المخرجة ليلى عباس لـ«الشروق»: يهمني الإنسان الفلسطيني وقضاياه سواء كانت اجتماعية أو سياسية

منذ 3 ساعات
المخرجة ليلى عباس لـ«الشروق»: يهمني الإنسان الفلسطيني وقضاياه سواء كانت اجتماعية أو سياسية

يعرض الفيلم الفلسطيني “شكرا لأنكم حلمتم معنا” للمخرجة ليلى عباس في سينما زاوية ضمن فعاليات أسبوع القاهرة السينمائي. الفيلم إنتاج مشترك بين فلسطين وألمانيا وقطر، وتم تمويله ودعمه من قبل العديد من المؤسسات، بما في ذلك صندوق مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ومهرجان الجونة السينمائي، ومهرجان روتردام السينمائي، والصندوق العربي للفنون والثقافة (آفاق).

تم عرض الفيلم في المهرجانات الدولية وحصل على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة ألكسندر الفضية في مهرجان سالونيك السينمائي في اليونان. تم عرضه لأول مرة عالميًا في أكتوبر 2024 في مهرجان لندن السينمائي الثامن والستين. وهذه هي المرة الثانية التي يعرض فيها الفيلم في مصر، بعد مشاركته في مهرجان الجونة السينمائي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث تقاسم جائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل مع فيلم “لا ماء”.

تدور أحداث الفيلم في سياق اجتماعي معقد يتميز برفض الإرث الذي فرضه تفسير الشريعة الإسلامية. ينص هذا القانون على أن نصيب الرجل من الميراث هو ضعف نصيب المرأة. يحتج الفيلم بوضوح على هذا الأمر، كما يحتج بشكل عام على قضية الميراث وسيطرة الذكور على الميراث.

وللحديث عن الفيلم وموضوعه الحساس، أجرينا هذه المقابلة مع المخرجة ليلى عباس.

لماذا اخترت هذا الموضوع لمشروعك الروائي الطويل الأول؟

هذا الموضوع له معنى شخصي بالنسبة لي ولذلك قررت أن أقدمه كأول موضوع في فيلمي الروائي الطويل الأول. وأعتقد أننا في العالم العربي حققنا تقدماً كبيراً في التعليم والتوظيف والعديد من المجالات الأخرى، ولكننا لا نزال عاجزين عن التعامل مع العديد من الأمور، بما في ذلك قوانين الميراث، التي “يستغلها الرجال بلا خجل”. وبما أن عائلتنا تتكون في الغالب من النساء، فأنا شخصياً ليس لدي إخوة، وقد مررت أنا وأخواتي بتجربة الوقوف في وجه الرجال في العائلة، وربما لم تكن قصتي هي نفسها، لكنها كانت الوضع العام. وهذا يطرح علينا أسئلة صعبة: “هل هذا صحيح؟ أم أن هذه القوانين مستمدة من سياقات كانت مناسبة في الماضي لكنها لم تعد تنطبق على الحاضر؟”

هل يمكن وصف فيلمك بالدراما النسوية؟ هل تركزين بشكل أساسي على قضايا المرأة؟

أنا لا أحب أن أفكر في كل شيء من منظور نسوي، وهذا ليس هاجسي ولا محور أفكاري. لقد طرحت هذه القضية لأنها تمس قضايا في عائلتي. ربما يُطلق عليه اسم النسوية في الكتابات النقدية، ولكنني لست من أنصار هذا الرأي. أنا أحب التعامل مع قضايا المرأة وتعقيداتها، لكن هذا لن يكون الموضوع المتسق لجميع أفلامي، وفيلمي الجديد مختلف.

هل كان هناك أي انتقاد لاختياركم للموضوع، سواء لتجنب موضوع الاحتلال أو للهجوم المبني على التشريع الديني؟

بالطبع النقد مهم بالنسبة لي وأستمع إلى الآراء الإيجابية والسلبية. كان هدفي أن أصنع فيلمًا اجتماعيًا لأن الاحتلال يحتل بالفعل جزءًا كبيرًا من السينما الفلسطينية ويغير وجودنا في كل مكان. لهذا السبب أردت أن أذهب في هذا الاتجاه وأبقي الطاقم في الخلفية فقط. ولكنني لم أتوقع أن يتزامن عرض الفيلم في المهرجان مع حرب الإبادة في قطاع غزة. وهذا جعل مهمتي صعبة للغاية لأنني شعرت وكأنني أقدم شيئًا خارج السياق. ولكن في النهاية أقول أن القضية الاجتماعية مهمة وأن الجمهور يتعرف على الحياة الفلسطينية ويقترب منا أكثر. أما فيما يتعلق بالتشريع، فقد كنت خائفاً من الانتقادات، ولذلك حاولت ألا أكون مخيفاً في تعاملي. أردت من الجمهور أن يفكر ويطرح الأسئلة جنبًا إلى جنب مع الشخصيات. بصراحة، لا أمانع تصرفات الشخصيات، لأنه عندما يكون كل شيء مغلقاً ولا توجد أي طرق للخروج، لا أتردد في اللجوء إلى الطرق البديلة، لأنه إذا كان القانون لصالح جنس معين، فلا أجد أي مشكلة في كسره.

حاز الفيلم على العديد من الجوائز. كيف تحفزك هذه الجوائز على الإستمرار؟

إن ردود أفعال الجمهور والجوائز لها تأثير كبير على ثقة المخرج في عمله. من المهم سماع رد فعل الجمهور في القاعة، وإذا شعرت أنك تصنع فرقًا في الداخل، فهذا يخبرك كثيرًا، سواء كان إيجابيًا أم سلبيًا. لا شك أن الجوائز تمنحنا الدافع للاستمرار، لأن صناعة الأفلام مهنة متطلبة تنطوي على الكثير من الإحباطات وأوقات انتظار طويلة. إن الجوائز تمنحنا شعوراً بالتقدير لأنفسنا وللأشخاص الذين عملوا في ظروف صعبة وبأجور منخفضة، كما أنها شعور جماعي بالرضا.

مرحلة الإنتاج مهمة بالنسبة لصانع الفيلم. كيف كانت هذه المرحلة بالنسبة لك؟

بالنسبة لصناع السينما، فإن وجود المهرجانات أمر مهم للغاية، وخاصة مهرجان الجونة السينمائي، الذي لا يقتصر على عرض الأفلام بل أيضًا على تطويرها. وأتمنى أن يكون هناك المزيد من المهرجانات التي تركز على مرحلة التطوير والتمويل. لأن إنتاج الفيلم مكلف للغاية، وللأسف مصادر التمويل نادرة في عالمنا العربي. وفي فلسطين على وجه الخصوص، لا يوجد دعم أو أموال مخصصة خصيصًا للسينما. ولهذا السبب نركز دائمًا على الإنتاجات المشتركة، وخاصة مع ألمانيا، حتى نتمكن من التقدم بطلبات للحصول على تمويل أجنبي، حتى لو كان هذا سلاحًا ذو حدين، حيث أن وجود منتج أجنبي في بعض الأحيان يعقد الأمور.

ما هو مشروعك القادم؟ هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن ذلك؟

أقوم حاليًا بإنتاج فيلم جديد عن حياة الفلسطينيين الذين يعانون تحت الاحتلال. ولذلك لا أجد مشكلة في طرح موضوع يتعلق بالاحتلال طالما أن له علاقة بفلسطين، سواء اجتماعية أو سياسية. ومع ذلك، فإن البداية الحالية لا يجب بالضرورة أن تكون الموضوع المتسق لجميع المشاريع المستقبلية.


شارك