نقيب الصحفيين يطالب بوقف مناقشة مشروع الإجراءات الجنائية الجديد والبدء في حوار مجتمعي حقيقي

منذ 9 أيام
نقيب الصحفيين يطالب بوقف مناقشة مشروع الإجراءات الجنائية الجديد والبدء في حوار مجتمعي حقيقي

قال نقيب الصحفيين خالد البلشي، إن قانون أصول المحاكمات الجزائية هو دستور النظام القضائي وهو نتاج الإنسانية وليس بلد معين. ولذلك فإن أي تغييرات يجب أن تتم مناقشتها بشكل جدي وبناء على فلسفة واضحة تتطلب مشاركة رؤى مختلفة، حيث أن أي خلل ناتج عن ذلك قد يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام القضائي أو خلل في نظام المعاملات، وتغييرات في النظام القضائي. فهي تتم دائما ضمن إطار ضيق النطاق وفي نصوص محددة نتيجة لحاجة اجتماعية تفرضها التطورات.

وأضاف البلشي خلال مؤتمر صحفي لإعلان موقف النقابة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية أنه من هذا المنطلق جرت المناقشات والنقاش المفتوح حول صياغة نصوص الحبس الاحتياطي، مع فتح الباب أمام نقاش واسع ومفتوح للحوار المجتمعي حول هذه النصوص في إطار الحوار الوطني، وكانت المفاجأة أنه رغم تقديم البرلمان توصيات لتحويلها إلى نص قانوني يلبي مطالب المجتمع، إلا أنه فتح الباب لنقاشات داخلية دون حوار حولها. تغيير شامل في القانون الذي تضمن أكثر من 550 مادة، مما أعطى انطباعا في العديد من الأوساط بأن شيئا ما يجري التخطيط له، خاصة أن مشروع القانون بدا وكأنه يقنن وضعا استثنائيا بدلا من محاولة تغيير هذا الوضع وفقا مع أحكام الدستور، وهكذا بقي النهج دستور النوايا الحسنة والقوانين التي تنال من الحقوق والحريات.

وأوضح أن تحويل مواد الدستور المتعلقة بالحقوق والحريات في كافة المجالات بشكل عام وفي مجال الإجراءات الجزائية بشكل خاص إلى مواد قانونية قابلة للتطبيق يتطلب تضافر الجهود وتعاون جميع الرؤى ويجب أن يتم ذلك بأقصى قدر من الدقة. بعناية وبعد مناقشات مستفيضة شارك فيها جميع الخبراء المتخصصين والمهتمين، وبالتالي لا داعي للقلق، كان لا بد من كتابة نصوصه سراً ومناقشتها على عجل؛ بل يجب على المرء أن يكون حذرًا، ويفحص كلماته بعناية، ويستنتج معناها بعناية.

وتابع: “من هذا المنطلق نرى أنه لا ينبغي تغيير القانون بشكل عام إلا إذا قدم القانون الجديد ما عجز عنه القانون القديم، وهو تقديم حلول للمشاكل التي تنشأ عند التطبيق العملي أو التي حدثت استجابة للمتطلبات الدستورية”. التعديلات التي جعلت أحكام القانون القديم غير دستورية، أو لا تتفق مع روح الدستور، خاصة إذا كان الدستور الجديد يحتوي على نصوص أكثر تقدمية تحد من الحريات الفردية في مواجهة تدخل السلطة التنفيذية الداعمة لهذه الحريات.

وأشار إلى أن هناك استعجالا من قبل بعض الأطراف أو داخل البرلمان لإقرار هذا المشروع -دون أي سبب معلن ومشروع- رغم الدعوات المتكررة لتأجيل النظر في المشروع وطرحه لحوار اجتماعي حقيقي لجميع الأطراف. يجب أن يشارك في إقناعه بتأجيل المناقشة. وفي أقل من أسبوعين، أنجزت لجنة الشؤون العمل الدستوري والتشريعي وأقرت أكثر من ثلاثة أرباع المواد التي سبق أن صاغتها اللجنة الفرعية – ولا تعرف طبيعة التغييرات – واعتبرت 11 سبتمبر هو الأخير لها جلسة تمت فيها الموافقة على المشروع وإرساله إلى البرلمان، ورافق ذلك هجوم شرس على منتقدي القانون، مما أثار تساؤلات حول السبب وأرسل إشارات بأن القانون سيمر حتما ويقطع الطريق أمام أي نقاش يقودنا إلى ويطالب بالانسحاب من هذا المشروع الكارثي والتوقف عن مناقشته حتى تستمع إليه كافة الأطراف بجدية.

وأشار إلى أنه من وجهة نظر نقابة الصحفيين لا يسعنا إلا أن نؤكد مبدئيا أن الاستجابة لمطالبة النقابة بإلغاء المادة (267) من القانون قد بعثت بإشارة إيجابية، ولكننا في الوقت نفسه نؤكد أننا قد قمنا وأعرب عن أمله في أن يؤدي التعامل مع مشروع القانون والاعتراضات المطروحة إلى تحويله بنفس الطريقة، بحيث لا يصبح الأمر استثناءً يفتح الباب أمام النقد السلبي، بل قاعدة للتعامل معه توسع أفق الحوار. مع أطراف مختلفة.

وأشار إلى أن البعض ربما كان ينتظر أن يكون هذا الرد بابا تخرج منه نقابة الصحفيين، لكننا نكرر أننا لم ندخل في هذا الأمر لأسباب نقابية أو مهنية فقط، بل دفاعا عن النقابة. حقوق وحريات المجتمع بأكمله، وفي الوقت نفسه ندرك أن القانون يقوض الحقوق. والحريات، وإن بدت نصوص الصحافة متوافقة مع بعض المطالب، إلا أنها قانون يقيد الصحافة ويقوض حريتها أيضا، وبما أنه يمس حقوق جميع الأطراف، فإن الصحافة والصحفيين لا يعملون بمعزل عن غيرهم من المناخ العام، وأي تقييد لحقوق وحريات الفرد لا يمنع أحداً من دفع الثمن، ولا حتى الصحفيين أنفسهم، فعندما يمثلون أمام القضاء، فإنه يقوض الثقة في كافة مؤسسات الدولة.

وأكد أنه لا يزال لدينا ضمن القانون متطلبات مهنية تتعلق بالمادتين (15 و266)، لكن هذه المتطلبات لا يمكن أن تكون بمعزل عن موقفنا من القانون ككل، وحتى لو تم تطبيقها عليها مع احترام الفلسفة القائمة من قبل وبحسب القانون فإننا نؤكد أن مهنتنا ستكون أيضاً في مقدمة الخاسرين، مضيفاً أن الصحافة مهنة تعيش في حرية ومن خلال توسيع الحقوق والحريات في المجتمع وأي تقييد تظهر نفس النصوص الصحفية براقة، عزل الصحافة عن سياقها وجعلها تفقد سلاحها الأهم وهو المناخ الذي تعمل فيه والذي نعمل فيه جميعا، وهو التزام إضافي للوضع المأساوي الذي تعاني منه المهنة.

وجدد دعوة النقابة إلى ضرورة إنهاء النقاش حول هذا المشروع الكارثي والبدء بحوار مجتمعي حقيقي لوضع قانون جديد يستجيب لتطلعات المجتمع ويراعي مطالب مختلف الأطراف وثقة المواطنين في الحكومة. المشروع يدعم نظام العدالة، ويكرس حقوقهم وحرياتهم أو يستجيب للمطالب المطروحة، ونحن هنا من مشاركتنا في هذا الحوار نتبنى هذه الدراسة التي كشفت أن 41 مادة من المشروع تخالف مواد الدستور، كما أنها ويبين أن هناك 44 مادة تتطلب تغييرات جذرية، من بينها مادتان على الأقل تتعلقان بعمل الصحافة.

وأكد أن طرح المشروع للمناقشة بشكل يثير الكثير من علامات الاستفهام ولا يتماشى مع تطلعات كافة شرائح المجتمع المصري لتغيير قانون يعد ركيزة أساسية في نظام العدالة المصري. كما أدى المشروع إلى تقويض جهود الحوار الوطني وإثارة التساؤلات والشكوك. وبينما جرت مناقشات مستفيضة في إطار الحوار حول عدد محدود من المواد المتعلقة بالحبس الاحتياطي وتم تقديم هذه التوصيات على خلفية قبول اجتماعي، إلا أنني فوجئت بتقديم مشروع متكامل يهدر الكثير مما لقد تم . تم الاتفاق عليه ويحتوي على أكثر من 550 مادة دون أي نقاش في رسالة لجميع الأطراف توضح ما حدث داخل أروقة الحوار وتم تجاهل التوصيات المقدمة وبعد أقل من يومين أقرت جميع الأطراف بتصريحات الرئيس بشأن الحبس الاحتياطي وسرعة الاستجابة. ويقدم الرئيس التوصيات ويعرضها على الحكومة.

وقال البلشي إن نقابة الصحفيين تؤكد أن إقرار أي تغييرات على مواد الحبس الاحتياطي -دون اتخاذ إجراءات عاجلة لحل قضية المعتقلين المؤلمة- يبعث برسالة مفادها أن التغييرات مجرد حبر على ورق.

وتابع: لا داعي للاستعجال في تغيير القانون الحالي لحل أزمة المعتقلين. بل إن تطبيق القانون الحالي دون تغييرات وفي ظل وجود إرادة سياسية حقيقية للتغيير سيؤدي فوراً إلى التصفية. وعلى مستوى الصحفيين وحدهم، فإن تطبيق القانون الحالي يكفي للإفراج عن 16 صحفياً محبوساً على ذمة المحاكمة الاحتجاز. ومن بين الصحفيين الـ 23 المسجونين أو المحكوم عليهم بالإعدام، تم تجاوز مدة حبسهم الاحتياطي، كما تنتهي آثار مخالفة أحكام القانون، سواء في طبيعة الاعتقال، مما يفتح الباب أمام الاعتقال. استقبال معتقلين جدد، أو ما يتعلق بتبعات هذا التجاوز، بما في ذلك منع عدد من الزملاء من السفر أو التصرف في أموالهم وممتلكاتهم وبعض متعلقاتهم بعد إدراجهم على قوائم منعهم من التصرف فيها. والمفارقة أن العديد من نصوص المشروع الحالي، الذي جاء بتعديل المادة الخاصة بالحبس الاحتياطي، عملت على تقنين هذا الوضع وتغييره. وتشمل الاستثناءات من القاعدة الأمور التي تنتهك حقوق المتهمين، وتخالف القانون، وتقوض كل الجهود المبذولة في هذا الشأن، بما في ذلك ما تم في الحوار الوطني.

وجدد رفض نقابة الصحفيين لكل هذه النصوص، وأكد أن تعديل مواد الحبس الاحتياطي لا يمكن أن يكتمل إلا بقانون إجرائي يقوم على فلسفة واحدة تضمن حقوق الفرد والمتهم و فوجود قانون حقيقي يؤكد الإرادة السياسية للتغيير وإنهاء الممارسات التي ساهمت في تفاقم الأزمة الاجتماعية.

واعتبر أن اعتماد هذا المشروع بنصوصه الحالية، حتى لو تم تعديل المواد المرتبطة مباشرة بالعمل الصحفي، لن يمنعنا من مواصلة الطريق نحو قانون عادل لكل المصريين، حيث أن استمرار هذا الوضع يشكل ترسيخا لقانون تقييد العمل الصحفي، ولن تتحرر الصحافة إلا في مناخ مناسب وحر يحرر العمل الصحفي من القيود التي تقيد حرية تنقل الصحفيين وتعيق حريتهم في التنقل، وفي نظام عدالة يكفل الحرية المحاكمة لجميع المواطنين.

وأشار إلى أن المشروع الحالي لقانون الإجراءات الجنائية لا يلبي العديد من المعايير:

1. بعض نصوصه مخالفة للدستور بشكل صارخ.

2. هناك نصان يمكن الاستفادة منهما في الحد من العمل الصحفي. معظم النصوص التي شملتها الدراسة تقيد حرية الصحفيين وتعرضهم لتهديد مباشر يحد من حريتهم ويفرض قيودا على التدابير التي تقوض حريتهم وحرية الجميع.

3. إنه يقوض مواد الدستور التي تتعلق بالإجراءات القضائية والنظام القضائي ونؤكد في دورنا أنه لا حرية صحافة إذا لم تكن هناك إجراءات قانونية تضمن العدالة للجميع، وهو ما نبينه أدناه: أشارت الملاحظات الواردة في الدراسة إلى المخاطر وأبرزت ما يلي:

ولا يساوي المشروع بين الادعاء وحقوقه والدفاع بحقوقه وضماناته. فالأول له الأسبقية على الثاني.

– لا يجوز تقديم شكوى إلى القضاء ضد قرارات النيابة العامة المتعلقة بسير التحقيق.

– لا يحق للمتهم ومحاميه المطالبة ببطلان الإجراءات إذا تبين له أثناء المحاكمة بطلانها ودعا إلى الالتزام بهذه الإجراءات، أو إذا خشي أن يخالفها. عقد خلال مرحلة التحقيق الأولي.

– يجعل الحكم الغيابي الوشيك قراراً واجب النفاذ يمنع المدعى عليه من التصرف في أمواله والتصرف فيها.

– لا تضمن النيابة إتمام التحقيق في الوقت المناسب، مما يؤدي إلى بقاء سيف النيابة مرفوعاً فوق رأس المتهم إلى أجل غير مسمى، مما يفتح المجال أمامه للاستمرار في اتخاذ الإجراءات الوقائية إلى أجل غير مسمى.

– المتهم تحت رحمة السلطة التنفيذية عن بعد أثناء عملية التحقيق والمحاكمة. ونتيجة لذلك، فهو غير قادر على التأكد من أن ما تم تسجيله في التسجيل أو التقرير هو بالضبط ما صرح به أثناء التحقيق أو المحاكمة.

وأشار إلى أن النقابة ستقدم هذه الدراسة إلى مجلس النواب بأكمله وجميع الجهات المعنية والزملاء الصحفيين في البرلمان حتى نتمكن من العمل معا لوقف هذا المشروع الكارثي. كما نعرب عن تضامننا مع كافة اعتراضات الآراء القانونية والدستورية على مشروع القانون ومع كل الجهود الرامية إلى إقرار القانون بما يحترم حقوق المجتمع ويوفر الضمانات اللازمة لحقوق المواطنين من خلال محاكمات عادلة وفقا بنصوص مجردة وواضحة لا تخضع للتأويل.


شارك