الأزهر: نصوصُ الميراث قطعية لا تقبل التغيير ولا الاجتهاد

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن نصوص الميراث قطعية لا تقبل التغيير أو التأويل. إن المطالبة بخلق “التدين الشخصي” هي هجوم على الشريعة الإسلامية، في حين أن المطالبة بخلق “القوانين الفردية” هي هجوم على الحاكم وإعادة إنتاج للفكر التكفيري المنحرف. إن تجديد المعرفة الإسلامية لا يمكن أن يتم على الشاشات أو بين عامة الناس.
وفي بيان نشره أشار إلى التحيز السلبي الممنهج ضد الدين وقوانينه، والتحول من التشكيك في بعض أحكامه إلى التشكيك في بعضها الآخر، ونسب المعاناة والمشاكل الاجتماعية إلى تعاليمه ونصوصه. جريمة خطيرة تغذي دوافع الانحراف الفكري والسلوكي، وتحذير من خطر التطرف البغيض.
وأكد أن الانتقائية والتضليل وصدم الجمهور بأدلة كاذبة حول حل المحرم أو تحريم الحلال يهدف إلى تطبيع الشر في المجتمع. وهذه جرائم فكرية وإدراكية يجب محاسبة مرتكبيها والمحرضين عليها.
وأوضح أن تعبير “السلطات” في القرآن الكريم يقصد به “الشعب”، وأنهم أعطوا السلطة العليا في التشريع والحكم، حتى لو خالف ذلك أحكام الشريعة والأعراف المرعية. انحراف في تفسير هذه الآية الكريمة، ودعوة للتشكيك في الأحكام الشرعية والقوانين، وتجاهل لأحكام ونصوص الدستور المصري، وانتهاك واضح لحق الحاكم في إدارة شؤون الدولة وتحدي لسلطانه فيها، وإعادة إنتاج لمنهج التكفيريين والمتطرفين في تفسير القرآن الكريم، والمساس بالنظم التشريعية والرموز الوطنية.
وأضاف: “لا تعارض بين الفقه الإسلامي من جهة والدستور والتشريعات المصرية من جهة أخرى، بحيث يمكن بناء تعارض أو مقارنة بينهما، لا سيما وأن التشريع المصري يعتمد في معظمه على أحكام الفقه الإسلامي، ومبادئ الشريعة الإسلامية، وفقًا للمادة الثانية من الدستور، هي المبدأ الحاكم لجميع أحكامه. إلا أن بناء تعارض بين الفقه والتشريع ذريعة واهية يلجأ إليها التكفيريون والمتطرفون لاستخدام العنف وتكفير المجتمع واستباحة دمائهم”.
كان يعتقد أن إغراء تحريض قسم من السكان على التمرد ضد القانون والادعاء بأن لديهم الحق في تفسيره شخصيًا أو رفض تطبيقه تمامًا كان نتيجة لعقلية مشوهة تطالب بـ “الفردية”، أي حق كل فرد في صياغة مبادئه الدينية وقوانينه الشخصية. ووفقاً لأهوائه وأطماعه الدنيوية، ومخالفاً للشريعة والقانون والنظام العام، فإن الآثار السلبية لهذه الفوضى على السلم والاستقرار الاجتماعي والوطني ليست خافية.
وأكد أيضاً على الادعاء الدائم بأن أحكام الشريعة الإسلامية لا تتناسب مع العصر وتطورات العصر. اقتراح مذموم يهدف ببساطة إلى عزل الإسلام عن حياة الناس، ويمثل اختباراً صعباً لدينهم. ولا يستفيد المجتمع من هذا إلا الانحراف الفكري والتطرف في أحد جوانبه.
وأوضح أن أحكام الميراث في الإسلام نصوص قطعية قاطعة ثابتة لا يجوز تأويلها أو تغييرها بإجماع الصحابة وعلماء كل زمان ومكان، وهي صالحة لكل زمان ومكان وحال. وقد بين الله تعالى رب العالمين تقسيم الميراث في القرآن الكريم. نظراً لأهميته وخطورته الكبيرة وإزالة أسباب الصراع والشقاق.
وتابع: “الفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية صناعة دقيقة لا يتقنها إلا علماء مشهود لهم بالورع والإتقان، في أروقة العلم، لا على الشاشات ولا بين عامة الناس. الفكر المتطرف جامد في طرفيه، يرفض التجديد رفضًا قاطعًا من جهة، ويتجه في الطرف الآخر إلى تجاهل الشريعة الإسلامية وأحكامها”.
وتابع: “إن توزيع الميراث في الإسلام متشابك ومتشابك مع مسائل وأحكام عديدة، ومن يدّعي خلله يتعمد إغفال ارتباطه بالعديد من أحكام النفقة والواجبات المالية، إذ إن بيان هذه المسائل يتطلب الإنصاف”.
وحذر من أن الاختباء وراء شعار حقوق المرأة والطعن في أحكام الدين وتصويرها على أنها عدو للدين هو خدعة خبيثة تهدف إلى تهميش الدين وتقليص دوره. ويدعو أيضا إلى استيراد الأفكار الغربية المشوهة والغريبة عن المجتمعات العربية والإسلامية. بهدف تذويب هويته ومحو معالمه.
وفي الختام أكد أن كل من يشكك في الدين وأحكامه فهو مجرد مفترى يجهل الجوانب الدينية للشريعة الإسلامية الغراء. المسلم الحقيقي هو من يسلم حكمه وتشريعه إلى الله تعالى. فهو الحكم العادل الشامل الذي يعلم خلقه وما يصلحه. قال الله رب العالمين عقب الآيات المتعلقة بالميراث: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}. ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها. وهذا هو الإنجاز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين.