البابا تواضروس الثاني من بولندا: تتجلى عظمة مصر في قدرتها الدائمة على تجاوز الأزمات وحفاظها على وحدة نسيجها الوطني

منذ 6 ساعات
البابا تواضروس الثاني من بولندا: تتجلى عظمة مصر في قدرتها الدائمة على تجاوز الأزمات وحفاظها على وحدة نسيجها الوطني

أقام السفير أحمد الأنصاري، سفير مصر لدى بولندا، مساء الجمعة، عشاءً رسميًا على شرف البابا تواضروس الثاني بمناسبة زيارته الرعوية التاريخية إلى بولندا. وتعد هذه الزيارة المحطة الأولى في جولته لدول أوروبا الوسطى ضمن أجندة زياراته الرعوية لعام 2025.

وحضر الحفل السفير البابوي أنطونيو غيدو فيليبازي، وسفير الفاتيكان في بولندا، وعدد من السفراء من مختلف البلدان، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وممثلي السلطات البولندية وبعض الضيوف الرسميين.

وبدأ السفير الأنصاري كلمته بتقديم تعازيه الحارة للمجتمع الكاثوليكي في بولندا وحول العالم بوفاة البابا فرنسيس، واصفاً إياه بأنه صوت السلام والمحبة والرحمة. وتمنى أن يرحم روحه. ورحب السفير بعد ذلك بالبابا تواضروس الثاني، معتبرا زيارته أكثر من مجرد زيارة رعوية، بل هي تعبير عن العلاقات الوثيقة والتاريخية بين مصر وبولندا. وأعرب عن عميق امتنانه للسلطات البولندية على دعمها الكبير وحفاوة الاستقبال وتنظيم زيارة قداسة البابا، وأعرب عن تقديره العميق لهذا الموقف الودي.

وأكد السفير الأنصاري على مكانة مصر الفريدة باعتبارها مهد الحضارات وأرض الرسل، مذكرا بأن البلاد كانت ملجأ للعائلة المقدسة. وأكد أن مصر كانت نموذجاً للتعايش السلمي بين الأديان على مدى قرون، وأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إحدى أقدم الكنائس في العالم، لا تزال شاهداً حياً على قوة وجذور الإيمان المصري. وأوضح أن بولندا من جانبها تتميز بأنها دولة تحترم حرية الدين والمعتقد وتعمل على تعزيز القواسم المشتركة بين الشعبين المصري والبولندي في إيمانهما بقوة الإنسانية وقدرتها على بناء وتحقيق السلام.

وأشار السفير إلى أن زيارة البابا تأتي في وقت حاسم يواجه فيه العالم تحديات غير مسبوقة مثل النزاعات المسلحة، والنزاعات الحدودية، ونقص المياه والغذاء، فضلاً عن تزايد خطاب الكراهية والانقسام. وشدد على الحاجة الملحة إلى أصوات قادرة على الإلهام وسد الفجوة بين الشعوب وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش.

قال السفير: “في عالم تتزايد فيه دعوات الانقسام والكراهية، من واجبنا أن نتمسك بالسلام وأن نؤمن بأن العالم شامل – ليس فقط فيما يجمعنا، بل أيضًا فيما يفرقنا. يجب أن يكون احترام الكرامة الإنسانية حجر الزاوية في أعمالنا، وعلينا أن نواصل السعي لتحقيق السلام كهدف مقدس لجميع الشعوب”.

واختتم السفير الأنصاري كلمته بتحية للبابا: “اليوم نحتفل ليس فقط بزيارة رعوية، بل برسالة روحية سامية تحمل رسالة إيمان ومحبة، فضلاً عن دعوة صادقة للحوار الذي يوحد بدلاً من أن يفرق ويعزز احترام الكرامة الإنسانية”. وتابع: “نرحب بقداستكم في بولندا بصفتكم سفيرًا للسلام، ومروجًا للحوار، وبطلًا للتسامح، وبطريركًا للقبول والشمول”.

من جانبه، أعرب البابا عن خالص شكره وتقديره على حفاوة الاستقبال وأشاد بالجهود الكبيرة المبذولة في تنظيم هذه الزيارة. وشكر جميع السفراء والدبلوماسيين الحاضرين، وكذلك ممثلي السلطات البولندية وجميع الحاضرين، وأعرب عن سعادته باللقاء مع هذه المجموعة التي تجسد قيم الاحترام المتبادل والصداقة بين الشعوب. وأكد أن هذه اللحظات من الصداقة تعكس روح المحبة التي يجب أن تسود العالم، مشيرا إلى أن المشاركة في هذا اللقاء هي تعبير صادق عن قيم التقارب والتعاون الإنساني.

وأكد البابا على المكانة الجغرافية والتاريخية الفريدة لمصر، مشيرا إلى أنها وطن باركته العصور وخلدته الحضارات. وتحدث عن عظمة الحضارة الفرعونية ووصفها بأنها من أقدم وأعرق الحضارات في تاريخ البشرية.

وأشار إلى أن مصر بفضل موقعها الاستراتيجي في قلب العالم أصبحت ملتقى للحضارات وجسراً مهماً بين الشرق والغرب والشمال والجنوب عبر التاريخ، ولعبت بذلك دوراً محورياً في تشكيل مسار الإنسانية. وأكد على الدور الحيوي لنهر النيل الذي كان على الدوام شريان الحياة للمصريين، موضحاً أن مصر كانت من أوائل الدول التي مارست الزراعة وطورت أنظمة الري المبتكرة منذ آلاف السنين، مما جعلها مصدراً للخير والبركة وعلامة بارزة في نشأة الحضارات.

وأشار البابا إلى البعد الروحي لمصر، مؤكداً أن الذكر المبارك لمصر في الكتاب المقدس حيث حلت العائلة المقدسة ضيفة عليه، جعلها رمزاً للحماية والأمل ومهداً للبركات الإلهية.

واختتم كلمته بالتأكيد على أن عظمة مصر لا تقتصر على ماضيها المجيد، بل تتجلى أيضاً في قدرتها المستمرة على تجاوز الأزمات، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطني، وتكون شاهداً حياً على التنوع الثقافي والديني.

وقال: “مصر بلد عظيم وبفضل قوة شعبها وتاريخها العريق وعظمة نهرها وإيمانها العميق ستظل دائما منارة للعالم وأرضا تنطلق منها رسائل السلام والمحبة والحياة”.

ودعا البابا كل الحاضرين لزيارة مصر، وأكد أن أي شخص يزور مصر اليوم يستطيع أن يلمس عن كثب عظمة هذا البلد الرائع وتاريخه النابض بالحياة وحضارته الطويلة. وأكد أن مصر اليوم أمة نابضة بالحياة والنشاط، تواصل ريادتها إقليمياً ودولياً، مع الحفاظ على رسالتها التاريخية كأرض للسلام والمحبة.

وفي لفتة تقدير ومحبة، قام البابا بتوزيع الهدايا التذكارية على جميع السفراء والدبلوماسيين من مختلف البلدان الحاضرة. وقد رمزت هذه الهدايا إلى دخول العائلة المقدسة إلى مصر وأكدت على قدسية المكان ودوره التاريخي كمكان ملجأ ومصدر بركة عبر العصور.


شارك