ما تأثير انشقاق الجنرال كيكل على سير الحرب في السودان؟

منذ 1 شهر
ما تأثير انشقاق الجنرال كيكل على سير الحرب في السودان؟

تلقت قوات الدعم السريع، أمس الأحد، ضربة عسكرية ومعنوية بانضمام قائد قواتها في ولاية الجزيرة (وسط السودان)، أبوعاقلة محمد أحمد كيكل، إلى الجيش السوداني، مما سيسمح للقوات المسلحة السودانية لتسريع عملياتهم التي انطلقت لتحرير الولاية، كما يرى خبراء عسكريون.

أخبار مفاجئة: عودة كيكل

وكما أعلن كيكل فجأة انضمامه إلى قوات الدعم السريع، بعد أسابيع من اندلاع القتال في السودان منتصف أبريل 2023، عاد فجأة وبشكل محير لمن هم خارج الدائرة الضيقة التي خططت لهذه العملية إلى خنادق الجيش السوداني.

ولم يكن الجيش السوداني في عجلة من أمره لنشر الخبر، لكن تسربت صور لكيكل بين قادة الجيش السوداني في منطقة جبل أبيتور بسهل البطانة وسط البلاد، وهو لا يزال محتفظا بكسوته الخريفية، وأعلن الجيش الخبر في بيان معد بعناية، لكن ثلاثة مصادر عسكرية في الجيش أكدت النبأ مسبقا للجزيرة نت.

في هذه الأثناء، تأخرت قوات الدعم السريع في التعليق حيث التزمت الصمت لنحو عشر ساعات. لقد اتخذوا إجراءات احترازية من خلال توجيه موظفيهم بسحب كيكيل من جميع مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي حتى قبل أن تتضح حقيقة رحيله وعبوره إلى الجانب الآخر من النهر.

البحث عن كيكل

وقبل الخوض في تفاصيل الأحداث والسيناريوهات المتوقعة والمتداخلة، لا بد لنا من وقفة لنتعرف على هذا الرجل الذي أوقف عقارب الساعة لفترة: أبوعاقلة محمد أحمد كيكل من قبيلة الشكرية، التي تعيش في وسط وشرق آسيا واسعة الانتشار. السودان، بحسب موقع الجزيرة نت.

وبحسب مصادر في عائلته، فإن كيكل لم يكمل تعليمه الثانوي وبدأ بالتجارة. يكشف ذلك المتحدث السابق باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد اللثام في حديثه للجزيرة نت عن وجه الرجل المتقلب المزاج.

ويقول الصوارمي إن كيكل كان يتاجر في الأصل بالأسلحة المهربة، خاصة على الحدود بين السودان وإثيوبيا وإريتريا، وهو ما منحه معرفة كبيرة بجغرافية المنطقة، ويشير إلى أن علاقة كيكل بالجيش السوداني قديمة وقد ساهم بخدمات قيمة. وخاصة خلال العمليات العسكرية أثناء الحرب. ولم يُمنح رتبة عسكرية رسمية في جنوب السودان.

لكن رواية أحد أفراد عائلته للجزيرة نت تقول غير ذلك، وتثبت أن كيكل كان يتمتع بخلفية عسكرية قبل أن يتفرغ للتجارة. ثم تناول ما وصفه بـ”التهميش” الذي تعرضت له أسرته، خاصة بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق، حيث تعرضت قوة درع البطانة لانتهاكات. وكانت المخابرات تحت انتباه الجيش وتحت أعينه الساهرة، والتي تحولت بعد ذلك بوقت قصير إلى “درع السودان”.

هل كان الرجل ضابطا بالجيش؟

وقال مصدر عسكري مطلع في الجيش السوداني للجزيرة إن كيكل كان رجل مخابرات عسكرية ضمن جماعة الدعم السريع وهو من أقنع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” بتوسيع ولاية الجزيرة ومن ثم جنوبها، وهذا الخط يتوافق مع استراتيجية الجيش السوداني التي كانت تهدف إلى استدراج العدو إلى مناطق بعيدة ومن ثم تمزيقها.

لكن اللواء السابق لجهاز المخابرات العامة د. ولا يتفق المعتصم الحسن مع هذه الرؤية، إذ يقول للجزيرة نت إن عملية تجنيد كيكل كانت عملية معقدة وكانت في مراحلها النهائية واستغرقت أكثر من شهرين، وعائلته قوى اجتماعية ولعبت عشيرته دورًا مهمًا إلى جانب القادة المؤثرين في الجيش السوداني. وتمكنت من طمأنة الرجل الذي استشعر الخطر، خاصة بعد بدء العمليات العسكرية الناجحة للجيش السوداني نهاية الخريف.

وأعقب التصريح نفسه العميد المتقاعد الصوارمي خالد سعد، الذي استبعد فرضية أن كيكل كان في مهمة استخباراتية، وقال إن إحساس الرجل بالخطر دفعه إلى إعادة خطوط الاتصال مع الجيش السوداني.

في قفص الاتهام

وبحسب الصحفي حافظ كبير، فإن رحلة كيكل إلى قوات الدعم السريع لم تكن رحلة سجادة حمراء، رغم تعيينه قائداً للفرقة العسكرية الخامسة بعد سيطرة تلك القوات على عاصمة الولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي.

وتحدث هذا الصحافي المقرب من قوات الدعم السريع للجزيرة نت، وقال إن كيكل اشتكى كثيرا من رفاقه في السلاح واتهمهم بعدم تنفيذ أوامره. وبينما كان البعض في قوات الدعم السريع ينظرون إلى كيكيل بعين الريبة، كان دعم حميدتي له هو مصدر قوته.

ويضيف الصحفي أن كيكل يميل إلى زيادة تسليح عناصره في قوات درع السودان بشكل كبير. وأدلى الصحفي كبير بنفس الملاحظة في بيان لقوات الدعم السريع، قائلاً إنهم رصدوا مؤخراً تحركات مشبوهة لكيكل بعد اختبائه مع أفراد عائلته.

وأضاف البيان أن قوات الدعم السريع رصدت كافة تحركاته، وأشار إلى أنه “تم شراؤه” عبر سلسلة اجتماعات في مدينتي القضارف وبورتسودان، ضمن صفقة يقودها شقيقه، والتي بحسب المنظمة في انتهى الرأي التجاري.

لكن ادعاء الدعم السريع بأن تحركات كيكيل كانت تخضع للمراقبة هي فرضية طرحها اللواء المتقاعد في المخابرات العامة د. وقد فند معتصم الحسن قائلاً: “قوات الدعم السريع لم تراقب كيكل، لكنهم يدعون ذلك لتبرير ذلك”. المسار.

مفاوضات صعبة

ولم يتم الكشف عن تفاصيل المفاوضات بشكل كامل بعد، ولكن من خلال التسريبات ترددت أن الاتصال الأول مع كيكل تم عن طريق أحد أصدقائه الذي يعمل ضابط صف برتبة رقيب، وأن الأمر وجرت بإشراف المخابرات العسكرية السودانية، وانتهت الجولة الأولى بعد سقوط مدينة سنجة جنوب شرق السودان. في شهر يونيو الماضي، توصلنا إلى أن كيكل كان مراوغًا وغير جاد في مغادرة مركز الدعم السريع.

إلا أن الملف سُلم لاحقاً إلى مكتب نائب القائد العام الفريق شمس الدين كباشي، وبإشراف نائب مدير المخابرات اللواء حسن بلال، ودخل الفريقان إلى المنطقة. تفاصيل.

لكن الصحافي المقرب من الجيش السوداني أمير حسن أبو رغد قال للجزيرة نت إن أول لقاء التقى فيه كيكيل ووفد رسمي جرى في أغسطس الماضي بمسقط رأس كيكيل بقرية الكحيلي بولاية الجزيرة وسط السودان. وكان كيكل متعاونا عندما قدم لهم المعلومات والوثائق التي بحوزته، وكذلك كافة تفاصيل العمليات. الجيش وقادة الدعم السريع الباقين على قيد الحياة وكيف دخلت الأسلحة إلى السودان.

وأضاف أبو رغد أن الوفد الرسمي عاد إلى بورتسودان المقر المؤقت للحكومة لتقييم نتائج الاجتماع والتأكد من صحتها، كما تم عقد اجتماع آخر مع الوسطاء في بورتسودان في السابع من سبتمبر من العام الماضي.

وفي 25 أيلول/سبتمبر تمت الموافقة على جهود الوسطاء ووضع خريطة التنفيذ، وأمس الأحد، ظهرت النتائج في الموقع.

وبحسب مصادر صحفية أخرى، فقد عقد اجتماع حاسم مساء الجمعة الماضي، حضره كيكيل وبعض أقاربه، حيث تم وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق.

وقال مصدر في قوات الدعم السريع للجزيرة نت إن كيكل كان يتحرك أول من أمس السبت خارج المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع برفقة عدد من آليات الحراسة ونتيجة لذلك انقطع الاتصال به حتى ظهور الأخبار تسربت صباح أمس من انشقاقه.

تأثير الوضع الجديد على ممارسة الأعمال التجارية

وتضمن بيان قوات الدعم السريع إشارات إلى طمأنة القوات العاملة في ولاية الجزيرة، حيث كان كيكل هو القائد العام لهذه القوات عقب تعيينه قائداً للفرقة الخامسة في ولاية الجزيرة: “ قواتنا “لقد عملنا منذ الصغر على سد الثغرات واتخاذ كافة الإجراءات العسكرية التي من شأنها الحفاظ على سيطرة قواتنا المسلحة على مواقعها وحفظ الأمن وضمان حماية المدنيين”. و”ندعو إلى تجاهل الشائعات التي تنشرها البقايا والتي لا تحقق لهم النصر في الميدان”.

من جانبه، يعترف الصحفي حافظ كبير بأن كيكل جلب التنوع والرمزية المهمة لقوات الدعم السريع، وأن مستقبلها ربما كان سيكون أكثر إشراقا لو لم يفشل في منتصف الطريق. ويشير كبير إلى أن بناء قوات الدعم السريع أقل أهمية من التداعيات العسكرية لانشقاق الرجل الذي كان الجيش السوداني ينتظره. ويمنحه ولاية الجزيرة التي على حد تعبيره لم تتحقق ولن تتحقق.

وتحدث الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني للجزيرة نت عن تأثير الحدث الكبير، قائلا إن دخول أبوعاقلة كيكل إلى الجيش اعتبر انتصارا عسكريا وسياسيا كبيرا، ويمثل نقطة تحول في مسار الحرب.

ومن الناحية العسكرية، فهذا يعني أن الجيش سيسيطر على المحور الشرقي لولاية الجزيرة ويقطع الاتصال الرئيسي بالعاصمة الخرطوم. التأثير السياسي يمكن أن ينافس التأثير العسكري لأنه يبعث برسالة داخلية وخارجية. لقد بدأ العد التنازلي للدعم السريع، خاصة عند قراءة هذا الحدث مع خطاب زعيم الدعم الأخير، بدا محبطاً وحمل العديد من الدول الأخرى مسؤولية سقوطه.


شارك