القنبلة لن تحل مشكلة الردع الإيرانية. ولكن هذا من شأنه أن يورط إيران في سباق لا تستطيع الفوز به، ويمنحها خياراً أفضل على قمة سلم التصعيد بينما تستمر مشاكلها في التزايد والتراجع.
وأوضح تحليل المصلحة الوطنية أن المناقشات بشأن البرنامج النووي الإيراني دارت حول عدة قضايا: إعادة التسلح الصريح، ومراجعة العقيدة النووية الإيرانية، ورفع الفتوى بشأن الأسلحة النووية، وتخصيب اليورانيوم إلى مستوى مناسب لإنتاج الأسلحة، والبحث في الأسلحة المتقدمة، أو مزيج من كل هذه القضايا. وأشار إلى أن كل هذه النقاط تهدف إلى زيادة القدرة الرادعة لإيران.
وبحسب التحليل فإن النقاش حول البرنامج النووي الإيراني دار في المقام الأول حول ما إذا كانت طهران قادرة على بناء سلاح بسرعة دون إثارة هجوم أميركي أو إسرائيلي.
ولكن التركيز ليس كافيا على اليوم التالي لحصول إيران على القنبلة الذرية، لأن التحليل يشير إلى أن إيران سوف تتخذ حينها خطوتها الأولى نحو عالم الردع النووي، وهو عالم يصفه التحليل بأنه “ليس هدفا أو وجهة، بل ساحة جديدة للمنافسة”.
ووجد تحليل المصلحة الوطنية أن هذا من شأنه أن يقلل من فوائد سباق التسلح بالنسبة لإيران، لأن البلاد ليست في وضع جيد لهذه المنافسة.
ووجد التحليل أن كل هذا كان مجرد نتيجة بسيطة لمعادلة الردع، التي تقوم على فكرة مفادها أن الطرف الذي يطلق سلاحاً نووياً سوف يتعرض هو نفسه لهجوم بسلاح نووي. وجاء في البيان أن “الجمهورية الإسلامية ستوقع على حكم إعدامها إذا استخدمت الأسلحة النووية بالفعل”.
ولذلك، يتعين عليها أن تقنع أولئك الذين يريدون ردع إيران بأنها تتصرف بطريقة غير عقلانية أو أن المشكلة الحالية أكثر أهمية بالنسبة لها من الخوف من الانهيار. وإلا فإن “العدو قد يعتبر التصرفات الإيرانية مجرد خدعة ويتجاهل التهديد النووي الإيراني”، كما يقول التحليل. وعلاوة على ذلك، سيكون من الصعب على إيران إقناع العالم بأنها تتصرف بطريقة غير عقلانية تماما أو أن القضايا الإيديولوجية أكثر أهمية بالنسبة لها من بقائها.
وتوصل التحليل إلى أن إيران تتمتع بميزة تتمثل في أن بعض أعدائها ينظرون إليها على أنها غير عقلانية حقاً. علاوة على ذلك، هناك عناصر في سياستها الخارجية يصعب تبريرها في ضوء المصالح الوطنية للبلاد. إن المواجهة مع إسرائيل تشكل مثالاً بارزاً على ذلك، وتشهد على قدر معين من اللاعقلانية.
وفي المقابل، وجد التحليل أن السياسة الخارجية الإيرانية كانت مدروسة وحكيمة في بعض الأحيان. ويمكن رؤية ذلك، على سبيل المثال، في الرد الإيراني المحدود على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قلل الخسائر بدلاً من المخاطرة بحرب مع قوة عظمى، أو في تضحية النظام الإيراني بحلفائه حماس وحزب الله اللبناني من أجل إسرائيل.
وعلاوة على ذلك، حرصت طهران على مدى عشرين عاما على إبقاء برنامجها النووي دون الحد الذي قد يؤدي إلى شن هجوم على البلاد. وفي الوقت نفسه، أعربت بعض الأصوات داخل النخبة الحاكمة عن إحباطها من الاستجابات العقلانية المحدودة.
ووجد تحليل المصلحة الوطنية أن البعد الآخر للردع هو الخيار الأفضل، لأن أعداء إيران يجب أن يفترضوا أن إيران تفضل “الموت” على الانسحاب. ويوضحون أن هذا الأمر صعب، خاصة وأن هناك دائمًا بدائل أخرى.
ويوضح التحليل هذه النقطة بالإشارة إلى أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد فضل الفرار من دمشق في ديسمبر/كانون الأول الماضي بدلاً من استخدام أسلحته النووية. وأشار البعض أيضا إلى أن إيران فضلت حتى الآن قبول عدة هجمات استراتيجية بدلا من تصعيد مواجهاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة بشكل جدي.
ويشير تحليل المصلحة الوطنية إلى أن الفشل الحقيقي للردع الإيراني ينبع من نقاط الضعف في عملية التصعيد، وهي نقاط ضعف لا تستطيع حتى القنبلة النووية معالجتها. وأشارت إلى أن إيران اضطرت إلى تنفيذ الهجمات بعد تحذير مسبق. لأنها تعلم أن قدراتها التقليدية والسرية أدنى من قدرات إسرائيل، كما يقول التحليل.
وأوضح التحليل أن القنبلة النووية من شأنها أن تجعل من إيران دولة أكثر قوة، مما يجعل من الممكن شن حرب واسعة النطاق ضدها. وهذا من شأنه أن يمنحها رادعاً أفضل، ولكن قدرتها على مهاجمة المدن الإسرائيلية أو القواعد الأميركية والمخاطرة بتدميرها سوف تكون أقل قوة إذا كان أعداؤها لديهم أهداف أكثر اعتدالاً.
وخلص التحليل إلى أن أسوأ شيء بالنسبة لإيران هو أن امتلاك الأسلحة النووية لا يعني أنها قادرة على استخدامها. وحتى لو نجحت إيران في بناء سلاح نووي قادر على تحقيق هدفها، فإن معارضيها قد يمنعونها من تحقيق ذلك. وقد أثبتت الولايات المتحدة وإسرائيل أيضًا قدرتهما على اعتراض أعداد كبيرة من الصواريخ الإيرانية.