رحيل البابا فرنسيس.. أبو الفقراء ورمز الأخوة الإنسانية

منذ 4 ساعات
رحيل البابا فرنسيس.. أبو الفقراء ورمز الأخوة الإنسانية

أعلن الفاتيكان، اليوم الاثنين، وفاة قداسة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عاما، بعد تدهور مفاجئ في صحته. وقد شكل هذا نهاية فصل استثنائي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية: بابوية دامت اثني عشر عامًا اتسمت بالإصلاح والانفتاح والتواضع. ويترك البابا، المعروف بروحه الإنسانية القوية وأسلوبه البسيط، إرثًا دينيًا وثقافيًا سيبقى حاضرًا في الذاكرة الجماعية للأجيال القادمة.

ولد البابا فرانسيس، واسمه الحقيقي خورخي ماريو بيرجوليو، في 17 ديسمبر/كانون الأول 1936، في بوينس آيرس، عاصمة الأرجنتين، لعائلة من أصل إيطالي. أبدى منذ صغره اهتمامًا كبيرًا بالتعليم الديني، مما دفعه إلى الانضمام إلى الرهبنة اليسوعية في سن مبكرة.

بعد سنوات من الدراسة والتدريب، بدأ خدمة المجتمع الكاثوليكي في الأرجنتين، فشغل منصب الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية بين عامي 1973 و1979 قبل تعيينه أسقفًا مساعدًا لبوينس آيرس في عام 1992.

1_1_11zon

وبفضل نشاطه المستمر وتأثيره الواضح، أصبح رئيس أساقفة بوينس آيرس في عام 1998، محافظًا على دوره القيادي في الكنيسة الأرجنتينية. في عام 2001، عينه البابا يوحنا بولس الثاني كاردينالاً، مما جعله أحد أهم الشخصيات في الكنيسة الكاثوليكية.

في 13 مارس 2013، تم انتخاب الكاردينال بيرجوليو بابا واختار اسم “فرانسيس الأول”. في إشارة إلى القديس فرنسيس الأسيزي، الذي كان معروفًا بتواضعه وحبه للفقراء.

2_2_11zon

وبذلك كان البابا فرانسيس أول بابا من أميركا اللاتينية، وأول بابا من الرهبانية اليسوعية، وأول بابا خارج أوروبا منذ أكثر من 1200 عام.

خلال سنواته على رأس الفاتيكان، تميزت حبريته بالعديد من الإصلاحات التي أثرت على جوانب مختلفة من الكنيسة، سواء من الناحية الإدارية أو الروحية. وتضمنت مبادراته الأكثر أهمية تحسين الشفافية المالية داخل الفاتيكان وإصلاح هيكل الكوريا الرومانية، وهو أعلى هيكل إداري في الكنيسة.

كما دعا البابا فرنسيس إلى تجديد خطاب الكنيسة لمعالجة التحديات الحالية مثل حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية. في عام 2015.

أصدر البابا الوثيقة البابوية “Laudato Si” والتي دعا فيها إلى حماية البيئة والاهتمام بمستقبل كوكب الأرض وحذر من الآثار السلبية لتغير المناخ.

وفي عام 2020، نشر وثيقته “Fratelli Tutti” التي دعا فيها إلى الأخوة الإنسانية والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات.

3_3_11zon

لم يكن البابا فرانسيس زعيمًا روحيًا فحسب، بل كان أيضًا صوتًا للعدالة الاجتماعية. حاول مساعدة الفقراء والمهمشين وانتقد النظام الاقتصادي العالمي الذي يوسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

ودعا إلى مزيد من الاهتمام بحقوق العمال والمهاجرين، لكنه رفض العيش في القصر الرسولي البابوي، واختار بدلاً من ذلك العيش بشكل متواضع في منزل سانتا مارتا، الذي أصبح رمزًا لتواضعه وحياته البسيطة.

كان البابا فرانسيس معروفًا بموقفه الشجاع تجاه قضايا اللاجئين والمهاجرين. كان داعمًا لحقوق اللاجئين وقام بزيارة العديد من المخيمات حول العالم للتعرف على أوضاعهم.

كما زار دولاً إسلامية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة والعراق ودعا مراراً إلى الحوار بين الأديان والتسامح والتعايش السلمي. وكان له لقاءات مهمة عديدة مع مختلف الزعماء الدينيين، مما عزز مكانته كمدافع عن السلام.

كان البابا فرانسيس يجيد اللغات الإسبانية والإيطالية والألمانية والفرنسية والأوكرانية والإنجليزية. وكان أيضًا من مشجعي كرة القدم المتحمسين وكان يشجع فريق سان لويس دي ألميرجو في بوينس آيرس، الأرجنتين.

وعلى الرغم من تدهور صحة البابا فرنسيس في السنوات الأخيرة من حياته ودخوله المستشفى بشكل متكرر بسبب مشاكل صحية مختلفة، وأبرزها الالتهاب الرئوي المزدوج، إلا أنه ظل وفيا لمهمته الإنسانية والروحية ولم يتراجع أبدا عن دعوته للسلام والإصلاح الاجتماعي.


شارك