الفيلم اللبناني «أرزة» صورة كاشفة لمعاناة امرأة في بلد مزقته الطائفية
ويضم مهرجان القاهرة السينمائي عدداً كبيراً من الأفلام العربية، والتي لاقى بعضها حتى الآن تفاعلاً إيجابياً من الجمهور، حيث يظهر مدى نجاح الفيلم في قاعة العرض. إن التفاعل والضحك والتعليقات والبكاء وغيرها من الانفعالات توضح مستوى تفاعل الجمهور مع الأحداث والشخصيات. وكان فيلم «سيدار» محظوظاً لأن ذلك حدث أثناء تواجد بعض صناعه في صالة العرض.
فيلم “أرزة” بطولة دايموند بو عبود وبيتي تاتل وبلال الحموي، وهو من تأليف فيصل سام شعيب وإخراج ميرا شعيب. تدور الأحداث في لبنان، وتركز بشكل رئيسي على معاناة الفرد اللبناني في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والقمعي، اختارت المخرجة دور بطلة هذه القصة، وهي امرأة، لتضخيم الصعوبات التي قد تواجهها في المجتمع. ، حيث يفرقهم الانضمام إلى الطوائف.
ويعبر تريلر الفيلم عن الكثير من محتواه حيث تجلس البطلة “أرزا” وحيدة على الأرض في حالة مثيرة للشفقة وبجانبها مجموعة من الصناديق الكرتونية الصغيرة، وهو تعريف دقيق للشخصية. تعاني هذه المرأة من الوحدة رغم وجود ابنها المراهق وشقيقتها، وهما في واد آخر، تاركين أرزا وحلمها البسيط “مطعم فطير كنان” يغرقان، وتفكر في إدارة الأسرة مالياً بينما كل واحد منهمك في شؤونه الخاصة عالم. الابن كنان مشغول بالهجرة والأخت تعاني من مرض نفسي يجعلها تنتظر حبيبها الغائب وترفض فرضية وفاته.
تدور أحداث الفيلم حول أرزا، الأم التي تركها زوجها مع طفلتهما منذ سنوات. تقرر شراء سكوتر لتوزيع المعجنات التي خبزتها، لكن حلمها سرعان ما سرق، وتنطلق في رحلة إلى لبنان لجلبه. في هذه الرحلة، نستكشف معاناة أرزا كامرأة دون رجل في عينيها من الآخرين. ويتجلى ذلك من جملة صاحب محل الدراجات عندما قال: “لا تثق بامرأة دون رجل”، وأيضاً من الفكر الطائفي في لبنان، حيث يبدأ الناس بمساعدتها عندما يقعون في هوية كل فئة (سنية). مسلم، مسيحي، مسلم شيعي…) متنكراً، وكأن اسم سيدار هنا رمز لدولة لبنان كله ومشكلته الأساسية، التي قدمها المخرج من خلال قصة بسيطة ومعالجة في كثير من الأحيان أدت الحالات إلى الميل إلى الأسلوب الكوميدي.
من التفاصيل الدرامية الجيدة للفيلم أنه لا يضع شخصًا واحدًا في قفص الاتهام في نفس الوقت. يضع المبدعون المشاهد في سياق درامي يجعله يكره بعض شخصياتهم، لكنه في الوقت نفسه يتعاطف معهم لأنهم أولاً لهم الحق في مناصبهم. ومن شخصية أرزا يمكننا رؤيتها كأم أنانية متسلطة تتجاهل رغبات ابنها الوحيد من أجل حلم المطعم، بينما لديها أسباب قوية للقيام بذلك لتضمن لهم حياة كريمة، والابن يمكننا أن نرى كمراهق متهور يفكر في السفر ويهمل مساعدة والدته في الرحلة لكنه يلومها على كل الأخطاء. لكن إذا وضعنا أنفسنا كمشاهدين مكانه، سندرك أن شاباً مثله هو السبب الذي يجعله يتمسك بدولة ترفضه وتصعب عليه حياته، فلا يوفر له أماناً ولا تمثيلاً قانونياً أو تمثيلاً قانونياً. الحماية، وتصرفات العمة واهتمامها بنفسها لا يمكن أن ينظر إليه إلا على أنه أنانية من جانبها، في حين أنها في الواقع تعاني من حالة نفسية بسبب فقدان حبيبها في قصف، حتى في المواقف البسيطة الأخرى لشخصيات ثانوية لك. يمكن أن ننظر إلى المشهد من زاويتين. وهنا لا يدين المخرج أحداً، بل يدين الوضع العام الذي أوصل الناس إلى هذه الحال، ومن أبرز عبارة الصائغ -أحد الشخصيات الثانوية- حين قال: «لو قامت أمي منها قبرها، كانت تود لو لم أعطها هذه الأرض.”
ويطرح الفيلم سؤالاً خفياً بين السطور من فعل هذا باللبنانيين: الطائفية أم الأوضاع الاقتصادية أم السلطة السياسية أم المحتجون أم كل الأطراف التي اجتمعت دون كلمة واحدة للوصول إلى هذه النتيجة القاسية التي تركت الناس في حالة من الاضطراب؟ يضع الأنانية حيث يفكر كل فرد… بالبقاء على قيد الحياة من وجهة نظره، لكنه في النهاية لا ينجو وتزداد الأمور صعوبة.