يضم رموز الديانات السماوية.. حكاية إصدار الجنيه الفلسطيني لأول مرة
تم إصدار الجنيه الفلسطيني في 1 نوفمبر 1927 كأول عملة رسمية في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني الذي استمر بين عامي 1927 و1946.
حلت هذه العملة محل الليرة العثمانية المستخدمة في البلاد خلال عهد الإمبراطورية العثمانية، ووفرت وحدة نقدية مستقرة مرتبطة بالجنيه المصري، مما ساعد على تنظيم الاقتصاد المحلي والتجارة في فلسطين.
• تصميم الجنيه الفلسطيني
وتميز الجنيه الفلسطيني بتصميمه الفريد الذي جمع بين ثلاث لغات: العربية للفلسطينيين، والإنجليزية للبريطانيين، والعبرية للأقلية اليهودية في فلسطين.
ثم نظر الفلسطينيون إلى هذه الخطوة بقلق. بسبب استخدام السلطات البريطانية اللغة العبرية بحجة توحيد الطوائف في فلسطين.
ورغم المقاومة، قبل الفلسطينيون استخدام هذه العملة التي جلبت معها رموزا وأيقونات دينية وثقافية، مثل غصن الزيتون الذي زين وجه العملة كإشارة للسلام.
أرادت السلطات البريطانية عند تصميم الجنيه الفلسطيني إبراز الرموز التي تمثل الديانات السماوية الثلاث المتعايشة في فلسطين، حيث تم تزيين العملات بصور المعالم الدينية والتاريخية الهامة مثل “قبر راحيل”، “قبة الصخرة”، و”برج الرجل الأبيض” بالإضافة إلى “برج داود” الذي يعبر عن القدس بمكانتها الروحية والتاريخية.
شهدت البلاد خلال إصدار الجنيه الفلسطيني تغيرات كبيرة منذ الانتقال من الحكم العثماني إلى الانتداب البريطاني. وقد أثر ذلك على الاقتصاد المحلي واستلزم وجود عملة ثابتة وموحدة.
وعلى الرغم من أن الجنيه الفلسطيني أصبح عملة قانونية في فلسطين وشرق الأردن، إلا أن هذه الفترة كانت صعبة، خاصة بسبب التقلبات السياسية والاقتصادية المستمرة.
• نهاية الجنيه الفلسطيني
مع انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948، توقف تداول الجنيه الفلسطيني تدريجيًا.
وواصلت الضفة الغربية استخدام الجنيه حتى تم إدخال الدينار الأردني عام 1950، بينما استخدم قطاع غزة الجنيه المصري بعد أن تم استبداله بالجنيه الفلسطيني في أبريل 1951. في هذا الوقت، بدأت إسرائيل بإصدار عملتها الخاصة، التي كانت تُعرف آنذاك باسم “الجنيه الإسرائيلي”، والتي تطورت فيما بعد إلى الشيكل، العملة السائدة حاليًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورغم أن الجنيه الفلسطيني لم يعد يستخدم، إلا أنه يحتفظ بقيمته التاريخية ويعتبر رمزا هاما للهوية التاريخية للبلاد. وأصدرت إسرائيل في السنوات الأخيرة سلسلة تذكارية من الجنيه الفلسطيني تحاكي تصميمها التاريخي وتتضمن صورا ورموزا تمثل الثقافة والتراث الفلسطيني.
وتبقى الجنيه الفلسطيني شاهدا على تاريخ طويل من التغيرات السياسية والاقتصادية التي مرت بها فلسطين، مستذكرا تاريخا غنيا ومعقدا في ذاكرة الفلسطينيين، ويستحق مكانة بارزة بين العملات التاريخية التي ترمز إلى تراث الوطن وأصالة هويته.