المخرجة ليلى عباس تقترب من حياة الفلسطيني في فيلمها شكرا لأنك تحلم معنا

بدأت سينما زاوية عرض أول أفلامها ضمن فعاليات أيام القاهرة السينمائية، وهو الفيلم الفلسطيني «شكراً لأنكم حلمتم معنا» للمخرجة ليلى عباس. وهذه هي المرة الثانية التي يعرض فيها الفيلم في مصر. وفي نوفمبر الماضي، شارك في مهرجان الجونة السينمائي، حيث حصل على جائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل مناصفة مع فيلم “ماء العين”.
تم عرض الفيلم في المهرجانات الدولية وحصل على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة ألكسندر الفضية في مهرجان سالونيك السينمائي في اليونان. احتفل الفيلم بعرضه العالمي الأول في أكتوبر 2024 في مهرجان لندن السينمائي الثامن والستين.
الفيلم إنتاج مشترك بين فلسطين وألمانيا وقطر، وتم تمويله ودعمه من قبل العديد من المؤسسات، بما في ذلك صندوق مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ومهرجان الجونة السينمائي، ومهرجان روتردام السينمائي، والصندوق العربي للثقافة والفنون (بيروت).
عندما نذكر مصطلح “فيلم فلسطيني”، قد يتبادر إلى ذهن المشاهد للوهلة الأولى فيلم عن المقاومة، والتفجيرات، والحدود التي فرضتها قوة الاحتلال على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والأسرى، وغيرها. وذلك لأن العديد من الأفلام الفلسطينية، بطبيعتها، تركز على الواقع القاسي للغاية الذي يعيشه المواطنون الفلسطينيون. ولكن من النادر أن نحصل على لمحة عن حياة هؤلاء الفلسطينيين من وجهة نظر شعبهم، بعيداً عن الاحتلال، وهذا بالضبط ما تظهره ليلى عباس في فيلمها.
تدور أحداث الفيلم في سياق اجتماعي معقد، يتجلى في رفض الميراث الذي يفرضه تفسير الشريعة الإسلامية، التي تنص على أن نصيب الرجل من الميراث ضعف نصيب المرأة. يحتج الفيلم بوضوح على هذا الأمر، وفي الوقت نفسه يحتج بشكل عام على مسألة الميراث وسيطرة الذكور على الميراث.
ويظهر الاحتلال الإسرائيلي في ثلاثة مشاهد فقط من الفيلم كشبح في الخلفية، وهو أمر بعيد كل البعد عن محتوى الفيلم. الأول يعرض على شاشة تلفزيونية، والثاني والثالث يظهران مراهقين يتظاهرون ضد تدخلات قوات الاحتلال في رام الله، حيث تدور الأحداث.
ويمكن النظر إلى هذه النقطة من منظور إيجابي، حيث يتم إخراج الإسرائيلي من المعادلة الدرامية ونرى عن قرب حياة الفلسطيني وأفكاره وهمومه ومشاكله وطقوسه. ويقدم الفيلم فرصة التقرب من الفلسطينيين كأفراد، بعيداً عن كونهم أشخاصاً خاضعين للاحتلال.
تبدأ الأحداث فعلياً بوفاة الأب، وفي تلك اللحظة تفكر نورا (ياسمين المصري) في الاحتفاظ بميراثها من أخيها المقيم في أمريكا في البنك، وتقترح على أختها مريم (كلارا خوري) تزوير توقيع والدها على شيك بالمبلغ كاملاً يخص الأب المتوفى. مريم تعارض هذا الاقتراح في البداية، لكن نورا تصر وتقنع أختها بالقضية. إنها تعارض أن يتقاسم الأخ المنفصل المبلغ، وينطلق الاثنان في رحلة للعثور على حل لجمع المال.
يتميز الفيلم بأسلوب سردي بسيط يجعل مقصده واضحاً، كما تسير الحبكة أيضاً في هذا الاتجاه، بحيث تركز جميع المشاهد على تطور الأحداث دون إضافة مشاهد إضافية أو خطوط حبكة درامية. بل إن المخرج يركز على شخصيات رئيسية معينة وتساهم جميع الشخصيات الثانوية في تحريك الحدث بدلاً من تشتيت الانتباه عنه. كما أن الدلالات البصرية والحوارية واضحة أيضًا، حيث تركز على استياء الشخصيات تجاه سيطرة الذكور على الميراث دون التهرب منه أو إخفائه خلف رموز معقدة. على سبيل المثال، المشهد الذي تذهب فيه مريم ونورا إلى بيت عمها، وعندما تدخل مريم البيت ترى بسخرية لوحة معدنية مكتوب عليها “هذا بفضل ربي”. ونعلم لاحقًا أن هذا العم ظلم أخته “أم نورا ومريم”.
إن موضوع الفيلم قد يكون ذا صلة بأي مجتمع عربي إسلامي، وبالتالي فإن قصته قد تجذب أي مشاهد في أي مكان في العالم عانى من الظلم فيما يتعلق بالميراث والإساءة القانونية. وفي هذا السياق، يدافع الفيلم عن المرأة ويبرر تصرفاتها من أجل الحصول على المال. وهذا يمكن أن يكون سلاحًا ذا حدين، لأنه يعني أن الفيلم ليس له صلة بمكان محدد، بل إنه يتعارض بشكل واضح مع تفسير الشريعة في المجتمع الإسلامي. ورغم وضوح فكرة الفيلم، إلا أنه لا يقع في فخ الحوارات البلاغية الطويلة التي تنتقد المجتمع الذكوري أو التمييز بين الجنسين. ورغم أن المسرحية متشابكة بشكل كامل مع هذه الأفكار، إلا أن الشخصيات لا تتحدث عنها لأن الشخصيات لا تستطيع تحمل هذا الوضع. يحدث هذا وفقًا للسياق الدرامي الذي يجدون أنفسهم فيه: إحدى الأختين لم تكمل دراستها بسبب الزواج والحمل، بينما تعمل الأخرى في صالون تجميل.
ويتزامن عرض الفيلم في سينما زاوية مع قضية الميراث وحق الأعمام لأب في ميراث نصيب أبيهم إذا كان لديه بنات فقط. أصبحت هذه القضية مؤخرًا موضوعًا ساخنًا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار مقطع فيديو يظهر مجموعة من الرجال يهاجمون شقيقهم بعد أن تنازل عن حصته في المنزل لبناته.