هل تستفيد مصر من الشكوك حول مستقبل الدولار وتراجعه عالميا؟

منذ 5 ساعات
هل تستفيد مصر من الشكوك حول مستقبل الدولار وتراجعه عالميا؟

هبط الدولار إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات مقابل اليورو والجنيه المصري. وكان السبب وراء ذلك هو المخاوف بشأن حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة التي يقودها دونالد ترامب وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي. وهذا يطرح السؤال: هل ستستفيد مصر من انخفاض قيمة الدولار الأميركي؟

فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوما جمركية على الواردات من نحو 185 دولة الشهر الماضي، بما في ذلك 10% على الأقل وتصل إلى 145% على الصين، قبل أن يقرر قبل أسبوعين تعليق تلك الرسوم لمدة 90 يوما، باستثناء الصين.

وفي رد سريع، رفعت الصين على الفور الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة إلى 125%، مما أدى إلى تفاقم الصراع الاقتصادي بين البلدين وتغذية المخاوف من حرب تجارية عالمية.

وأدى ذلك إلى تراجع مستمر في أسواق الأسهم العالمية، ودفع المستثمرين إلى تصفية محافظهم الاستثمارية، بما في ذلك السندات الأميركية، لصالح ملاذات آمنة أخرى مثل الذهب.

تم تأسيس هيمنة الدولار

أكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس لموقع ايجي برس، أن الدولار لا يزال محتفظا بهيمنته عالميا، رغم الشائعات المتكررة بأن تراجعه أمام اليورو والجنيه المصري قد يؤدي إلى فقدان هيمنته.

وأوضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ توليه منصبه، يحاول إضعاف الدولار بهدف زيادة القدرة التنافسية للصادرات الأميركية.

وأضاف: “منذ عامي ٢٠١٧ و٢٠١٨، يشن ترامب حملةً ضد الصين. فقد اتهمها بالتلاعب بالعملة، ودعا إلى رفع قيمة اليوان مقابل الدولار، وفرض رسومًا جمركية مرتفعة على الواردات الصينية، مما أعاد التوازن إلى الأسواق آنذاك”.

وأشار النحاس إلى أن ترامب حاول الضغط على مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة لإضعاف الدولار، لكن المجلس رفض، رغبة منه في الحفاظ على التوازن في مواجهة الرسوم الجمركية المتزايدة. وبعد ذلك لجأ ترامب إلى رفع العائدات على الديون الأميركية الطويلة الأجل، ما أدى إلى وصول سعر الفائدة على السندات لمدة 30 عاما إلى 5%، الأمر الذي أدى إلى جذب رؤوس أموال كبيرة من مختلف أنحاء العالم.

ودعا ترامب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، وبما أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان محصنًا ضد دعوات ترامب لخفض أسعار الفائدة، فقد تزايدت مخاوف المستثمرين بشأن تأثير أسعار الفائدة على تباطؤ النمو الناتج عن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.

وأشار النحاس إلى أن المستثمرين حول العالم وجدوا في السندات الأميركية ملاذا آمنا وسط حالة عدم اليقين، خاصة بسبب عوائدها المرتفعة، وهو ما عزز قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية.

وتابع: “يشهد اليوان حاليًا انخفاضًا تاريخيًا إلى أدنى مستوياته منذ عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٣، والحديث عن عملة رقمية صينية في هذا السياق غير منطقي. لا يوجد حاليًا ما يدعو للثقة في اليوان، لا سيما في ظل انخفاض قيمته”.

الدولار محصن اقتصاديا.

وأوضح النحاس أن ما يميز الدولار ليس فقط كونه عملة عالمية، بل أيضاً الدعم الاقتصادي والعسكري الهائل الذي يحظى به. علاوة على ذلك، تمتلك الولايات المتحدة نحو 30% من القوة الشرائية لـ”أغنى الناس في العالم”، مما يجعل العديد من البلدان تعتمد عليها في التجارة.

وحذر النحاس من تأثير انخفاض قيمة الدولار أمام اليورو، على ارتفاع العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من 10%.

وأشار إلى أن خفض قيمة اليوان يزيد من تنافسية المنتجات الصينية في السوق المصرية. ويؤدي هذا إلى الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي ويزيد من العجز التجاري. وختم بالقول: “إن الوضع الحالي يتطلب يقظة كبيرة من جانب الحكومة”.

قال الخبير الاقتصادي محمد فؤاد إن الحركات السياسية في الولايات المتحدة تعكس رؤية أيديولوجية شاملة تم تطويرها خلف الكواليس من قبل مجموعة صغيرة من المستشارين الذين شكلوا، إذا جاز التعبير، “عقلية ترامب”. وأشهر هؤلاء هو ستيفن إيرا ميران، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس.

وأكد فؤاد أن ما نشهده على مستوى العالم ليس تصعيداً متهوراً للحرب التجارية. بل إنها محاولة من جانب الولايات المتحدة للضغط على الصين.

تأثير محدود لانخفاض الدولار على مصر

قال الخبير الاقتصادي أحمد خازيم إن تأثير انخفاض الدولار العالمي على مصر سيكون محدودا لأن الاقتصاد المصري “منفصل فعليا عن حركة الدولار العالمية”. وأوضح أن مصر تعاني من أزمة في الدولار المحلي نتيجة اتساع الفجوة التمويلية وتراجع الإنتاج وتزايد الاعتماد على الواردات.

وأشار خازيم إلى أن الفجوة التمويلية اتسعت من 21 مليار دولار في العام 2018 إلى 32 مليار دولار اليوم. والسبب في ذلك هو أن فاتورة الواردات المصرية أقل من صادراتها بما لا يقل عن 40 مليار دولار، بالإضافة إلى القروض والفوائد التي حصلت عليها. وأضاف أن القروض، للأسف، تم استثمارها في البنية التحتية طويلة الأجل ذات العوائد الطويلة الأجل.

الصراع العالمي

وأوضح خازيم أن الحرب التجارية ستخلق حالة على ساحة المعركة حيث ينخرط كلا الجانبين في الدفاع والهجوم، مما يؤدي إلى مكاسب لأحد الجانبين وخسائر للجانب الآخر.

وتابع أن هذه الحرب التي اندلعت ستؤدي إلى نوع من اقتصاد الصدمة والركود العالمي، ما سيؤدي إلى المزيد من الأزمات في سلاسل التوريد والرسوم ومعدلات التضخم والركود. نحن الآن في بداية مرحلة ينتهي فيها النظام العالمي القديم وينشأ نظام عالمي جديد لم تتضح معالمه الأساسية بعد.


شارك