في غزة.. مسعف ينقل جثة امرأة للمستشفى دون معرفته أنها أمه (فيديو)
عندما انطلق عبد العزيز محمد البرديني، المسعف في الهلال الأحمر الفلسطيني، في مهمته الإنسانية صباح اليوم، لم يكن يعلم أنه سيواجه أقسى صدفة شهدها في حياته وعلى كافة مواقع التواصل الاجتماعي. أن تكون مليئة بقصته والتعاطف معه.
بدأت أحداث القصة عندما كان محمد في الخدمة الطبية. وبعد قصف معسكر المغازي وصل طاقم الهلال الأحمر لإخلاء الجرحى والقتلى. وكان من بينهم المسعف عبد العزيز البرديني البالغ من العمر 26 عاماً، خاصة أنه وعائلته من سكان هذا المخيم.
وقال المسعف الشاب في حديثه لبرنامج غزة اليوم على قناة بي بي سي: “كنت أحمل ثلاثة جرحى، بينهم إصابة خطيرة لطفل في العاشرة من عمره، لكنني فوجئت بأشخاص ممددين أمامي يحملون جثة بداخلها”. قالوا لي “هذا شهيد، فاستلمته منهم وقمت بفحصه للتأكد من وفاته. كان يعاني من نزيف داخلي ويتقيأ دما، لذلك كان هدفي نقله إلى المستشفى في أسرع وقت ممكن”. “
مسعف يتفاجأ بأن الشهيد هو والدته! pic.twitter.com/zAMILyPhSa
– خبرني – خبرني (@khaberni) 30 أكتوبر 2024
وأضاف: “بعد وصولنا إلى المستشفى، قمت بسرعة بنقل الطفل إلى العناية وبعد أن اطمأننت على أنه يتلقى الرعاية الطبية اللازمة، عدت إلى جثة المرأة، وقمت أيضاً بنقلها إلى وحدة العناية المركزة والطبيب على المناوب وقتها تأكد من وفاتها وأخبرته أنها حالة معزولة وأنني في الحقيقة لا أعرف أحداً من عائلتها. فحصها الطبيب وأكد لي أنها ماتت، ومن ثم رأيت وجهها ولكن لم أتعرف عليها للوهلة الأولى لأن الشظية دخلت عينها وشقت رأسها وجعلتها تنزف مما تسبب في وفاتها على الفور فقدتها حياة.”
وأضاف: “لكن شيئاً ما جعلني أعود إليها وأنظر إلى ملامحها مرة أخرى. لقد فوجئت بأنها أمي ووجدت نفسي في لحظة من الذهول وعدم التصديق. صمتت تمامًا لدقائق بينما قلت لنفسي إنها لا يمكن أن تكون أمي. والآن سيأتي شخص ويخبرني أنها والدته أو أخته، لقد انهارت تمامًا وحملتها إلى المشرحة. فتجمع حولي زملائي من المسعفين وسألوني: من هذا؟ فقلت لهم: والله أمي ولا أعرف.
وأوضح البرديني أنه لم يتعرف على جثة والدته عند فحصها في مكان الحادث لأنه اعتاد على احترام حرمة الجسد الذي بين يديه ولذلك لم يرغب في خلع الحجاب الذي كان يغطي وجهها و قال: عاملتها كالشهيدة وأنقذتها. ليست هناك حاجة لي لكشف وجهها ووضعها في مقعد الطبيب المخصص لي.
وعن آخر مرة رآها فيها قال: “في يوم محنتها، استيقظت في الصباح ووجدت أنها أعدت لي كوباية شاي وساندويتش، ووعدتني وقالت مع السلامة، حبيبي الله يسهل عليك».
كما أكد أنه قبل هذه الحادثة، بصفته مسعفاً، قام بنقل جثث أربعة من أقرب أصدقائه المسعفين بعد مقتلهم في القصف. كما قام بنفس المهمة النفسية على بعض أقاربه، لكنهم لم يكونوا أقارب من الدرجة الأولى.
واختتم حديثه برسالة إلى كافة المسؤولين، داعياً إلى وقف إطلاق النار والرحمة لأهل غزة من الموت والخسارة التي تصيبهم باستمرار.
عبد العزيز محمد البرديني، مسعف شاب يبلغ من العمر 26 عاماً، يتطوع للعمل مع الهلال الأحمر الفلسطيني منذ عام 2017 لارتباطه النفسي بهذا العمل الإنساني وتماشياً مع رغبة والده.