محمود محيي الدين: أرفض التخلي عن الدعم العيني إلا بضمانات لتوصيل النقدي لمستحقيه
يحتاج الاقتصاديون إلى وضع رؤية للاقتصاد المصري بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي ونتوقع أن تقدم القيادة السياسية برنامج النمو والتنمية في نهاية برنامج الصندوق
قال محمود محيي الدين، مبعوث الأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، إن معدلات نمو الاقتصاد المصري تراوحت بين 2 و4% خلال العامين الماضيين، لكن ذلك لم يكن كافيا لمعالجة مشاكل مصر، بما في ذلك مؤشرات الفقر التي وصلت إلى 30% على مدى العامين الماضيين. الفقر العام وأقل من 5% لمؤشر الفقر المدقع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض معدلات النمو الحالية وارتفاع معدلات التضخم يبشران بظهور مؤشرات فقر جديدة.
وأضاف محيي الدين الليلة الماضية في ندوة بعنوان “إدارة الاقتصاد في عالم شديد التغير” استضافها مجلس الأعمال الكندي أنه يؤيد الاستمرار في تقديم الدعم العيني ما لم يتم إثبات أن تقديم الدعم النقدي هو خيار المستفيد منه. بكفاءة، و”ولكن إذا كان هناك شك في أنه لن يتم تسليمه لمن يستحقه، فلا ينبغي لك أن تستبدل الشيء الذي ترتاح إليه بشيء غامض، حتى لو كان جيداً على المستوى النظري، و” وحتى لو كان الأمر كذلك، فإنه يتم تنفيذه بشكل جيد في دول أخرى بفضل الظروف العامة هناك، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم.
وشدد على أن الدولة يجب أن تستمر في تقديم الدعم العيني للسلع الأساسية «وترشيدها والانسحاب منها ومن ثم تقديم الدعم المالي عندما تحل مسألة إيصالها لمستحقيها… وعندما تنمو ثقة المواطن». أن هذا هو الأفضل لهم.”
وأوضح أن المشكلة الأكبر التي تواجه دول أمريكا اللاتينية والدول الإفريقية المتوسطة النمو، بما فيها مصر، هي تحقيق الدعم اللازم للطبقة المتوسطة، لافتا إلى أن أفضل طريقة لتحقيق الدعم اللازم سريعا للطبقة المتوسطة هو خفض التضخم وزيادة معدلات النمو مع زيادة الإنتاجية مما يؤدي إلى ارتفاع الدخل. وأوضح أن أهم ثلاثة بنود تكلف الطبقة الوسطى في المجتمع هي الإنفاق على التعليم والصحة والنقل.
وفيما يتعلق بالاقتصاد بعد الانتهاء من برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، أوضح محيي الدين أن برنامج الصندوق سينتهي في نوفمبر 2026، لذا يجب على النخبة والاقتصاديين ومن يعملون مع الحكومة أن يفكروا في الانتقال إلى بيئة متكاملة أقوى الاستعداد للمستقبل بطريقة منضبطة واعية لطبيعة الاقتصاد المصري وما مر به وما يقدمه. فرص كبيرة في مجالات التنويع الاقتصادي، مع التأكيد على أن الاقتصاد المصري شديد التنوع، لكنه في المقابل غير مستغل بالقدر الكافي. وكان المستثمر العربي بطبيعته محرومًا من التنويع، ولذلك شرع في الاستثمار خارجه.
وقال محيي الدين: «ننتظر أن تأتي القيادة السياسية إلينا في ظل قرب الانتهاء من برنامج صندوق النقد الدولي وتوضح أننا نجحنا في كل المراجعات ونستعد لبرنامج نمو وتنمية واستثمار أكثر». متكاملة وقادرة على إحداث تغييرات نوعية وتحدد لنا مناخ الاستثمار الجديد والقدرة التنافسية المطلوبة والمجالات التي سيتم إتاحتها للجميع دون ارتباك أو اضطراب في السوق، كما نرحب بالاستثمارات في جميع العقارات.
وأوضح أن صندوق النقد الدولي لا يناسب نظامي التعليم أو الصحة في مجالات معينة لأن الصندوق مرتبط بالأرصدة الثلاثة في الموازنة العامة وميزان المدفوعات وميزان العملة (سعر الصرف). ولذلك يجب على مصر بعد 2026… أن يكون لديها برنامج إصلاحي شامل يعتمد على الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية، فضلا عن استمرار صيانة البنية التحتية التي أنفق عليها الكثير من الأموال، والتي ستتحملها مصر الأجيال القادمة، خاصة وأن تمويل هذه البنية التحتية كان مرتبطا بالدين الداخلي والخارجي. ولذلك، يجب على صناع السياسات الاهتمام بالحفاظ على الإنفاق وكذلك الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية والبحث والتطوير والتحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد والمجتمع من الصدمات الخارجية.
وفيما يتعلق بانضمام مصر إلى مجموعة البريكس، أكد محيي الدين أن هذه الخطوة لن تحل أزمة الدولار. عندما تنتهي أزمة العملة الأمريكية ستكون هناك مشكلة في عملة البريكس، وهي في رأيي موجودة، وبالتالي ستكون العملة التي ستفعل ذلك، لكن السؤال هو: “ما هو الدور الذي تلعبه عملة البريكس؟” ويقول: «من المؤكد أنه من المهم الحد من هيمنة الدولار سياسياً واقتصادياً، لكن الدولار موجود ليبقى لفترة طويلة»، خاصة وأن الاحتياطيات الدولية لا تزال تشكل 60% من ذلك.
وأشار إلى أنه على الرغم من التحسن النسبي في العامين الماضيين، إلا أن الوضع الاقتصادي العالمي ليس الأمثل، إذ يبلغ معدل نمو الاقتصاد العالمي نحو 3%، وهو المتوقع أيضا العام المقبل، موضحا أن الصدمات الكبرى المرتبطة بالأزمة لتبدأ جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، ثم المأساة التي… نعيشها في فلسطين المحتلة ولبنان، والتي ضاعفت «الاقتصاد العالمي الهش» منذ عام 2008.
وأضاف أن معدلات نمو الدول الإفريقية تقترب من 2.5 و3% والدول العربية بين 2 و4% مع وجود فوارق واسعة، معتبراً أن الدول النامية التي لم تحقق معدلات نمو 7% سيتعين عليها اتخاذ العديد من الإجراءات اتخاذها لتحقيق هذا الهدف.
وأشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي مهددة بمشكلات كبيرة تهدد مصر أيضًا، تتعلق بالتحول الرقمي، والاستعداد للاستثمار في الاستدامة، بما في ذلك مكافحة تغير المناخ، وكل ما يتعلق بالأمن وأمن الطاقة، مضيفًا أن فدول الاتحاد الأوروبي، بإمكاناتها واقتصاداتها القوية، تخشى على مواطنيها وزيادة التفاوت في الدخل والثروات. واهتمامنا أكبر في الدول العربية والشرق أوسطية التي توجد بينها فجوة كبيرة، ولذلك فإن الاهتمام بالاستثمار في دول الاتحاد الأوروبي أكبر من حيث مستويات الدخل والثروة، وكذلك القدرات التكنولوجية. المناطق المستقبلية ضرورية وواجبة بالنسبة لنا.