في يوم الإعلام العربي: 210 شهداء إعلاميين في غزة ودعوة عاجلة لتعديل قانون الحماية

منذ 2 ساعات
في يوم الإعلام العربي: 210 شهداء إعلاميين في غزة ودعوة عاجلة لتعديل قانون الحماية

السفير الخطابي: جرائم إسرائيل ضد الصحفيين غير مسبوقة في تاريخ الحروب.

في ظل صمت دولي مقلق تشهد فلسطين واحدة من أشرس الحملات المنظمة ضد الحقيقة ومؤلفيها. بينما تحتفل الأمة العربية بيوم الإعلام العربي، تكشف أرقام صادمة عن صورة كابوسية لوسائل الإعلام في زمن الحرب: تتحول سترات الصحفيين من دروع بشرية إلى أهداف واضحة للقناصة الإسرائيليين.

وبحسب وثائق الأمم المتحدة فإن 92% من هذه عمليات القتل كانت متعمدة. في حين تستمر المنظمات الدولية في الفشل في تنفيذ قراراتها، أفاد صحفيون ناجون عن وقوع هجومين متتاليين بالقنابل على مراكز إعلامية: الأول كتحذير، والثاني لضمان قتل كل من يحاول الهرب.

وقال السفير أحمد رشيد خطابي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية ورئيس قطاع الإعلام والاتصال، إن “هذه ليست مجرد انتهاكات عرضية، بل هي استراتيجية ممنهجة”. الهدف هو قمع التاريخ الفلسطيني وإخفاء جرائم الحرب تحت أنقاض الاستوديوهات المدمرة.

وأكد السفير الخطابي أن استهداف الصحفيين في قطاع غزة يعد جريمة حرب تتطلب تدخلا دوليا عاجلا. وأوضح أن 210 صحفيين فلسطينيين وعرب وأجانب قتلوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأشار إلى أن هذه الأرقام تشكل “سابقة خطيرة في تاريخ الصراعات المسلحة”، حيث لم تشهد الحروب السابقة مثل هذه الهجمات المستهدفة للعاملين في وسائل الإعلام.

قال: “هذه ليست أرقامًا، بل أسماء وشهداء ينشرون الحقيقة. يشهد العالم تصفيةً ممنهجة للصحفيين ضمن سياسةٍ تهدف إلى طمس التاريخ الفلسطيني”.

الجرائم ضد الصحفيين

وفي كلمته بمناسبة يوم الإعلام العربي السنوي الذي تحتفل به جامعة الدول العربية في 21 أبريل/نيسان من كل عام، كشف السفير الخطابي عن الأبعاد الكارثية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وسلط الضوء على الاعتداءات الممنهجة على الصحفيين والتي وصلت إلى مستوى “جرائم حرب” وفق القانون الدولي.

وأضاف أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تكتف بقتل الصحفيين، بل ارتكبت “انتهاكات ممنهجة” بحقهم، من بينها الاعتقالات التعسفية، ومصادرة المعدات بالقوة، وحجب المواقع الإخبارية، ومنعهم من الوصول إلى الإنترنت. وهذه محاولة واضحة لإخفاء القصة الحقيقية وتغطية جرائمهم.

وأثار السفير خطابي أسئلة جوهرية حول فعالية الآليات الدولية الحالية لحماية الصحفيين ودعا إلى مراجعة شاملة لاتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة قرارات اليونسكو. وشدد على أن الوضع في فلسطين “يتطلب إصلاحات عاجلة” لضمان بيئة عمل آمنة للصحفيين في مناطق الصراع.

دعاة الحقيقة ومحو الأمية الإعلامية

وفي كلمته، أشاد السفير الخطابي بـ”البطولة الاستثنائية” للصحفيين الفلسطينيين الذين واصلوا، على الرغم من القصف والمضايقات، تغطية المأساة الإنسانية في قطاع غزة باحترافية وتضحية غير مسبوقة.

ودعا وسائل الإعلام العربية والدولية إلى دعم “الرواية الفلسطينية” وكشف زيف الدعاية الإسرائيلية. وقال: “إن الإعلام الفلسطيني أصبح خط الدفاع الأول عن الحقيقة.. وصموده جزء من ملحمة شعب يرفض التهجير والاستسلام”.

وأعلن خطابي أن موضوع جائزة التميز الإعلامي لهذا العام سيكون “الشباب والإعلام الجديد”، ودعا الصحفيين والمؤثرين ومنشئي المحتوى إلى توثيق جرائم الحرب على كافة منصات التواصل الاجتماعي ومشاركة أعمالهم التي تكشف “الوجه الدموي للاحتلال”. وأكد أن الترشيحات سيتم دراستها بالتعاون مع الوفود الدائمة للدول الأعضاء.

حقائق وأرقام صادمة

وفي هذا السياق وصفت منظمات دولية عمليات قتل واعتقال الصحفيين في قطاع غزة بأنها الأسوأ في التاريخ، وصنفتها كجرائم حرب.

وبحسب تقرير صادر عن لجنة حماية الصحفيين في مارس/آذار 2024، ذكرت منظمة مراسلون بلا حدود أن 92% من الصحفيين الذين تعرضوا للهجوم في غزة قُتلوا عمداً، وأن 45 عاملاً إعلامياً أُلقي القبض عليهم، ودُمر 50 منشأة إعلامية نتيجة للاحتلال. ويشير التقرير أيضاً إلى أن نحو 40 صحافياً قتلوا في يوم واحد، وأن 45 صحافياً، بينهم 12 امرأة، تعرضوا للاعتقال والتعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لتقرير هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.

دعت منظمة العفو الدولية إلى إحالة السياسيين الإسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد توثيق عشر حالات من القتل المتعمد للصحفيين الذين يرتدون سترات “صحافة” مرئية.

وأعلن اتحاد الصحفيين الفلسطينيين أيضا عن مصادرة 300 كاميرا ومعدات بث، ومنع استيراد معدات بديلة.

وذكرت اليونسكو أن 50 مبنى إعلاميا دمرت بالكامل وأدانت الهجمات التي استهدفت الصحفيين ثلاث مرات، لكنها لم تتخذ أي إجراء. ودفع ذلك 500 منظمة إعلامية دولية إلى التوقيع على عريضة تطالب بفرض عقوبات على إسرائيل.

وبحسب تقرير منظمة أطباء لحقوق الإنسان، أكد الفريق الطبي في مستشفى الشفاء أن 70% من جثث الصحفيين القتلى كانت مصابة بطلقات نارية في الرأس أو الصدر، ما يشير إلى تعرضهم لنيران قناصة مستهدفة.

وبحسب تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لعام 2024، تعرض 78% من الصحفيين المعتقلين لشكل من أشكال التعذيب، بما في ذلك الحرمان من النوم، والتهديد بالعنف الجسدي أو الجنسي، والحبس الانفرادي لفترات طويلة.

وأكدت منظمة مراسلون بلا حدود أن إسرائيل تستخدم “قانون الاعتقال الإداري” كأداة لسجن الصحفيين دون تهمة أو محاكمة.

الأرقام والوثائق تثبت أن إسرائيل تتعمد تحويل غزة إلى مقبرة للصحافيين، في حين تقف الآليات الدولية عاجزة. والسؤال الآن هو: كم عدد الصحفيين الذين يجب أن يقتلوا قبل أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات فعالة وملموسة لوضع حد رادع لجرائم القوة المحتلة؟


شارك