توسيع إسرائيل حربها في غزة.. بين الانقسامات الداخلية والكلفة الاقتصادية

منذ 3 ساعات
توسيع إسرائيل حربها في غزة.. بين الانقسامات الداخلية والكلفة الاقتصادية

في كل ساعة تتكرر التصريحات والتقارير الإسرائيلية حول التحضير لـ”عملية كبرى” في قطاع غزة بهدف تحرير الرهائن المتبقين وتدمير قدرات حماس بشكل كامل. وهذا هدف يمكن أن يوحد كل الإسرائيليين، لكن مسألة كيفية تحقيق هذا الهدف وما هو الثمن الذي ستدفعه إسرائيل في مقابل ذلك تسبب انقسامات وخلافات عديدة بين الجمهور الإسرائيلي وصناع القرار أنفسهم.

وقد يكون البعد الاقتصادي لتوسيع الحرب من خلال هجوم بري واسع النطاق نقطة خلاف بعد أن أعلنت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الجيش سيطالب بزيادة قدرها 2.6 مليار دولار في ميزانيته العسكرية. وأشارت الصحيفة إلى رفض وزارة المالية بشكل قاطع زيادة هذا المبلغ، ونقلت عن مسؤولين في الوزارة قولهم إن أي زيادة ضرورية في الإنفاق العسكري ستكون على حساب الوضع الاقتصادي لإسرائيل.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنه في حال تمت الاستجابة لمطالب الجيش، فإن الحكومة ستدرس فرض ضرائب إضافية على المواطنين أو تقليص الميزانيات في بعض الوزارات كخيارات محتملة.

وبحسب تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية نُشر منتصف الشهر الماضي، أنفقت إسرائيل 141.6 مليار شيكل (38 مليار دولار) على صراعاتها العسكرية في قطاع غزة ولبنان حتى نهاية عام 2024.

وأدت الزيادة في الإنفاق الحربي إلى زيادة عجز الموازنة إلى 8,6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.

وعلاوة على ذلك، وفي ضوء الهجمات المتجددة التي تشنها الجماعات المسلحة والتقارير الأولى عن الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي بعد أيام قليلة من استئناف الحرب قبل خمسة أسابيع تقريباً، فإن استعداد الجيش لسيناريو زيادة انتشاره في قطاع غزة أصبح موضع تساؤل. ويأتي هذا وسط دعوات متزايدة لإنهاء الحرب، حتى من جانب أفراد عسكريين حاليين وسابقين، وتزايد عدد الموقعين على عرائض تطالب حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باتخاذ مثل هذا الإجراء.

ولكن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش حاول التقليل من أهمية هذه المخاوف، حيث صرح بأن إسرائيل لن تلجأ إلى تعبئة واسعة النطاق ومكثفة للاحتياطيات، وأنه “إذا تم اتخاذ القرار بمهاجمة غزة، فإن الغالبية العظمى من الجنود سوف ينضمون إلى الاحتياطيات انطلاقا من الشعور بالمسؤولية والإيمان بصحة هذا المسار”.

لكن سموتريتش لم يكتف بذلك، بل واصل الضغط على نتنياهو وهدد مجددا بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم الاستجابة لمطلبه بتوسيع الحرب إلى قطاع غزة، حسبما ذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” نقلا عن مصادر مقربة من الوزير اليميني المتطرف.

وذكرت الصحيفة: “سموتريتش يفقد صبره مع نتنياهو ويطرح سلسلة مطالب، من بينها الاستيلاء على أراض في قطاع غزة، وفرض الحكم العسكري، وتنفيذ خطة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب، وتحقيق النصر”.

وأضافت أن سموتريتش أجرى مشاورات مع أشخاص مقربين منه لإيجاد مخرج من المفاوضات المتعثرة والعملية العسكرية. سيطلب من نتنياهو الوفاء بوعوده بمواصلة الحرب وهزيمة حماس، “من خلال حرب شاملة، وليس حربًا جزئية أو شبه جزئية. يجب أن نقرر إنهاء أزمة غزة نهائيًا حتى نتمكن من إثبات قدرتنا على تحقيق هدفنا وتدمير حماس”.

وتابع سموتريتش: “أقول لرئيس الوزراء إنه لم يعد هناك أي مبرر. البديل للاستسلام هو احتلال أراضٍ في قطاع غزة والقضاء على حماس”.

وذهب سموتريتش إلى أبعد من ذلك، حيث زعم أن إطلاق سراح الرهائن لم يكن الهدف الأكثر أهمية، وأن “علينا أن ندرك هذه الحقيقة”. وأثار هذا الأمر غضب عائلات الرهائن، الذين ينظمون الآن مظاهرات شبه يومية للضغط على الحكومة لإنهاء الحرب والحملة من أجل إطلاق سراح أقاربهم. واعتبرت هذه العائلات تصريحات سموتريتش بمثابة تعبير عن الخجل. ويواجه الرأي العام حقيقة قاسية وهي أن الحكومة قررت على ما يبدو إطلاق سراح الرهائن. وسوف يتذكر التاريخ مدى قلة التعاطف الذي أبداه سموتريتش تجاه إخوته وأخواته الأسرى، واختار عدم إنقاذهم.

إن دعوة وزير المالية الإسرائيلي لإعادة احتلال الأراضي في قطاع غزة ليست سوى تكرار لتصريحات أدلى بها سياسيون ومسؤولون عسكريون إسرائيليون في الأيام الأخيرة. وقد شملت هذه العمليات احتلال نحو 50% من قطاع غزة بهدف الضغط على حماس وإجبارها على الاستسلام والانسحاب، وفي الوقت نفسه تأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين.

ويرى مراقبون أن عدم وضوح الوضع الميداني يفرض ضغوطا على جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من الضغط على حركة حماس. وفي حين يتحدث الجيش عن جهوده لزيادة الضغط على الحركة وتقسيم قطاع غزة إلى جزر معزولة من أجل تحرير الرهائن، فإن فشل الجيش في تحرير حتى رهينة واحد منذ استئناف الحرب يظل حقيقة لا يرغب نتنياهو وحلفاؤه في مواجهتها.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة معاريف عن مصادر عسكرية قولها إن حماس نجحت في “الاحتفاظ بعدد كبير من عناصرها في عدة ألوية وسرايا، وخاصة في رفح وخان يونس”، رغم أن الجيش يركز حاليا على هزيمة كتيبة حماس في رفح.

وتستخدم وسائل ضغط عديدة للضغط على حماس. وارتفعت أصوات في إسرائيل تطالب بإعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم مؤخرا بموجب اتفاقيات تبادل الأسرى. ويشير هذا إلى أن احتمال العودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار يتضاءل مع كل يوم يمر، وأن الوضع على وشك التصعيد.

في ظل هذه السيناريوهات العديدة، يبقى الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات والمزيد من الأسئلة حول شكل التصعيد العسكري الذي تخطط له إسرائيل، وما قد يعانيه الفلسطينيون أكثر مما تحملوه بالفعل في الأشهر الأخيرة، وموقف الإدارة الأميركية في مواجهة الشائعات التي تفيد بأن ترامب يريد إنهاء هذه الحرب خلال أسابيع قليلة.


شارك