في أول زيارة له.. رئيس وكالة التعاون الكورية لـ«الشروق»: مصر تلعب دورا استراتيجيا ومؤثرا كقائدة في المنطقة
– توفر مصر فرصا قيمة للاستثمار والتبادل الثقافي والتعاون التنموي
– إن تواجد مصر الإقليمي يجعلها شريكا هاما للتنمية الإقليمية والعالمية
وقد حددت الحكومة الكورية مصر كشريك تنموي ذي أولوية تقديرا لدورها الرئيسي
– مصر هي الشريك الوحيد ذو الأولوية لكوريا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
بفضل مصر، كانت القمة الكورية الإفريقية 2024 فرصة لتوسيع وتسريع الشراكة بين الجانبين
لقد قمنا بتنفيذ 30 مشروعًا في مصر خلال 27 عامًا
وقام ألفي مسؤول حكومي مصري بزيارة كوريا للمشاركة في برامج بناء القدرات، ومن بينهم مدبولي
– سنركز على الاستفادة من إنجازات مصر لتعزيز التعاون بين دول الجنوب الأفريقي
– مصر نموذج للمبادرات التنموية الناجحة، خاصة في مجالات التحول الرقمي والتدريب المهني
هدفنا هو مشاركة النجاحات التنموية التي حققتها مصر مع الدول المجاورة
قام رئيس وكالة التعاون الدولي الكورية (كويكا)، وون سام تشانغ، بزيارة إلى القاهرة لمدة ثلاثة أيام. وتعد هذه الزيارة الرسمية الأولى لمصر منذ بدء التعاون بين الطرفين، بهدف تعزيز التعاون الثنائي بين مصر وكوريا الجنوبية وتعظيم الاستفادة من برامج المساعدات التنموية الرسمية في مختلف القطاعات.
وعقد رئيس الوكالة الكورية للتعاون الدولي خلال زيارته لمصر سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى مع كبار المسؤولين المصريين، من بينهم د. مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، د. رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وأحمد كجوك وزير المالية، حيث بحث معهم تحسين التعاون بين كوريا ومصر وآخر تطورات التعاون الثنائي الحالي وسبل توسيع أنشطة التعاون بين البلدين. الوكالة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تهدف الوكالة الكورية للتعاون الدولي، التابعة لوزارة خارجية كوريا الجنوبية، إلى تنفيذ برامج المساعدة والمنح لمكافحة الفقر ودعم النمو الاجتماعي والاقتصادي المستدام في الدول النامية حول العالم، حيث تم إنشاء مكتبها في مصر عام 1998. توفر التدريب الفني للشباب، وتدعم رقمنة الخدمات والأنظمة الحكومية، وتنفذ برامج لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتعزيز تمكين المرأة ودعم الفئات الضعيفة.
وعلى هامش زيارته لمصر، التقت الشروق مع أول رئيس وكالة التعاون الكوري الذي يزور القاهرة، حيث بحثت العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية ووكالة التعاون الدولي التابعة لها، فضلا عن الدور المحوري الذي تلعبه القاهرة بالنسبة لسيول. وكذلك مكانة مصر كدولة رائدة ودورها الإقليمي الجاذب لفرص الاستثمار والتعاون. وعن نص الحوار..
– أولا، دعونا نتحدث عن الغرض من زيارتك والنتائج. من المسؤولون المصريون الذين التقيت بهم؟
أهلا بكم، هذه هي زيارتي الرسمية الأولى لمصر كرئيس للوكالة الكورية للتعاون الدولي، وهي في الواقع أول زيارة لرئيس الوكالة الكورية للتعاون الدولي لمصر في السنوات الأخيرة.
وتهدف زيارتي إلى الاحتفال بمشروع التعاون بين الحكومة المصرية والهيئة الكورية للتعاون الدولي لدعم رقمنة خدمات المشتريات العامة في مصر خلال الفترة 2022-2026، والذي تبلغ تكلفته 7.9 مليون دولار، أي ما يعادل 400 مليون جنيه تقريبًا.
ولإدخال نظام المشتريات الإلكترونية المطور حديثًا في مصر بدعم من وكالة التعاون الكورية، عقدنا اجتماعًا رفيع المستوى لأصحاب المصلحة في القاهرة يوم 21 نوفمبر.
كما تشرفت خلال زيارتي بلقاء رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي رانيا المشاط، وخلال مناقشاتنا المثمرة أكدنا مجددًا التزامنا المشترك الراسخ بتعزيز الشراكة بين كويكا ومصر، لاستكشاف طرق بناءة لتحقيق ذلك، وتحقيقًا لهذه الغاية التقيت بوزير المالية أحمد كوجاك، الذي شارك أيضًا في استضافة الحدث الخاص بالصندوق الذي تم إنشاؤه حديثًا وكان نظام الشراء الإلكتروني.
– ما الذي يميز مصر في علاقاتها مع كوريا الجنوبية في نظرك؟ كيف تقيمون العلاقات بين البلدين، خاصة أن العام المقبل يصادف الذكرى الثلاثين لشراكتهما؟
تتمتع مصر بموقع استراتيجي على مفترق الطرق بين الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، وهي موطن لسكان شابين مفعمين بالحيوية والنشاط. وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت الحكومة المصرية رؤية واضحة للنمو المستدام من خلال المبادرات الوطنية مثل “رؤية مصر 2030″، التي تؤكد على التنمية الاقتصادية القائمة على الابتكار والتحول الرقمي ومشروعات الطاقة الخضراء.
كل هذه العوامل توفر فرصا ثمينة للاستثمار والتبادل الثقافي والتعاون التنموي، فضلا عن العمل المشترك لمعالجة الأجندة العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد حقق كلا البلدين نجاحاً هائلاً في مجال التنمية على مدى السنوات الثلاثين الماضية.
– قبل ثلاث سنوات، اختارت الحكومة الكورية مصر كشريك تنموي ذي أولوية. ما هو سبب هذا الاختيار؟ وكيف أثر ذلك على العلاقات الثنائية وأنشطة كويكا في مصر؟
إن تواجد مصر الإقليمي، إلى جانب شبكة اتفاقيات التجارة الحرة الواسعة وسكانها الشباب، يجعل من البلاد شريكًا مهمًا للتنمية الإقليمية والعالمية. إن إمكانات النمو في البلاد، المدعومة بقيادتها الديناميكية والتعاونية واقتصادها المتوسع، تجعلها خيارًا طبيعيًا لتحسين التعاون.
ومنذ الإعلان المشترك بين مصر وكوريا الجنوبية في عام 2016 والقمة بين البلدين في عام 2022، يعمل بلدينا على تعميق التعاون في مجالات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم.
– ما مدى أهمية مصر بالنسبة للوكالة الكورية للتعاون الدولي؟ وما أهميتها في المنطقة؟
اعترافًا بالدور المحوري لمصر، صنفت الحكومة الكورية البلاد كشريك رسمي ذي أولوية للمساعدة الإنمائية الرسمية في عام 2021 من خلال مبادرات تركز على التعليم والإدارة العامة والنقل والاستدامة البيئية والتحول الرقمي.
وتعتبر مصر شريك التعاون التنموي الوحيد ذو الأولوية بالنسبة لكوريا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
– كيف ترى دور مصر وإسهاماتها في إنجاح القمة الكورية الإفريقية 2024؟
وفي مايو من هذا العام، عقد رئيس الوزراء مدبولي اجتماعًا استراتيجيًا قبل القمة مع ممثلي 15 شركة كورية رائدة تعمل في مصر، بما في ذلك سامسونج وإل جي وهيونداي، لبحث سبل تحسين التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين.
وترأست رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، الوفد المصري إلى كوريا خلال القمة، وحققت الحكومتان نتائج مثمرة في مجالات ذات اهتمام مشترك تتراوح بين التعاون التنموي والاقتصاد.
وبفضل مشاركة مصر، كانت القمة الكورية الأفريقية لعام 2024 فرصة لتوسيع وتسريع شراكتنا.
– ما هي أولويات الوكالة الكورية للتعاون الدولي فيما يتعلق بالتعاون مع مصر؟ ما هي مجالات التعاون التنموي التي تحتاج إلى تعزيز؟
وتلتزم الوكالة الكورية للتعاون الدولي بتعزيز الرخاء المتبادل والمصالح المشتركة من خلال تعزيز التعاون الإنمائي، حيث تركز جهود تعاوننا على مجالات رئيسية مثل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتمكين الشباب، وتنمية رأس المال البشري، والتخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز السلام والعدالة.
نعتقد أن التعاون التنموي في مصر يمكن أن يكون بمثابة حافز للنمو الاقتصادي من خلال تعزيز التعليم الفني وتمكين الشباب وتحسين الخدمات الحكومية من خلال الكفاءة الرقمية. علاوة على ذلك، يهدف عملنا إلى تعزيز الاندماج الاجتماعي، وخاصة للنساء والفئات الضعيفة. بما في ذلك اللاجئين.
– ما عدد المشروعات التي نفذتها الوكالة الكورية للتعاون الدولي في مصر منذ إنشائها؟ ما هي التكلفة الإجمالية المقدرة؟
منذ إنشاء مكتب كويكا في مصر عام 1998، قمنا بتنفيذ حوالي 30 مشروعًا بشكل رئيسي في مجالات التدريب الفني والتنمية الصناعية وتحسين الخدمات الحكومية.
وقام حوالي 2000 مسؤول حكومي مصري بزيارة كوريا للمشاركة في برامج التدريب على بناء القدرات، وقمنا برعاية حوالي 140 من حاملي درجة الماجستير.
ومن بين أبرز خريجي البرنامج التدريبي رئيس الوزراء مدبولي، الذي شارك في برنامج التنمية والتخطيط العمراني التابع للوكالة الكورية للتعاون الدولي في عام 2001.
كما ساهم ما يقرب من 320 متطوعًا من الوكالة الكورية للتعاون الدولي منذ فترة طويلة في تنمية المجتمع وتمكين الشباب في مصر. وفي المجمل، خصصت الوكالة الكورية للتعاون الدولي ما مجموعه 95 مليون دولار أمريكي لدعم مصر وتخطط لتوسيع تعاوننا في السنوات القادمة.
– ما هي مرتكزات برامج ومشروعات وكالة التعاون الكورية في مصر؟
تركز خطة التعاون القطرية للوكالة الكورية للتعاون الدولي مع مصر على ثلاث ركائز أساسية: توفير التعليم الفني للشباب، ودعم رقمنة الخدمات والأنظمة الحكومية، وتنفيذ برامج لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتمكين المرأة ودعم الفئات الضعيفة.
ومن المعروف أن الوكالة الكورية للتعاون الدولي متقدمة في مجال التكنولوجيا. كيف تعتقد أن مشروعاتك ساعدت مصر في أن تصبح دولة رقمية؟
التحول الرقمي له تأثير عميق على حياة الناس. وقد راكمت كوريا الجنوبية ثروة من الخبرات والقدرات في مجال التحول الرقمي للخدمات الحكومية، وتعد الحكومة الرقمية مجالًا رئيسيًا لمشاريع المساعدة التنموية الرسمية للوكالة الكورية للتعاون الدولي.
أصبحت كوريا رائدة عالميًا في مجال الحكومة الرقمية، حيث احتلت باستمرار المرتبة الأولى في التقييمات الدولية التي أجراها البنك الدولي والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ومن ناحية أخرى، تتمتع مصر بمكانة جيدة وإمكانات كبيرة في السياسة والبنية التحتية والصناعة والقطاع الخاص، ولهذا السبب تحتاج إلى تقدم متزايد في مجال الرقمنة.
ويعمل مكتب الوكالة الكورية للتعاون الدولي في مصر حاليًا على تطوير إطار نتائج برنامج التحول الرقمي، والذي سيتم إطلاقه العام المقبل. سيحدد هذا الإطار استراتيجية شراكة طويلة المدى بين كوريا ومصر ويحدد المشروعات الرئيسية لدعم مبادرة مصر الرقمية.
– بما أننا نعلم أن المساواة بين الجنسين هي حجر الزاوية في مشروعات الوكالة الكورية للتعاون الدولي، كيف تعتقد أن هذه المشروعات المتعلقة بالنوع الاجتماعي تؤثر على تمكين المرأة في مصر؟
هدفنا هو دعم جميع النساء والفتيات، بما في ذلك النساء اللاجئات، المتأثرات بالعنف القائم على النوع الاجتماعي ويواجهن التمييز الذي يحد من مشاركتهن الاقتصادية والاجتماعية الكاملة.
بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة في مصر ومنظمات الأمم المتحدة مثل صندوق الأمم المتحدة للسكان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نقوم بتنفيذ مشاريع لمنع العنف والاستجابة له في الأسر والمدارس وأماكن العمل والمجتمعات.
تعمل جهودنا على تمكين النساء والفتيات ليصبحن أكثر مرونة واعتمادًا على الذات، مما يساعد على تحقيق إمكاناتهن الكاملة وبناء أمة أكثر شمولاً وازدهارًا.
– في ظل التقدم الذي حققته كوريا في مجال التعليم الفني، كيف تعتقد أن مصر تستفيد من هذه التجربة؟
هناك طلب متزايد في سوق العمل المصري على خريجي التعليم الفني الذين ليس لديهم المعرفة النظرية فحسب، بل لديهم أيضًا مهارات عملية متوافقة مع الاتجاهات الصناعية السريعة التغير في مصر.
وتتمثل استراتيجيتنا في التعاون بشكل أكبر مع شركاء القطاع الخاص في الجوانب الرئيسية للتعليم الفني، بما في ذلك تطوير المناهج المشتركة، والتدريب الداخلي طويل الأجل وغيرها من أشكال التعاون بين الجامعات والصناعة.
ومن خلال دعم الوكالة الكورية للتعاون الدولي، استفاد طلاب جامعة بني سويف التكنولوجية من برنامج تدريب داخلي في شركة سامسونج المحلية التابعة لها، وتتعاون جامعة بني سويف التكنولوجية الآن مع الوكالة الكورية للتعاون الدولي وهيونداي روتيم، التي تشارك بنشاط في السكك الحديدية على مستوى البلاد. مشروعات تحويل النظام التي تنفذها الحكومة المصرية.
– هل يمكنك أن تخبرنا عن مشاريع وبرامج KOCA القادمة على المدى القصير والمتوسط والمجالات الرئيسية التي ترغب في التركيز عليها؟
وبالنظر إلى إمكانات مصر والتحديات التي تواجهها، بما في ذلك القضايا الملحة مثل تغير المناخ والأمن الغذائي والنمو السكاني والاتجاه العالمي نحو التحول الرقمي، هناك فرص كبيرة لتعميق التعاون بين كوريا ومصر من خلال المبادرات المشتركة.
أطلقت الوكالة الكورية للتعاون الدولي مؤخرًا العديد من البرامج المختلفة التي تركز على مجالات التنمية الرئيسية مثل الرقمية والصحة والزراعة في جميع أنحاء أفريقيا.
وفي هذا السياق، يتعاون مكتب الوكالة الكورية للتعاون الدولي في مصر مع الوزارات المعنية في مشروع “الوصول الشامل إلى التعليم الرقمي”، والذي يهدف إلى بناء الكفاءات الرقمية لكل من المعلمين والطلاب وتحسين مهارات إدارة التعلم الرقمي للتعليم الأساسي. جزء مهم من مصر حيث لدينا شراكات طويلة الأمد مع مؤسساتها التعليمية الفنية.
نعمل حاليًا مع إدارة التدريب المهني الإنتاجي بوزارة النقل والصناعة على مشروع لتحسين جودة التدريب المهني لصيانة السيارات، وخاصة المركبات الصديقة للبيئة، بما في ذلك السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال والسيارات الكهربائية.
-كيف ترى مستقبل العلاقات بين الوكالة الكورية للتعاون الدولي ومصر؟
وباعتبارها أصغر القارات وأسرعها نموا، تواجه أفريقيا تحديات ملحة مثل تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي والأزمات الصحية، وفي هذا السياق تلعب مصر دورا استراتيجيا ومؤثرا كدولة رائدة في المنطقة.
أكدت القمة الكورية الإفريقية الأخيرة التزام كوريا بتوسيع التعاون التنموي، بما في ذلك الالتزام بتقديم 10 مليارات دولار من المساعدات الإنمائية الرسمية بحلول عام 2030 ومبادرات مثل برنامج التكنولوجيا من أجل أفريقيا لتعزيز الابتكار الرقمي وإتاحة الفرص للشباب في هذا القطاع. لتكون نموذجاً لمبادرات التنمية الناجحة، بما في ذلك التحول الرقمي والتدريب المهني.
وبالنظر إلى المستقبل، ستستمر العلاقات بين كويكا ومصر في النمو، مع التركيز على البناء على إنجازات مصر لتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب.
وتعد مذكرة التفاهم بين الوكالة الكورية للتعاون الدولي والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية شهادة على هذه الرؤية حيث تهدف إلى مشاركة إنجازات مصر التنموية مع الدول المجاورة. ونتوقع أيضًا توسيع التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا الخضراء والتعليم الرقمي والإدارة العامة، مع تأثيرات إيجابية في جميع أنحاء أفريقيا.