كيف سيتعامل دونالد ترامب مع الصين؟
«سأعمل على إنهاء الحروب، والصين ليس لديها ما لدينا». كانت هذه بعض الكلمات التي قالها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في خطاب النصر الذي ألقاه يوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر. وجاء هذا الخطاب بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي شهدت إطاحة منافسته في الحزب الديمقراطي كامالا هاريس لتحصل على 312 مقعدا في المجمع الانتخابي، مقابل 226 لنائب الرئيس الأميركي.
بدأ ترامب في خطابه بتحديد السياسات التي سيتبعها في إدارته المقبلة، بما في ذلك علاقة الولايات المتحدة مع الصين. وأشار إلى التوترات العالية التي كانت موجودة بين البلدين خلال ولاية الرئيس الحالي جو بايدن، خاصة فيما يتعلق بقضية تايوان. وتتهم الصين الولايات المتحدة بالتدخل في شؤونها الداخلية من خلال دعم الجزيرة التي لم يتم الاعتراف بها دوليا بعد. ومع ذلك، يواصل المسؤولون الأمريكيون زيارة تايوان وإقامة علاقات دبلوماسية معها.
تعامل ترامب مع قضية تايوان
وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي المتخصص بالشأن الصيني د. رونج هوانج في تصريحات خاصة لـ”ايجي برس” أنه في ظل تصريحات ترامب الأخيرة، لا يبدو أنه يفضل التدخل بقوة في قضية تايوان، وأشار إلى أنه في الوقت نفسه يمكن أن يلجأ إلى أدوات اقتصادية مثل فرض رسوم جمركية مرتفعة إذا ضمت الصين تايوان أو وسعت سيطرتها عليها بالقوة العسكرية.
وأضاف رونغ هوانغ أنه إذا اتخذ ترامب هذا النهج فإنه سيقلل من حدة المواجهة بين البلدين مقارنة بإدارة بايدن الحالية، فيما أشار إلى أنه سيتعين علينا أن ننتظر ونرى كيف يتصرف ترامب فعليا على أرض الواقع.
وتابع هوانغ أن قضية تايوان تمثل قضية حساسة للغاية في العلاقات بين واشنطن وبكين، مؤكدا أنه لا مجال للتنازلات أو المفاوضات بشأن قضية تايوان لأن الصين جزء من أراضيها وهي مسألة سيادية هي شأن داخلي لا يجوز فيه أي شيء. وقد تتدخل قوة خارجية.
من جانبه، قال سفير مصر السابق لدى الصين علي الحفني، في تصريحات خاصة لـ”ايجي برس”، إن الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة في تعقيد الأمور فيما يتعلق بتايوان، وألمح إلى احتمال قيام ترامب بالتنازل عن تايوان كأداة. أراد الضغط على الصين في مفاوضات أخرى، وقال: “سيحاول ترامب الحصول على أقصى استفادة من الصين في مجالات مختلفة، خاصة في مجال التجارة”.
العلاقات الصينية الأمريكية
وفي حديثه عن مستقبل العلاقات الأميركية الصينية، قال المحلل السياسي المتخصص في شؤون الصين د. رونغ هوانغ أن الصين قد لا تكون متفائلة بشأن الإدارة المقبلة لدونالد ترامب وأن تصريحاته قد تكون مجرد وسيلة لجذب الأصوات والانحراف عن تحركاته الفعلية، مضيفا: مثال على ذلك إدارة بايدن التي تسير تصريحاتها في أحدها الاتجاه وأفعالهم الفعلية تسير في اتجاه آخر، حيث يدعمون تايوان من خلال بيع الأسلحة وبناء العلاقات مع تايوان. وهو ما تعتبره بكين تناقضا.
وفي الوقت نفسه، أشار رونغ إلى أن بعض التعاون بدلا من المواجهة المباشرة قد يسود في العلاقات بين إدارة دونالد ترامب الجديدة والصين، ولكن قد تنشأ تحديات جديدة اعتمادا على الأشخاص الذين يعينهم ترامب في مناصب وزارية حساسة.
من جانبه، يرى سفير مصر السابق لدى الصين علي الحفني أن ترامب يريد تحقيق أرباح كبيرة من الصين في مجالات مختلفة، مستشهدا بتصريحات الرئيس المنتخب المتعددة حول ضرورة تركيز الولايات المتحدة على التصنيع على أراضيها بدلا من الاعتماد على الصين. على الصين، وهذا يتماشى مع شعاره: “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بالقضايا التجارية، يرى الحفني أنه من المتوقع أن تظل التعريفات الجمركية على المنتجات الصينية من بين القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات، الأمر الذي سيصاحبه ضغوط مستهدفة على الشركات الصينية في مجالات مثل الاتصالات وشبكات الجيل الخامس.
وتابع الحفني أنه من غير المرجح أن تؤدي التوترات بين الولايات المتحدة والصين إلى صدام مباشر، لافتا إلى أن المصلحة المشتركة للطرفين هي تجنب التصعيد والتركيز على الاتفاقيات الاقتصادية التي من شأنها أن تعود بالنفع على جميع الأطراف.
وشهدت إدارة بايدن فترة من بناء التحالفات في جميع المناطق المحيطة بجمهورية الصين الشعبية، وهو النهج الذي شهد تغيير الرئيس المنتهية ولايته لسياسات ترامب في ولايته السابقة التي لم يحاول فيها تشكيل تحالفات، وهو ما يرى رونغ أن ذلك سيكون ويبدو أنها ليست مهتمة بتشكيل تحالفات أو تعزيز التعاون الأمني في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قائلة إن هذا هو “السبب الوحيد” للتفاؤل في إدارة ترامب.
وأضاف رونغ أن التحديات التي ستواجهها العلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة لن تكون أقل خطورة مما كانت عليه في الفترات السابقة، بالنظر إلى الجوانب المتبقية، وأشار إلى احتمال ظهور خلافات جديدة حول التعريفات التجارية والمسائل الاستراتيجية، بكين ولا يتفائل بما سيكون عليه الوضع في الملف الاقتصادي أو في المنافسات في المجالات الأخرى.
وفي حين رأى الحفني أن ترامب سيحاول على الأرجح استخدام التحالفات التي شكلتها إدارة بايدن لممارسة ضغوط قوية على الصين لتحقيق أكبر عدد ممكن من المصالح على طاولة المفاوضات، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذا الضغط سيكون في حدود إطار “محدود”
وتابع الحفني أن السياسة الأميركية تجاه الصين مستقرة، على حد تعبيره، لافتا إلى أن السياسة الخارجية لا تزال خاضعة لسيطرة المؤسسات الأميركية مثل المؤسسة العسكرية واللوبي الصناعي.
اقرأ المزيد
ادفع أو استسلم. ما الذي يحمله ترامب لحلف شمال الأطلسي وأوروبا؟