محللون: تخفيض قيمة الجنيه وإلغاء دعم الكهرباء والمحروقات أهم بنود التفاوض مع صندوق النقد
• نافع: مكافحة التضخم يجب أن تكون أولوية الدولة • عبد الرحيم: الحلول الوطنية أنسب لأنها تراعي الأبعاد الاجتماعية بعمق
ورجح عدد من الخبراء والاقتصاديين المحليين، أنه في إطار المطالبات بتغيير برنامج التمويل، ستتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي لخفض قيمة الجنيه وإلغاء دعم الكهرباء والوقود، خاصة أن هذه عناصر لديهم. تأثير واضح على معدلات التضخم والضغط على دخل المواطنين.وقالت كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، على هامش اجتماع الصندوق والبنك الدولي في واشنطن، إنها ستزور القاهرة خلال 10 أيام. وبعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه سيطلب تغيير البرنامج إذا أدى إلى الضغط على الرأي العام، نريد أن نرى بالضبط ما تمر به البلاد و”نحن ننظر إلى المتغيرات لنرى ما إذا كانت ستتغير أم لا”. “تحتاج إلى تصحيح” على مستوى البرنامج، وسنفعل ذلك مرة أخرى هذه المرة”، مشيراً إلى أن مصر ستكون في وضع أفضل إذا تم تنفيذ الإصلاحات عاجلاً وليس آجلاً. وأضافت أن التوترات في المنطقة ستحرم مصر من 70% من إيرادات قناة السويس، وهو ما يمثل خسارة كبيرة للاقتصاد المصري.وقال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن أهم تغيير يجب إجراؤه في برنامج الإصلاح مع الصندوق هو اشتراط عودة الأسعار إلى مستويات التكلفة من حيث أسعار الوقود والطاقة، حيث أن هناك إشارة ضمنية إلى الدعم في مضيفاً أن مكافحة التضخم يجب أن تكون أولوية للدولة وكل ما يخالف ذلك فهو هدف مباشر يجب تغييره: «لذلك يجب أن نغير الجزء الذي يشير إلى زيادة أسعار الوقود، وهذا لن يؤدي إلا إلى زيادة أسعار الوقود». سيحدث عندما يتم إعادة تعريف الدعم.”وأوضح نافع أن الدولة بحاجة إلى إعادة تعريف الدعم، في ظل التمييز بين نقص الكفاءة الإنتاجية ونقص الكفاءة في الأسواق الإنتاجية، وهذا الدعم يشير إلى أن هذا هو جوهر المشكلة لأنه يتعلق بالعقد الاجتماعي. الذي يربط الدولة بالمواطنين، ويتطلب صياغة منضبطة حتى لا يصبح البرنامج مع الصندوق «كارثة على الشعب». يؤكد أن التزامات الدولة تجاه دائنيها يجب أن تتحول لصالح التزاماتها لتلبية احتياجات التنمية الأساسية، بما في ذلك تلبية الاحتياجات الغذائية والتعليمية.ودعا نافع إلى تشكيل لجنة مستقلة، كما هو الحال في سريلانكا، تتولى تنظيم ومراقبة البرامج، “خاصة أنه في ظل الظروف المتغيرة والضغوط الشديدة التي تتعرض لها البرامج، فإن “الشارع مكشوف”، لافتاً إلى أن الأفضل قياس نبض الشارع والتشاور مع الحكومة والصندوق وليس من خلال مجموعة محايدة من الخبراء الذين لهم الكلمة الفصل في بعض الأمور.من جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد أنيس، إنه من المهم والمفيد للدولة تحقيق التوازن النقدي، لكن عند تنفيذه من المهم أيضًا مراعاة الأبعاد الاجتماعية للسياسة المنفذة.وقدم أنيس عدة مقترحات للتفاوض مع الصندوق، من بينها زيادة قيمة البرنامج، مع الأخذ في الاعتبار أن الدولة خسرت ما يصل إلى 6 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس بسبب الاضطرابات التي تشهدها المنطقة. ومن الممكن أيضاً مناقشة زيادة مدة البرنامج على أن يتم تمديدها لمدة عام آخر لتسهيل الإجراءات. وبخلاف ذلك يجب تمديد فترة خفض دعم الوقود وتأجيلها لمدة عام بحيث يتم الانتهاء من رفع الدعم في نهاية برنامج الصندوق وليس في نهاية عام 2025.وبحسب مصطفى شافعي، رئيس قسم البحوث بشركة العربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، فإن أهم العناصر التي يجب التفاوض عليها مع الصندوق وتأجيلها قدر الإمكان هي المطالبة بتخفيض قيمة الجنيه وإلغاء دعم الطاقة الكهربائية. لأنها عناصر تؤثر بشكل واضح على التضخم وتضغط على دخل المواطنين.وارتفع معدل التضخم السنوي للجمهورية بأكملها إلى مستوى قياسي بلغ 26% للشهر الثاني على التوالي في سبتمبر الماضي، مقارنة بـ 25.6% في أغسطس، بعد تراجعه لمدة خمسة أشهر، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. زيادة بنسبة 2.3% في معدل التضخم الشهري.توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل التضخم في مصر إلى 33% في العام المالي الحالي، ثم ينخفض إلى 21% العام المقبل.وأضاف الشافعي أنه يجب على مصر تأجيل هذه الشروط وتنفيذها على فترات منتظمة، بدلا من تنفيذها بخطوات متتالية وسريعة، لأن عواقبها ستكون خطيرة، خاصة أن رفع دعم الوقود والطاقة سيكون له تأثير مباشر على التضخم وبالتالي على دخل المواطنين، مشيراً إلى أن الحكومة زادت دعم الوقود ثلاث مرات هذا العام، وإذا استمرت هذه الخطوات السريعة في كل اجتماع للجنة الوقود حتى نهاية عام 2025، فسيكون الأمر مرهقاً ولن تكون هناك سيطرة على التضخم يمكن أن تؤدي الأسعار إلى اضطرابات اجتماعية.وفي أكتوبر من العام الجاري، أعلنت وزارة البترول زيادة أسعار منتجات الوقود للمرة الثالثة هذا العام، والتي تشمل زيادة جميع أنواع البنزين والديزل والديزل الصناعي بنسبة تتراوح بين 7.7% و17%. بهدف تضييق الفجوة بين أسعار بيع المنتجات البترولية وارتفاع تكاليف إنتاجها واستيرادها.من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي محمد محمود عبد الرحيم أن الحلول الوطنية هي الأفضل في تقديم الحلول الاقتصادية لأنها تأخذ الأبعاد الاجتماعية في الاعتبار بعمق، على عكس الصندوق الذي قد يكون بدوره ثانويًا لبرامج الحماية الاجتماعية.وأضاف عبد الرحيم أنه لا بد من إيجاد آلية أخرى لتسعير المنتجات البترولية ولذلك لا بد من دراسة إنشاء صندوق لتمويل فروق الأسعار في المنتجات البترولية لمزيد من التحوط وتقليل التأثير السلبي على الموازنة العامة للدولة، دون ويتحمل المواطن هذه الفروق أو على الأقل نصيب عادل، قائلا: “أعتقد أن هذا الشكل هو الأنسب للوضع المصري الذي لا يتحمل الزيادات المستمرة”.وأشار إلى أن النقاش الرئيسي بين مصر والصندوق يدور حول سعر الصرف المرن وآلية تنفيذه، خاصة أن مصر تعتمد على الدولار في تلبية احتياجاتها ويعتبر سعر الصرف عاملاً مهماً في التكاليف ومدخلات الإنتاج. وإذا تم تأجيله فإن معدلات التضخم والأسعار سترتفع بما لا يتناسب مع متوسط الدخل، مضيفا أنه لا يوجد حل يضمن عدم تكرار أزمة الدولار إلا بتوفير تدفقات دولارية مستدامة نتيجة لذلك. نتيجة للأنشطة الإنتاجية من خلال التصدير والسياحة وتشجيع الاستثمار وزيادة احتياطيات النقد الأجنبي باستثناء الودائع، لا تستطيع مصر تحمل تقلبات كبيرة في أسعار الصرف ويكمن الحل في التحول إلى اقتصاد منتج يعتمد على الصناعة والتصدير والاستثمار والتعليم.