حوار| غادة والي المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة: المنطقة العربية وإفريقيا الأعلى استهلاكا للمخدرات فى العالم
• 292 مليوناً حول العالم يتعاطون المخدرات.. و64 مليوناً يعانون من الاضطرابات • 100 ألف حالة وفاة سنوياً في الولايات المتحدة وكندا بسبب جرعات زائدة من الفنتانيل • تحظى جهود مصر في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية بالتقدير على المستويين الإقليمي والدولي • أفغانستان هي أكبر دولة منتجة للأفيون وكولومبيا تنتج الكوكايين. نقوم بمراقبة زراعة النباتات المخدرة في جميع أنحاء العالم عبر الأقمار الصناعية. • الدولة المصرية لديها القدرة على نشر تقاريرها الدوائية المحلية وتوفير كافة البيانات الخاصة بالتقارير الدولية • كان لأزمة أوكرانيا تأثير كبير على توزيع دعم المانحين لأهداف التنمية • تحولت المعامل الصغيرة ومصانع الأدوية في مناطق النزاع إلى إنتاج أقراص الترامادول والكبتاجون • يغذي النزوح الجماعي عصابات الجريمة المنظمة التي تعمل في تهريب المخدرات والاتجار بالبشر
دكتور. أكدت غادة والي وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن المخدرات ظاهرة عالمية وإقليمية يعاني منها العالم أجمع، وشددت على أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للأمن. الحل فعال في مكافحة هذه الظاهرة، إذ يجب علينا أولاً توعية الأسر. وأوضحت أيضًا أن النزوح واسع النطاق يغذي عصابات الجريمة المنظمة لتهريب المخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر.
وقالت والي في حوار لـ«الشروق» خلال زيارتها للقاهرة، إن المنطقة العربية وأفريقيا بها أعلى معدلات استهلاك للمخدرات في العالم لأنها المنطقة التي يتواجد فيها أكبر عدد من الشباب وأقل معرفة بأضرار المخدرات. مشيرة إلى تزايد الوفيات في دول مثل الولايات المتحدة وكندا بسبب جرعة زائدة من الفنتانيل.
كما أشاد والي بجهود مصر وتعاونها في مكافحة المخدرات والهجرة غير الشرعية على المستوى الإقليمي والدولي.
و نص الحوار :
● أولا، ما هي العلاقة بين مصر وبرنامج الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وكيف تساعدون في دعم القاهرة في هذه القضية؟
– المخدرات ظاهرة عالمية وإقليمية، ومصر هي المقر الرئيسي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة منذ أكثر من 20 عاما، والمنظمة تعرب عن امتنانها لمصر لكونها مكتبا إقليميا يغطي المنطقة العربية وشمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. الشرق الأوسط والخليج العربي أيضاً.
نحن نعمل مع العديد من الوزارات في مصر ونقوم بتوسيعها. التقيت خلال زيارتي للقاهرة برئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي ووزراء الخارجية والصحة والتضامن الاجتماعي لعرض برامجنا التي نقوم بتوسيعها.
إن وجودنا في مصر مهم للغاية لأننا نلعب دورًا إقليميًا ونسهل التعاون بين مختلف الوكالات العاملة في مجالنا. كما تتزايد ظاهرة المخدرات في مصر والمنطقة والعالم، حيث تعتبر المنطقة العربية وأفريقيا من المناطق التي تشهد أعلى معدل زيادة، حيث أنهما المنطقة التي يعيش فيها معظم الشباب في العالم.
بالإضافة إلى ذلك، تتمتع مصر بحدود طويلة جدًا في مناطق الصراع حيث تنشط عصابات الجريمة المنظمة وبالتالي هناك زيادة في نشاط الجريمة المنظمة في جميع مناطق الصراع. يوجد حاليًا 120 مليون نازح حول العالم، وهو الأكبر في أفريقيا، ولا يوجد سوى 9 ملايين نازح داخليًا أو في دول مجاورة بسبب أزمات المناخ والجفاف والتصحر والنزاعات المسلحة، وبعضهم تنجذب إلى عصابات الجريمة المنظمة بحشود كبيرة يؤدي إلى نشاط العصابات الإجرامية المنظمة، ليس فقط في تهريب المخدرات، بل أيضاً في تهريب الأسلحة الصغيرة والبضائع كالسجائر وغيرها، وكذلك الاتجار بالبشر.
إن أفريقيا قارة تعاني من الجفاف والتصحر والصراعات المسلحة. وتسيطر الجماعات المسلحة أيضًا على بعض المناطق في غرب أفريقيا والصومال وغيرها، مما يجعلها عرضة للهجمات.
ومن الجدير بالذكر أن أفريقيا كانت قارة عبور بين الشرق والغرب ثم أصبحت قارة لاستهلاك المخدرات. هناك ظاهرة جديدة في العالم وهي أنواع جديدة ومبتكرة من المخدرات، وفي أفريقيا هناك نسبة عالية من الشباب يستخدمون الإنترنت ويمكن تداول المخدرات بسهولة أكبر من خلال “الويب المظلم” وهذا موجود الوسائل والمعلومات عنها لإنتاج الأدوية الكيميائية والصناعية، حيث أنها تصنع من مواد يمكن تداولها واستخدامها في صناعة الأدوية، ولكن بخلطها بنسب معينة تصبح أدوية تركيبية أو صناعية.
نقوم بمراقبة زراعة نباتات المخدرات في جميع أنحاء العالم عبر أقمارنا الصناعية. وتوجد المخدرات النباتية في كولومبيا وبيرو وبوليفيا، حيث تتم زراعة الكوكا وتحويلها إلى كوكايين ومن ثم تهريبها إلى أوروبا وأمريكا. ويزرع الأفيون في أفغانستان، ثم يتحول بعد ذلك إلى هيروين ويتم تهريبه إلى الشرق الأوسط عبر دول آسيا الوسطى. ونرى حالياً أنه في مواقع الصراع يتم تفكيك المعامل الصغيرة ومصانع الأدوية وتحويلها إلى مصانع تنتج أقراص الترامادول والكبتاجون لأنها سهلة التهريب والنقل وغير مكلفة.
● هل هناك أرقام عن تجارة المخدرات العالمية؟ كم عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات في جميع أنحاء العالم؟
– وفيما يتعلق بتهريب المخدرات فإن الأرقام هي مجرد تقديرات صادرة عن الدول ونفضل أن تنشر الدول أرقامها لأنها هي المسؤولة عنها ولا تمثل المضبوطات إلا نسبة بسيطة من كمية المخدرات المهربة الداخلة إلى الدول. ارتفع عدد متعاطي المخدرات في جميع أنحاء العالم إلى 292 مليون شخص في عام 2022، أي بزيادة قدرها 20% خلال 10 سنوات. ولا يزال القنب هو المخدرات الأكثر استخدامًا في جميع أنحاء العالم (228 مليون مستخدم)، كما أن المواد الأفيونية هي ثاني أكثر المخدرات تعاطيًا حيث يستخدمها 60 مليون شخص، على الرغم من انخفاض إنتاج الأفيون العالمي بنسبة 74٪ في عام 2023. تزايدت المواد الأفيونية الاصطناعية الجديدة. ويؤدي تأثير مشكلة المخدرات العالمية إلى زيادة الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات. يعاني حوالي 64 مليون شخص حول العالم من تعاطي المخدرات، ويفقد مئات الآلاف حياتهم بسبب تعاطي المخدرات كل عام.
● ما هو الدعم الفني الذي تقدمونه لمصر وهل هناك أي دعم مالي؟
في كل دول العالم بما فيها مصر نعمل على ثلاثة محاور: البحث والاتفاقيات الدولية والدعم المالي. ومن حيث المسؤولية البحثية، نقوم بإعداد تقارير وأبحاث ودراسات ومسوحات، بعضها عالمي مثل تقرير المخدرات العالمي، والبعض الآخر إقليمي مثل تقرير أفغانستان عن الأفيون، وتقرير كولومبيا عن الكوكايين وتقرير المخدرات العالمي. تقرير عن المخدرات في العراق والمنطقة المحيطة به سيتم نشره. إذا طلبت دولة ما تقريرًا محليًا عنها، فسنقوم بإعداده. وأود أن أشير هنا إلى أن مصر لديها الفرص لنشر تقاريرها المحلية لأن لديها القدرة البحثية ويقوم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بإعداد وإعداد أبحاثها كما يشارك في استكمال كافة الاستبيانات ويوفر كافة البيانات للتحليلات الدولية. التقارير المتاحة.
ويتعلق المحور الثاني لعملنا بالاتفاقيات الدولية التي تتعهد فيها الدول الموقعة بتنفيذ التزاماتها الدولية. على سبيل المثال، قبل عامين ترأست مصر مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية مكافحة الفساد، وتم نقل رئاسة المؤتمر إلى الولايات المتحدة منذ 6 أشهر.
يعد تتبع ومراقبة التزام الدول بالاتفاقيات الدولية أحد مجالات عملنا ونعمل مع مصر وجميع دول العالم في هذا المجال.
ويتعلق مجال النشاط الثالث بالدعم المالي من حيث دعم القدرات وبرامج التدريب. وهناك دول تمولنا مثل كولومبيا التي توفر لنا الأموال لمساعدتها في برامج التنمية البديلة وتمدها بصور الأقمار الصناعية، ما يسمى ببرنامج المساعدة الوطنية، والذي تدعم فيه الدولة برنامج الأمم المتحدة لتمويل التنمية. تقديم الدعم الفني.
أما بالنسبة لمصر، فنحن نعمل هناك بتمويل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان ودول أخرى.
كما أننا نتلقى أموالاً من الدول المانحة وننفقها على برامج بناء القدرات في البلدان المحتاجة. على سبيل المثال، أبلغت وزير الخارجية بتلقي رسالة من الاتحاد الأوروبي مفادها أننا سنتلقى 20 مليون دولار لبناء قدرات نظام العدالة الجنائية. ولكن أود أن أشير إلى أن المشكلة الحقيقية للأمم المتحدة والمنظمات التنموية تكمن في الأولويات التمويلية للدول المانحة. وتوافرت أموال كبيرة لأهداف التنمية، لكن قسما كبيرا من هذه الأموال ذهب للمساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وغيرها. كما تقترض أوكرانيا مبالغ كبيرة جداً من الاتحاد الأوروبي، وهناك دول تسحب ذلك من المساعدات التنموية لصالح الدول الأوروبية المضيفة. كما تسبب التسلح في استقطاعات كبيرة، حيث خفضت ألمانيا جزءا كبيرا من مساعدات التنمية بقيمة 100 مليار يورو لزيادة ميزانية التسلح.
● هل هناك أرقام أو بيانات عن الدول الرئيسية المنتجة للأدوية والمستهلكين؟
الدولتان الأكثر معاناة من مشكلة الفنتانيل هما الولايات المتحدة وكندا. هناك 100 ألف حالة وفاة كل عام بسبب جرعات زائدة من الفنتانيل لأنه يُسمح بتداول مكوناته على الرغم من أنها مركبات كيميائية مميتة.
أصغر حالة وفاة في الولايات المتحدة كانت لطفل عمره عامين تعرض لجرعة لم يتناولها. أعطته إحدى العاملات في الروضة مادة، وحالما استنشق الطفل المادة توفي على الفور.
ومن حيث إنتاج الأفيون، تعتبر أفغانستان أكبر دولة منتجة للأفيون في العالم، حيث تنتج نحو 85% من إنتاجه العالمي، تليها ميانمار، بينما تعتبر كولومبيا أكبر دولة منتجة للكوكايين في العالم، تليها الإكوادور والبيرو و بوليفيا.
ومن الجدير بالذكر أن حركة طالبان في أفغانستان أوقفت وحظرت الآن زراعة الأفيون، في حين زادت زراعة الأفيون في ميانمار ومناطق الصراع والمناطق غير الخاضعة لسيطرة الدولة، وتم الإبلاغ عن أعلى المضبوطات في إيران، حيث ظلت لفترة طويلة حدود عدة دول.
أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فإن الكبتاجون المضبوط في الخليج العربي يأتي من مناطق الصراع في الشرق الأوسط. ويقدم تقريرنا خرائط عالمية لحجم المضبوطات في المناطق، وينظر أيضًا في ظهور أنواع جديدة من المخدرات مثل الميتازين. وفي مصر هناك المخدرات الاصطناعية ماث والترامادول، ويمكننا تحديد مصدر هذه المواد.
● تستخدم بعض الجماعات المسلحة المخدرات كشكل من أشكال التمويل. هل هناك رصد أو بيانات واضحة حول هذا الموضوع؟
– لقد أجرينا بالفعل مجموعة من الدراسات في منطقة غرب أفريقيا ومناطق الصراع المختلفة. وهناك تعاون بين الجماعات الإرهابية والعصابات في تأمين نقل المخدرات أو توفير الأسلحة الصغيرة أو تقاسم عائدات الاتجار بالبشر.
بشكل عام، نعلم أن الجماعات المسلحة التي تسيطر، على سبيل المثال، على مناطق معينة لتمكين نقل المخدرات، تأخذ نصيبها من تجار المخدرات، سواء كان ذلك على شكل أموال أو أسلحة. ومنذ عدة سنوات، انخرطت حركة الشباب في الصومال في أنشطة القرصنة البحرية والاستيلاء على السفن، وكانت هناك تقارير عن الاتجار بالبشر والفساد والجريمة المنظمة.
● ما هي طبيعة الدعم الذي يقدمه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية وكيف تقيمون جهود مصر في هذا الشأن؟
إن الجهود المصرية معترف بها على المستوى الإقليمي والدولي وليس فقط من قبل الأمم المتحدة، حيث لوحظت جدية الدولة المصرية في ضبط حدودها والتعاون مع العالم في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية في صياغة مشروع القرار. في مقترح المشروع المقدم إلينا، نبدأ أولاً بسؤال الحكومة التي نعمل معها، وهي في هذه الحالة مصر، عن احتياجاتهم التدريبية والقضايا التي نعمل عليها والتحديات التي تواجههم، ونضع هذه الطلبات في طلب واحد المقترح للدولة المانحة، أي أن التنسيق يتم قبل صياغة المقترح.
ومن أجل العمل مع مصر، نقوم أولاً بمراجعة السياسات الوطنية للبلاد وتقديم أفضل الممارسات وبناء قدرات إنفاذ القانون وجميع مكونات نظام العدالة الجنائية.
● ماذا عن الدور السلبي الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للمخدرات؟ وما جهود الأمم المتحدة في هذا الجانب التوعوي؟
لقد لاحظنا من خلال دراسة استقصائية عالمية للشباب أن الشباب عمومًا أقل وعيًا بمخاطر الحشيش
والحشيش حيث يعتبرونه غير ضار ولا يشكل خطرا على الصحة. كما لاحظنا أن هناك دول تسمح بتداول الحشيش لأسباب معينة وبالتالي فهو غير ضار.
ورسالتنا هي أن الحل الأمني لمشكلة المخدرات غير فعال. الحل يكمن في الوقاية والعلاج، والوقاية أهم من العلاج. ولهذا نعتقد أن البداية يجب أن تكون مع الأسرة، حيث تدعم الطفل منذ ولادته حتى سن 18 عامًا، مع توعية الأب والأم ومراقبة سلوك الطفل الذي يؤدي إلى الإدمان. تثقيف معلمي المدارس لمراقبة الأطفال وتدريب أطباء الأطفال حيث يمكن أن ينخفض عمر الاعتداء إلى 11 عاماً. وهذا يؤثر على خلايا الدماغ ويدرب أيضًا أفراد المراقبة.
● هل وصلتكم تقارير عن قيام تجار المخدرات باستغلال الأزمات حول العالم لتسهيل أنشطتهم؟
الأزمات لها تأثيرها حسب طبيعتها. خلال أزمة فيروس كورونا الجديد، شهدنا تراجعاً حاداً في تعاطي المخدرات الاصطناعية، مثل عبر الحدود البرية والمطارات، وقد حدث تراجع في التهريب بسبب تراجع حركات السفر، فتراجع التهريب في البداية لفترة . ثم تأقلمت جماعات تهريب المخدرات مع الوضع، ولاحظنا زيادة في استخدام قوارب الصيد لنقل المخدرات عبر الطرق البحرية في الأنهار والبحار. وفي حالة حرب أوكرانيا، كانت أوكرانيا ممرا مهما للغاية لتهريب الهيروين من آسيا الوسطى إلى أوروبا، ولكن مع اندلاع الحرب تغيرت الطرق المؤدية إلى دول البلقان ولاحظنا زيادة كبيرة في تهريب المخدرات عبر البلقان. ودول أوروبا الشرقية.