جارديان: محمد صلاح جسر بين الحضارات في قلب ليفربول

منذ 7 ساعات
جارديان: محمد صلاح جسر بين الحضارات في قلب ليفربول

في منزله الثاني، لم يعد محمد صلاح مجرد نجم رياضي معروف، بل أصبح رمزًا حيًا يبرز بين الأساطير التي شكلت الوعي الجماعي لمدينة ليفربول.

وفي تقرير مفصل، سلطت صحيفة “الغارديان” الضوء على التأثير العميق الذي أحدثه صلاح خارج الملعب، مشيرة إلى أن وجوده كان واضحا بين الحين والآخر في أزقة وشوارع المدينة. لمحة سريعة لوجهه، أو خروجه من السيارة، أو دخوله المسجد – مشاهد سريعة تتحول سريعًا إلى أساطير حضرية، يتم تناقلها بحماس.

ويروي سكان ليفربول قصصا أصبحت الآن فولكلورا، مثل كيف كان يدفع ثمن البنزين للجميع في محطة البنزين أو كيف احتضن طفلا اصطدم بعمود إنارة أثناء مطاردته لسيارة صلاح – وهي مشاهد خُلدت بالدماء والابتسامات.

قبل أسابيع، عندما كان النقاش حول تمديد عقده في ذروته، ظهرت شائعات بأنه ظهر في شوارع ليفربول لتصوير إعلان تجاري. وكما جرت العادة، اختفى عندما تجمع الجمهور، محتفظًا بصورته الغامضة على وجه التحديد لأنه من الصعب على مدافعي الدوري الإنجليزي الممتاز الإمساك به.

وأشارت صحيفة “الغارديان” إلى أن إنجازات صلاح، بما في ذلك أهدافه وألقابه وتحركاته السريعة وشعره الانسيابي وفوزه التاريخي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، كلها تعكس جاذبيته. ومع ذلك، هناك ارتباط أعمق وراء ذلك يتجاوز الإعجاب ويؤدي إلى العبادة الحقيقية والتعلق العاطفي.

علق نيل أتكينسون، مُقدّم بودكاست “أنفيلد راب”، بتأثر قائلاً: “لو التقيتُ بمحمد صلاح، لسألته عن اللحظة التي سجّل فيها هدفًا ضد مانشستر سيتي عام ٢٠١٨ ولم يحتفل. وقف هناك ينظر إلى الجماهير كما لو كان يراهم من كوكب آخر. كشفت تلك اللحظة عن بعضٍ من سحره وغموضه”.

وبحسب الصحيفة فإن علاقة صلاح مع ليفربول تتجاوز المستطيل الأخضر. وبعد تمديد العقد، لم يكتف بالثناء على النادي، بل أعرب أيضًا عن حبه للمدينة، قائلاً بابتسامة دافئة: “أطفالي أصبحوا الآن من سكان ليفربول”.

شرح ستيف روثرهام، عمدة ليفربول، سرّ هذه الصلة قائلاً: “ليفربول ليست كأي مدينة أخرى؛ فالروابط تتشكل هنا بسرعة. عندما يجد الناس من يشاركهم قيمهم، يتبنّونها، وهذا بالضبط ما حدث مع محمد صلاح”.

في مسجد الرحمة في توكستيث، يتجلى بوضوح تأثير صلاح كجسر بين المجتمعات، كما يوضح الدكتور بدر عبد الله، رئيس الجمعية الإسلامية: “لم يكن صلاح قدوة لأطفال المسلمين فحسب، بل جعل الصلاة والصيام أمرًا طبيعيًا وجعلهم مصدر فخر واعتزاز. إنه يعيش مثلنا، ونعتبره واحدًا منا”.

ولم يقتصر تأثير النجم المصري على الرياضة فحسب. وتشير التقارير إلى أن جرائم الكراهية ضد المسلمين في ليفربول انخفضت بعد وصوله. ورغم أن البعض قد يختلف حول مدى تأثيره، إلا أن حضوره الإيجابي لا يمكن إنكاره.

وعلق روثرهام قائلاً: “ببساطته وموهبته وكرمه، فعل محمد صلاح لمجتمعه ما فشلت الحكومات والسياسيون في فعله”.

وبينما تناقش المدينة إمكانية تخليد إرثه من خلال بناء تمثال أو نصب تذكاري، تظل الحقيقة أن محمد صلاح أصبح الآن جزءًا لا يتجزأ من تاريخ ليفربول، سواء كنادٍ أو كمدينة.

واختتمت صحيفة الغارديان تقريرها بالقول: “بينما تستمر رحلته في أنفيلد لموسمين آخرين، لا تزال هناك فرصة لكتابة فصول جديدة في قصة أسطورة غير مسبوقة… أولئك الذين يريدون رؤية صلاح يجب أن يعرفوا أين ينظرون”.


شارك