«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو».. شاب وكلب يطلقان مسارا جديدا فى السينما المصرية
تقدم لنا السينما المصرية بين الحين والآخر تجربة مختلفة ومختلفة عما سائد، فتأخذنا في رحلة ترفيهية مع فنونها، تبدأ من أسلوب عرضها، وأبعاد فكرتها وعالمها، التي تلامس واقعنا مع صدق حضور شخصياتها على الشاشة، كما ورد في سيناريو فيلم «البحث عن مخرج» للمخرج خالد تأليف بالتعاون مع محمد الحسيني، مع عصام عمر، ركين سعد وأحمد بهاء وسماء إبراهيم.
في الفيلم الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية السينمائي، يتعرض حارس الأمن الشاب “حسن” 30 عامًا، للتهديد من قبل صاحب المنزل له ولوالدته “. كريم”. ميكانيكي سيارات يريد إخراجها من شقتها لتوسيع ورشته الخاصة. مقابل مبلغ بسيط لا يسمح لهم بالحصول على شقة أخرى، تصل الأزمة إلى ذروتها في شجار في الشارع يهاجم “كريم” بشكل صارخ “حسن” ولا ينقذه أحد سواه. عندما يقفز كلبه رامبو ويعض كارم في مكان طري
يقرر الانتقام الدموي من الكلب. كارم يستعد للانتقام الدموي. فينطلق “حسن” للبحث عن ملاذ آمن لصديقه الكلب، وينطلق في رحلة تأخذه ليلاً إلى قلب المدينة، حيث يتعين عليه أن يتعامل مع عدة أزمات وتدعمه صديقته السابقة عند البحث. من أجل الوصول إلى هناك، يخرج “رامبو” بأمان. الخوف على حياته، والذي يعكس أيضًا حياة صاحبه، بل ويستكشف العلاقة المعقدة بين جيل ومجتمع يعاني اقتصاديًا، بين حالة الحب والانتماء المتشابكة مع الخوف، وهي العلاقة التي كثيرًا ما نشعر فيها بهذا الشكل. أولئك الذين ينتمون إلى عالم “جيد” هم كلاب ضالة تصطاد في المدينة ولكن لا يمكنها العثور على أي شيء. مكان آخر تعيش فيه آمنة. هكذا شعرت بأفكار المخرج وهو يروي قصته، مسلطاً الضوء على العلاقة الدقيقة والقوية بين الإنسان وكلبه، في إطار يبدو مألوفاً لكنه يغمرنا بتفاصيل جديدة من أحد الأحياء الشعبية في القاهرة. إنه فحص دقيق للعنف اليومي ويأخذ البطلة إلى وسط مخاوفها، التي تغيره إلى الأبد.
ربما لا يكون موضوع الفيلم جديدًا، لكن الفيلم مع ذلك مثير للإعجاب ويعطي نكهة قوية ومميزة لرؤية مخرجه للحياة على هامش الطبقة العاملة في القاهرة. “رامبو” الكلب الذكي ليس مجرد حيوان أليف على الشاشة، بل يصبح وجوده رمزا للحياة البسيطة والصراعات الخفية التي يعيشها أبطال القصص في صمت.
الشاب المسالم الذي يحافظ على علاقة ودية مع كلبه، يدلله ويتحدث معه ويجد فيه سندًا لغياب والده الذي لا يذكره إلا بذكريات طفولته عبر التسجيلات الصوتية، يختفي في ظروف غامضة.
لا يحكي الفيلم عن صداقة بين كلب وشاب فحسب، بل يتناول أيضًا تعقيدات حياة شخصية “حسن”، الشاب البسيط الذي يعمل حارسًا أمنيًا في أحد الأندية الاجتماعية التي تم إنشاؤها لعصام عمر بالبساطة والعمق، وأخذه خطوة كبيرة نحو السينما. حيث جعلنا نتعامل مع شخصية تشبه الكثير من الأشخاص الذين يعيشون على هامش المجتمع، ويعملون في وظائف مؤقتة لا تناسب طبيعتهم، ويحملون على أكتافهم أحلامًا صغيرة وصراعات وتناقضات أكبر مما يبدو على على السطح، يرسم ريم بحساسية شديدة ملامح عالمه وعلاقة معقدة تجمعه بوالدته وكلبه وبيته. الشخص المهدد وصراعه مع جاره “كريم” الميكانيكي المتسلط الذي لا يرى قيمة للأشخاص أو الأماكن.
وقد تعامل الفيلم مع هذا الصراع بذكاء، متجنباً الخطاب الواضح لرسم صورة واقعية لمجتمع يتسم بمشاعر الخوف والتمرد. يعكس العمل شخصيات تبدو غير مستقرة وتبحث عن نفسها.
“رامبو”، الكلب الذي يشارك “حسن” هذه الحياة، يقع في قلب هذه المواجهة ويصبح هدفًا لكراهية “كريم” غير المبررة في معركة غير متكافئة. هذا الحضور الهادئ لـ«رامبو» يسلط الضوء على هشاشة الحياة وتلك القيم الإنسانية التي نتجاهلها. الكلب ليس مجرد ضحية للصراع بين الناس، بل يمثل البراءة المحاصرة وسط عالم لا يرحم، عالم تصبح فيه أبسط الأشياء مثل الأمان أو الطمأنينة كماليات لا يمكن للجميع الوصول إليها.
يثبت الفيلم أن الفجوة بين أفلام «الفن» والأفلام التجارية آخذة في التقلص؛ لقد اعتدنا على أن تكون الأفلام إما فنية للغاية أو تجارية بحتة، لكن فيلم “البحث عن مخرج للسيد رامبو” نجح في الموازنة بين رؤيته الفنية والجانب التجاري وهذا ما يجعله فيلمًا مختلفًا ويمثله حقيقيًا. إثراء للمهرجان والسينما المصرية. كما أنها تجربة مهمة لعمر لأنها تقدمه بطريقة خاصة للجمهور ولمخرجه خالد منصور الذي كتب فكرة مميزة، من خلال العمق الكبير الذي يقدم به عدة رسائل من خلال حوارات الفيلم.
ما يميز هذا الفيلم هو قدرته على دمج عوالم محلية وعالمية مختلفة بطريقة تجعل القصة مرتبطة بكل مشاهد، بغض النظر عن خلفيته الثقافية.
يوضح خالد منصور ببراعة كيف يمكن لرمز بسيط مثل الكلب أن يصبح محور قصة إنسانية عميقة. على الرغم من بساطة الفكرة، إلا أن الفيلم يطرح أسئلة كبيرة حول ما نعتبره مهمًا في الحياة وكيف تتشكل قيمنا في مواجهة التحديات.
تحركت كاميرا خالد منصور بحرية في شوارع القاهرة، والتقطت ببراعة تفاصيل المدينة التي لا تنام، تتناوب بين لحظات الصمت والعنف، وكأنها تسجل صراع حسن ورفيقه رامبو في محاولتهما البحث عن ملجأ من الموت. تهديد. يستخدم الفيلم المدينة ليس فقط كخلفية، بل كجزء حي من السرد، حيث يمزج بين عوالم الشخصيات الخارجية والداخلية.
يقدم الفيلم تجربة بصرية ونفسية متكاملة؛ ولا تفتقر المشاهد إلى الدفء والحميمية رغم قسوة الظروف، وتنعكس هذه الروح في أداء الممثلين. يتألق عصام عمر في دور حسن بأداء يعبر عن مشاعر مكبوتة وصراعات نفسية تتكشف ببطء على مدار الأحداث دون افتعال أو تضخيم.