الطفل حجازي.. إسرائيل سرقت عينه والحصار فاقم معاناته

– تشكل الذخائر الحربية الإسرائيلية غير المنفجرة تحدياً للفلسطينيين الذين عادوا إلى ديارهم. – الطفل محمد حجازي: كنت ألعب مع الأطفال. كنت ألعب بشيء ما وانفجر في وجهي. – والد محمد: نحتاج إلى معجزة طبية لإنقاذ عينه اليسرى وهذا يستدعي سفره للخارج بشكل عاجل.
اختفى الطفل الفلسطيني محمد حجازي منذ أن قامت بقايا من جيش الاحتلال الإسرائيلي بفقء عينيه. في بداية شهر مارس/آذار، التقطها بشكل عفوي من منزله المدمر تقريبًا في شمال قطاع غزة. وهذا مجرد فصل واحد من المأساة المستمرة التي يعيشها الأطفال تحت وطأة الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
في أزقة مخيم جباليا، يحاول خالد حجازي، والد محمد، التغلب على صدمة الانفجار. الطفل فقد عينه اليمنى بالكامل، وتواجه عينه اليسرى مصيرًا مشابهًا إذا لم يتم إخلاؤه من قطاع غزة لتلقي العلاج العاجل.
** عندما حدثت الكارثة
يعيش حجازي (7 سنوات) مع عائلته في ظروف مأساوية. يحاول والده التخفيف من آلامه قدر استطاعته وتقديم بعض الراحة له، لكن آثار الكارثة لا تزال حاضرة في كل تفاصيل يومهم.
وفي قطاع غزة، الأرض التي مزقتها الإبادة الجماعية، لا تزال الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب المتفجرة تشكل تهديداً خطيراً لحياة الفلسطينيين. وتهدد هذه الأمراض بإزهاق المزيد من الأرواح والتسبب في إعاقات دائمة بسبب نقص المعدات والقدرة على التعامل معها.
أما تفاصيل الحادثة في شهر مارس/آذار الماضي، فإن محمد كان يلعب مع أصدقائه خارج المنزل عندما عثر على جسم غريب على الأرض.
ومن باب الفضول، حاول الوصول إليها فانفجرت بين يديه، ما أدى إلى فقدانه عينه اليمنى بالكامل على الفور، فيما تعاني عينه اليسرى من مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى فقدانها أيضاً.
وقال الصبي لوكالة أنباء الأناضول بصوت متألم: “كنت ألعب مع أطفال آخرين. كنت ألعب بشيء ما عندما انفجرت قنبلة في وجهي”. وأوضح أنه بعد إصابته أدرك أن والده سمع صوت الانفجار فنقله على الفور إلى المستشفى.
** لعب وأصبح ضحية
وعن الحادثة، قال خالد لوكالة أنباء الأناضول: “كان كأي طفل آخر يريد اللعب أمام منزلنا المدمر. فجأة، دوى انفجار. نزلت إلى الطابق السفلي فوجدته ملطخًا بالدماء. كان المشهد صعبًا”.
وأضاف: “أسرعنا به إلى المستشفى، ولكن بسبب نقص الأدوية والمعدات، اضطررنا إلى نقله إلى مستشفى آخر، حيث خضع لعملية جراحية في عينه اليمنى. ولا تزال حالته حرجة”.
وأشار إلى أن عين محمد اليسرى، كما أسماها، لم يكن من الممكن إنقاذها إلا من خلال “معجزة طبية”. في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر والإبادة الجماعية، أصبحت الرحلة خارج قطاع غزة ضرورية بشكل عاجل.
وأوضح أن ابنه سيفقد البصر أيضًا في عينه الأخرى إذا لم يتم نقله لتلقي العلاج قريبًا.
وأكد أن محمد لم يعد قادرا على اللعب أو التعلم بسبب إصابته بالعمى والصدمة النفسية التي تعرض لها، ويجد صعوبة في التفاعل مع الأشخاص من حوله.
قال: “بعد الحادثة، لم يتركني أبدًا. إنه يخشى ضجيج القنابل، وخاصةً في الليل. حالته النفسية تتدهور بسرعة. يتشبث بي باستمرار ويخشى الانفصال عني، ولو للحظة.”
** سباق مع الزمن
وناشد الأب منظمة الصحة العالمية، والمؤسسات الحقوقية والطبية الدولية، بالإسراع في نقل طفله للعلاج خارج قطاع غزة قبل أن يفقد بصره بشكل كامل.
وأضاف: “أتمنى أن يتمكن من الرؤية مرة أخرى بعينه اليسرى وأن يتمكن من ممارسة حياة طبيعية مرة أخرى واللعب والاعتماد على نفسه مثل أي طفل آخر”.
في الثاني من مارس/آذار، أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية مع قطاع غزة أمام المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والإمدادات الطبية، مما أدى إلى تدهور غير مسبوق في الوضع الإنساني.
ولم تتوفر أرقام دقيقة عن عدد الفلسطينيين الذين أصيبوا أو قتلوا نتيجة للقنابل الإسرائيلية غير المنفجرة التي ألقتها قوات الدفاع الإسرائيلية.
تشكل الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد انسحابها من قطاع غزة تحدياً للفلسطينيين الذين عادوا إلى هذه المناطق.
وتشمل هذه البقايا المتفجرات والذخائر غير المنفجرة والقنابل وأجزاء الأسلحة والصواريخ، وهي لا تزال تشكل تهديداً للأمن الفلسطيني.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي وأحرق 38 مستشفى، ما جعلها غير صالحة للعمل، في حين يعاني القطاع حالياً من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية. وذلك بحسب آخر إحصائية صادرة عن مكتب الإعلام الحكومي في غزة.
كما أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى إغلاق 81 مركزاً صحياً بشكل كامل وتدمير 164 منشأة طبية أخرى.
بدعم أمريكي كامل، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. قُتل وجُرح أكثر من 167 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وما زال أكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين.