تعقيدات أمنية وضيافة كريمة.. كيف وصف عمرو موسى أجواء لقاءاته بحسن نصر الله؟
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، أنه تمكن من اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، خلال غارة جوية واسعة النطاق شنتها قواته على مقر قيادة الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية قبيل صدور البيان الرسمي أن أجهزة أمن الاحتلال لديها أدلة على مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في هجوم مساء الجمعة، فيما قال حزب الله إنه لم يعلق حتى الآن على إعلان الاحتلال.
وأسفرت الهجمات، أمس الجمعة، عن مقتل قائد الوحدة الصاروخية لحزب الله في جنوب لبنان ونائبه وعدد من قيادات الحزب، وهم محمد علي إسماعيل ونائبه حسين أحمد إسماعيل، بحسب بيان للاحتلال الإسرائيلي. جيش.
*نصرالله.. من غيّر تاريخ حزب الله
وتولى حسن نصر الله قيادة الحزب في سن مبكرة، وكان عمره حوالي 35 عاما فقط. ليصبح أحد رموزه ووجهه المألوف على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويمثل نصر الله علامة فارقة في تاريخ الحزب حيث قاد تحوله من حركة مقاومة إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي واسع.
أعطت حرب 2006 نصر الله شعبية واسعة، وأصبح جزءا مهما من المعادلة السياسية اللبنانية، حيث شارك الحزب في اعتصامات المعارضة ودعا إلى استقالة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة.
وحظي لبنان باهتمام كبير من عمرو موسى عندما كان أمينا عاما للجامعة العربية، وشارك بشكل مكثف في الحوارات واللقاءات بين كافة الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، بما في ذلك حزب الله. فكان موسى ضيفاً على نصرالله والتقى به عدة مرات. يروي الخلفية بين فصول مذكراته في الجزء الثاني من كتابيه «سنوات الجامعة العربية» تحرير وتوثيق الصحفي خالد أبو بكر، الصادر عن دار الشروق عام 2020.
*الستائر السوداء.. طريق معقد إلى نصرالله
يقول موسى: «الاعتبارات الأمنية للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي استهدفته إسرائيل، كانت تتطلب إجراءات أمنية معينة عندما أردت مقابلته. أخذتني سيارة ذات ستائر سوداء ونوافذ داكنة.” وبينما كنت أقود السيارة، شعرت وكأنني عربة نقل الموتى، لا سمح الله، وقدت سيارتي إلى منطقة خرجت منها ودخلت إلى منطقة أخرى بها ستائر سوداء أيضًا، ثم نزلت سيارة من كراج في المنطقة، ثم نركب سيارة ثالثة وتأخذني إلى كراج ثان حتى أتمكن من ركوب المصعد، وبمجرد خروجي يسلم علي نصر الله”.
*علامة الطعام. هل اكتشف موسى سر التمويه؟
ويتابع موسى: «خلال الزيارات المتكررة لنصرالله، بدأت أركز على الطريق. صحيح أن هناك ستائر سوداء، ولكن هناك زجاج أمامي مكشوف – مثل محل بقالة عليه. اعتقدت أنه درع تمويه، وعندما وجدته أكثر من مرة قلت لرفاقي. قال مازحا: سآتي بمفردي في المرة القادمة لأنني أعرف أين نحن الآن وأشاروا إلى اللافتة فقالوا منزعجين: لا، نحن لا نأتي إلى هنا في كل مرة.
* محادثات معقولة وأجواء ودية
وتحدث موسى عن أجواء اللقاءات مع نصرالله ووصفها بأنها كانت جيدة جدا. وقال عنها: «تحدثنا وضحكنا ومرت الجلسة معه بعدة مراحل. أولا رحب وأدار. ثم تحدث بشكل إيجابي للغاية عن مصر والعلاقة مع مصر، ثم تحدث عن الجامعة وعن دوري الشخصي وسعادته بهذا الدور. ثم أعاد الموضوع إلى صلب الموضوع وبدأت أتحدث معه وبدأت بالتحفظات. وقبل انتهاء اللقاء طلب وقتاً للتشاور مع مساعديه وحلفائه، وكان نصر الله دائماً محاوراً جيداً ومعقولاً. لديه قدرة كبيرة على الاستماع جيدًا وعدم المقاطعة.
*عمرو بيه منزعج: سيارة واحدة تكفي
وقال: “ذات مرة اشتكيت له من الإجراءات الأمنية المعقدة للغاية ومشكلة الستائر السوداء وقلت له ضاحكاً: ‘كل هذه الإجراءات لا فائدة منها’ وأخبرته بأسماء البقالات والمحلات التجارية التي نزورها”. مررت عبر المنطقة، مما سمح لي بالوصول إلى مقره بنفسي أثناء القراءة من الزجاج الأمامي للسيارة. ضحك كثيرا وقال ممازحا: لو لم أكن عمرو موسى لكانوا اعتقلوني لأني أعرف السر».
ويصف موسى: “دار النقاش، وجاءت صواني الحلويات اللبنانية وذهبت وأسماء الشوارع والمحلات التجارية، ومعها الشاي والقهوة، وأعطى تعليماته لرجاله بتخفيف الإجراءات الأمنية في حضوري”.
وأضاف: “قال: هي سيارة تتجه إلي مباشرة لأن أخونا عمرو بيه منزعج من كثرة الإجراءات الأمنية والمرة القادمة الإجراءات الأمنية خففت بشكل كبير”. والحقيقة أن حسن نصر الله تعامل معي بإيجابية ولقاءاتي معه كانت مفتوحة ومفيدة، مع أن اختلافنا في الرأي أكبر من اتفاقهم لأن لقاءاتنا كانت ودية.