رأس السنة الهجرية.. من أول من وضع بداية التقويم الهجري؟‎

منذ 2 شهور
رأس السنة الهجرية.. من أول من وضع بداية التقويم الهجري؟‎

يحتفل المسلمون، اليوم الأحد، برأس السنة الهجرية 1446. وبحسب التقويم الهجري، تبدأ السنة الهجرية كل عام في شهر محرم الحرام، وتتكون من 12 شهرًا قمريًا، أي ما يعادل 354 يومًا تقريبًا.

ولكن من أول من حدد بداية التقويم الهجري؟

ردت دار الإفتاء المصرية على هذا السؤال بقولها إنه من المعلوم أن دخول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة كان في شهر ربيع الأول، إلا أن ذلك كان وحدث نية الهجرة والاستعداد لها في شهر المحرم بعد انتهاء موسم الحج الذي تمت فيه بيعة الأنصار. فقالوا: بأي الأشهر نبدأ؟ قالوا: رمضان، ثم قالوا: المحرم، كما يخرج الناس من حجهم، وهو شهر كريم، فاجتمعوا للمحرم.

وأكد الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 512) [يعني أنهم بدأوا التاريخ الإسلامي بعام الهجرة، وبدأوا بالمحرم، كما هو – وهم معروفون، وهذا هو الرأي عند جمهور الأئمة] اهـ.

قال أبو القاسم السهيلي في “الروض الأنف” (4/151 ط دار إحياء التراث العربي): [جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة يوم الاثنين، وقد اشتد الفجر، وكادت الشمس أن تغرب، في الاثنتي عشرة ليلة الأخيرة من شهر ربيع الأول، وهي على قول ابن هشام تاريخ] اهـ.

وقد تقدم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنهم لم يعدوا إلا من أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة.

ولما روى الحافظ البيهقي عن أبي البداح بن عاصم بن عدي وعن أبيه قال: «جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم». وسافر يوم الاثنين إلى المدينة اثنتي عشرة ليلة، كانت في شهر ربيع الأول، وأقام بالمدينة عشر سنين».

وفي رواية عن ابن شهاب قال: «كان بين ليلة العقبة وخروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحو ثلاثة أشهر و…» نذرت الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة في ذي الحجة الوفاء، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم. “وسلم المدينة إلى أهله في شهر ربيع الأول، وتوفي في ربيع الأول، مكملاً هجرته من مكة إلى المدينة عشر سنين. انظر: “دلائل النبوة” للإمام البيهقي (2/511 ط دار الكتب العلمية).

وما ذُكر هو مذهب الجمهور، ولم يخالف سوى ابن حزم رحمه الله، فمذهبه أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة مهاجرًا، ولكن لم يتابَع عليه، إذ الجمهور على أن أول التاريخ من محرم تلك العام.

قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (7/ 464 ط دار المعرفة) في غزوة خيبر: [رواه ابن التين عن ابن الحصار أنه أخذ] موضعها في آخر السنة السادسة، وقد رواه مالك، وأكده ابن حزم، وهذه الأقوال قريبة مما ذكره ابن إسحاق، ويحتمل أن الذي بدأ السنة السادسة كان مبنياً على بداية العام، الشهر الفعلي للهجرة، ربيع الأول] اهـ.

وقد حاول العلماء تحديد سبب اختيار المحرم بداية التاريخ، فذكروا قدسيته وفضله، كما قال الحافظ السخاوي في “فتح المغيث” (4/ 306، ط مكتبة السنة). : [لأنه شهر الله، وفيه تغطى البيت، وينشر فيه الورق، وفيه يوم يتوب فيه الناس] فعين لهم.

وقيل: لأنه فيه خلاصة الأشهر الحرم في سنة. قال أبو هلال العسكري في الأوائل (ص 151 ط دار البشائر – طنطا): [يقصد جمع الأشهر الحرم في سنة واحدة] اهـ.

قيل: لأنه وقت خروج الناس إلى بلادهم. قالوا: قدم المدينة في ربيع الأول لأنه وقت خروج الناس من حجهم وهو يوم مقدس.” انظر: “التوسيح” للإمام السيوطي (6/ 2474، ط. مكتبة الرشد).

جاء في “الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ خلفائه من بعده” للحافظ المغلاطي (1/ 168، حاشية 1، ط دار القلم، الطبعة الأولى: الفتيح). . : [وقالوا في سبب النهي عنه مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة في ربيع الأول: لأن الناس قد قضوا حجهم، وكان شهراً حراماً، فاتفقوا على المحرم وفي قول آخر: «ليكون الأشهر الحرم جميعاً في سنة» اهـ.

قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (7/268) : [وقد ذهب بعضهم إلى أنه من المناسب ابتداء الهجرة؛ قال: المسائل التي طرأت على ذهنه والتي يؤرخ بها هي أربع: ولادته، وخروجه، وهجرته، ووفاته، فكان الأرجح لهم اعتبارها من الهجرة. فمن حيث الميلاد والقيامة، لم يخلو أحد من النزاع في تحديد السنة، وأما وقت الوفاة فقد تراجعوا عنه؛ ولأنه توقع أن يكون من العار عليه أن يذكر ذلك، فقد اقتصر على الهجرة.

بل أخروه من ربيع الأول إلى المحرم. لأن بداية العزم على الهجرة كانت في محرم، إذ كانت البيعة في ذي الحجة، والشروع في الهجرة، وأول هلال بدأ بعد البيعة والعزم على الهجرة كان هلال محرم الحرام. فهل كان من المناسب أن أتخذه كنقطة انطلاق، وهذا أقوى ما صادفني من حيث سبب البدء بالمحرم] اهـ.

وأكدت دار الإفتاء أن احتفالنا برأس السنة الهجرية كل عام في شهر المحرم هو احتفال بما يمثله من معانٍ سامية وساميّة، كالرغبة في العيش بسلام والتخلي عن كل ما هو قبيح من أجل كل ذلك. يكون صحيحاً بمتابعة النفس وتطهيرها، وهو أمر مرغوب فيه شرعاً. وبقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية” رواه الشيخان.

قال الإمام النووي في “شرح مسلم” (13/ 8 ط دار إحياء التراث العربي): [فيه الحث المطلق على نية الخير، وأن النية تؤجر] اهـ.

وزاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “المهاجر من هجر ما نهى الله عنه”.

وتابع العلامة ابن حجر في “فتح الباري” (11/ 319) : “علمهم أن من ترك ما نهى الله عنه فهو المهاجر الكامل… وهذا الحديث من جامع الألفاظ التي وردت له”. ، عسى.” صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

ونحن إذ نحتفل بهذا الموسم المبارك، نتبع وصية القرآن بأن نتذكر أيام الله عز وجل وما فيها من البركات والدروس والآيات. قال الله تعالى: «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ» [إبراهيم:5].

كما أنها وسيلة لذكرى نصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالهجرة على المشركين بمكة بتسهيل انتقاله إلى المدينة والدعوة إلى الله. ليكون هناك ويحفظه من أذى المشركين. فانتقل من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة التي كانت سبباً في نصرة الإسلام وسيادته. قال الله تعالى: “وإن لم تكن تنصره فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن” ، الله معك.’ فينا» [التوبة: 40]، والوسائل لها سلطان الغايات.


شارك