الأرض المباركة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبلة بعنوان “الأرض المباركة”.
وأوضحت وزارة الأوقاف أن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الرأي العام بمكانة أرض سيناء المباركة أرض التجلي. وتتحدث الخطبة الثانية أيضًا عن مخاطر التحرش الجنسي ودور الأسرة في مكافحة هذا التحرش.
عن نص الخطبة:
الحمد لله رب العالمين، الحمدُ الجزيلُ الطيبُ المباركُ الذي يملأُ السماواتِ والأرضَ ويملأُ ما شاءَ ربنا بعدَ ذلك، حمدًا يليقُ بعظمةِ جلالِهِ وكمالِ ألوهيتِهِ. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وقرّة قلوبنا وقرة أعيننا محمد عبده ورسوله. أرسله الله تعالى رحمة للعالمين وخاتماً للأنبياء والمرسلين. وشرح صدره، ورفع منزلته، وأكرمنا به، وجعلنا من أهله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. والآن:
فقفي يا روح عند حدك، فإن أمامك ذكر خلاص سيناء، الأرض المباركة، أرض المظاهر، مجمع الرسالات، مهبط الأنبياء، مقام الصالحين، معبر الحجاج الكرام إلى بيت الله الحرام. على سطحها الطاهر وطأت الأقدام المباركة، وعلى تربتها الطيبة ارتفعت الأيدي بالدعاء، وصعدت النفوس الهائمة. كلما خطوت خطوة على جبل سيناء تشعر بنعمة قسم رب العالمين بأرضنا المباركة حيث قال تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونَةِ * وَطُورِ سِينَاءِ}.
أيها الناس، تخيلوا معي ذلك المشهد الكوني الإلهي المهيب، مشهد لم يشهده الزمان من قبل، حين اختار الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام أشرف العصور وأجلها، واختار له أعلى البقاع وأبركها. لقد تجلى الرب تعالى لنبيه موسى عليه السلام على جبل الطور. واهتز الجبل رهبةً وجلالاً، وتلقى قلب موسى عليه السلام نور الهداية، واستوعب حكمة السماء. هذه اللحظة الفريدة رمزٌ خالدٌ لعظمة الوحي الذي يُنير دروب التائهين، وكأن رمال سيناء تحمل صدى كلام الله تعالى المُنزل على جبله المبارك: {فلما جاءها نُودي من الشجرة التي على جانب الوادي الأيمن، في البقعة المباركة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين}. {فلما جاءها نُودي أن يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طُوْفَا}.
أيها المصريون استشعروا نعمة الله تعالى على مصر وشعبها. أي شرف وأي مجد وأي نعمة وأي نور وأي بصيرة أنعم الله تعالى بها على هذا المكان المجيد في أرض مصر! ما أعظم فضل الله وكرمه وفضله وعطائه لنا نحن الشعب المصري! لماذا اختار الله تعالى مكاناً في أرضنا الطاهرة ليظهر فيه نبيه المصطفى موسى عليه السلام؟
أيها المصريون، لم تكن هذه المظاهرة هي الأخيرة للعهد مع أرض سيناء. ولكن مع مرور السنين، واشتياقي أرض سيناء بجبالها ووديانها إلى هذه الأنوار والبركات، جاء الوحي الكريم من الله تعالى إلى موسى (عليه السلام) يدعوه في موعده (سبحانه وتعالى). وكانت أرض سيناء تتطلع إلى أن تشهد هذا الظهور العظيم مرة أخرى. {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أروني أنظر إليكم}. قال: لن تراني، ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني. ولما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وصعق موسى فلما أفاق قال الحمد لك تبت إليك وأنا أول المؤمنين
أحبائي، دعونا نستمد الحكمة من صمت سيناء، والقوة من وعورة طرقها، والنور من شمسها الساطعة. هلموا ننظر إلى جبالها العالية التي تشبه في ثباتها قلوب المصريين، وأوديتها الواسعة التي تؤوي رجاء الباحثين عن الرجاء. سيناء المباركة هي أرض ترابها من ذهب، ونخيلها عجيب، وشعبها ثمين، ورمالها فيروزية، وخزائنها كنوز. أرضنا سيناء كتاب مفتوح يقرأ فيه الحكماء سطور العظمة الإلهية والبطولة المصرية. في كل حجر قصة، وفي كل وادٍ رواية، وفي كل شبر ملحمة!
أيها الشعب العزيز، اغرسوا في نفوس أبنائكم أن سيناء الأرض المباركة هي رمز الصمود والنصر، أرض الملاحم والبطولة والفخر والكرامة والشرف. ترابها غارق بدماء الشهداء وكل ذرة فيه تشهد على جنود مصر المخلصين. فاقدروا هذه الأرض المباركة حق قدرها، فإن الخامس والعشرين من إبريل شهادة على أن سيناء تنفي شرها، ففي هذا اليوم العظيم تجتمع شرف الزمان والمكان والإنسان، ممزوجة بتكبيرات النصر ونظرة الأمل في مستقبل يحمل الخير والبركة والنماء.
ونص خطبة الجمعة بعد انتهاء جلسة الاستراحة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين. والآن:
إن التحرش هو اعتداء على خصوصية الناس المقدسة، وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية، وانتهاك للمنطق السليم. فهو ينتهك خصوصية الناس ويترك جروحاً عميقة في نفوسهم قد لا تلتئم أبداً. إذن، أيها الناس الأعزاء، قموا بدوركم ولا تترددوا في مناقشة هذا الموضوع الحساس مع أحبائكم. ابحث عن الطريقة الصحيحة والكلمات المناسبة واشرح لهم أن براءتهم هي حصن منيع لا يمكن لأحد أن يكسره، وأن جسدهم ملك لهم فقط وليس لأحد الحق في لمسه أو الاقتراب منه.
أيها السادة، أعطوا الناس من حولكم القوة لرفض أي عمل غريب أو مشبوه. أطلب منهم الإبلاغ عن أي حالات تحرش وأكد لهم أنك تؤمن بهم وستدعمهم. حتى يحصلوا على حقوقهم القانونية.
أصدقائي الأعزاء، الوعي ليس مجرد كلام، بل هو سلوك وممارسة. كن قدوة حسنة من خلال احترام الآخرين وحدودهم، وراقب العلامات التي تشير إلى أن أحباءك معرضون لخطر الأذى، مثل الانسحاب المفاجئ، أو تقلبات المزاج، أو الخوف غير المبرر.