وكيل الأزهر: الناس في حاجة ماسة إلى فتوى بصيرة واعية تحمل قدرا من التفاؤل والأمل

منذ 4 شهور
وكيل الأزهر: الناس في حاجة ماسة إلى فتوى بصيرة واعية تحمل قدرا من التفاؤل والأمل

اليوم د. ألقى وكيل الأزهر محمد عبد الرحمن الدويني، كلمة فضيلة الإمام الأكبر، في افتتاح المؤتمر العالمي التاسع للأمانة العامة للأدوار وهيئات الفتوى في العالم، ود. أحمد الطيب شيخ الأزهر والتي تنعقد تحت عنوان “الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع” بحضور أكثر من 100 دولة حول العالم تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي و بحضور كبار المفتين والوزراء والعلماء.

الدويني مؤيدا لدعوات الأزهر الشريف وشيخه الأكبر، يخاطب الشعب الفلسطيني الصامد المتمسك بأرضه ويواجه الآلة الصهيونية المتغطرسة، وأكد سماحته مجددا أن هذا الاعتداء على المدنيين وقصف المؤسسات هو عمل كامل -جريمة حرب عارمة وعار سجله التاريخ بأحرف العار على جباه الصهاينة. ومن ساعدهم؟

وأكد أن مؤتمر اليوم هو حلقة في سلسلة الوعي التي تعمل عليها المؤسسة الدينية في مصر. مناقشة القضايا الراهنة ضمن إطار قانوني يتوافق مع الواقع، وفي الوقت نفسه لا يخرج عن الثوابت، ويحفظ للناس المبادئ الخمسة الأساسية التي تدور حولها أحكام الشريعة.

وأوضح وكيل الأزهر أن عالمنا اليوم يمر بخطوات بالغة الخطورة، تتجلى في تدخلها في مجالات الحياة المختلفة: الإيمان والمجتمع والاقتصاد والسياسة، وفي آثار هذا التسارع والتغيير الذي يجري. وأضاف أن من مظاهر هذا التسارع الغريب هذا “التلوث” الذي يحاول أن يصيب المجتمع في صلبه، ليستبدل الأسرة الشرعية والعفة بشذوذ يخالف الشرع والفطرة، وهو ما يكذبه زوراً. تسمي الشذوذ الجنسي أو دعوة الحرية، بالإضافة إلى المعاملات الاقتصادية التي تتنافى مع منهج الجنة وتضر بالأفراد والمجتمعات، تلك السياسات التي تؤسس لحروب ظالمة، تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من الأطراف المتحاربة إلى دول السلام التي لا جمل لها ولا جمل. الجمل في الحرب بل يقف في نارهم بلا ذنب ولا ذنب.

وكشف ممثل الأزهر عن جانب آخر من التسارع الديني الذي يتم في جانبين، كلاهما تطرف: إما التطرف والعزلة اللذين يحدان من حياة الناس، أو الإلحاد والخروج على القانون، اللذين علاوة على ذلك يهددان الإيمان والثوابت ويهدمان الإنسان. الذكاء الاصطناعي الذي تغلغل في حياتنا لدرجة أنه يصدر فتاوى للناس دون أن ينفعهم شيء. إن صناعة الفتوى وقلة وعي السائل أدت بالناس إلى حرفية ونصّية ضيقة وغامضة.

وأشار ممثل الأزهر إلى أنه إذا تأكدنا أن الناس بحاجة إلى فتوى لتنظيم حياتهم؛ إن أشد ما يحتاجون إليه هو فتوى ثاقبة مستنيرة، تنقل قدرا من التفاؤل والأمل، في زمن عصيب يجب أن يفتح أبواب الأمل، وتؤكد أن من حق الناس على المفتين والعلماء أن يقتربوا من التوحيد حتى يتمكن المرض يتم حل مكافحتها بالفتاوى دون علم، ويتخلى الناس أولاً عن فتاوى من يميل إلى التشدد والتضييق دون خلق مسارات للناس في فضاء الحلال والمباح، وثانياً، على يد حملة راية الإغاثة الذين ثوابت ومبادئ ذابت باسم الفرج حتى لم تعد ضوابط الفقه ضرورية، وثالثا من قبل من يتعقبون الغرائب، ويجردون ويضعون الفتاوى من وقائعها وسياقها الفقهي الزماني والمكاني موضوعا للاتهام الوزاري، ورابعا أولئك الذين يسمحون لأي شخص بإصدار الفتوى متى شاء، وبالتالي إزالة الفقه من حياة الناس مع أنهم في أمس الحاجة إليه.

وشدد الدويني على أنه ينبغي للعلماء والمفتين ألا يكتفوا بالنطق بأحكام مجردة من غرضها، دون ارتباط وثيق بينها وبين واقع الناس وأخلاقهم ومشاعرهم وحركة قلوبهم. أو ما يمكن أن نسميه “الارتباط بين الفتوى والتقوى”، تلك العلاقة الوثيقة التي… يدركها المتأمل في المنهج القرآني للفتوى، وتتبين له أيضًا خصائصها، ما يمكن أن نعرفه تسمى “فتوى الرعاية”، وهي بالإضافة إلى توضيح القرار الشرعي، تهدف أيضًا إلى توجيه القلب والسلوك.

وأكد ممثل الأزهر أن ربط الفتوى بالأخلاق هبة قرآنية وتطبيق نبوي وواجب اجتماعي. فهو قادر على مواجهة ما يحمله العالم المتسارع من انحرافات عن القيم في أوقات معينة، وانحرافات عن مبادئ الإيمان في أوقات أخرى.

وأكد أن مسألة الأخلاق هي قضية مركزية في الإسلام. ولا يكاد يخلو تشريع من اعتقاد أو عبادة أو عمل من الحكمة الأخلاقية، يكون ثمرته في الإنسانية الجمال والعقل، وفي المجتمع التضامن والتعاون.

واستنكر الدويني إصدار الفتاوى لمن ليس له أهلية للإفتاء، رغم وضوح مكانة الأخلاق وضرورة ربطها بالفتوى، كونهم يصدرون الفتاوى للأشخاص المكفوفين والصم الذين لا يملكون القدرة على الإفتاء. انظر إلى الواقع، ولا ترى الجمال، ولا تفتح باب الأمل، وكأن البراعة كلها تكمن في هذه الشذوذ المحرم على الناس. ما يحل لهم من الطيبات يضيق عليهم التنفس ويضع الحلال في دائرة الحرام أو الحرام في دائرة الحلال، مؤكدا أن دفع مثل هذه الأصوات والسعي في تضخيمها ليس في سبيل الله. أو إصلاح حالة خلق الله، بل هي أهداف يعمل عليها، وسر تنفيذها وتحقيق نجاحات يرغب بشدة في تحقيقها، بغض النظر عما إذا كانت هذه النجاحات نفعية عقائدية أو سياسية أو شخصية. .

وقال وكيل الأزهر إن “الأخلاق الحميدة” هدف ديني وواجب ثقافي وضرورة اجتماعية تحمي من خلالها المجتمعات والأمم من التشويش أو التشويه المتعمد، مضيفا أن الفتوى الثاقبة أو تلك ما يسمى “” “الفتوى” “نشر الفتوى” ضرورة بالنظر إلى الفئة المستهدفة التي تعيشها مجتمعاتنا. وعي الشباب بهويتهم ووعيهم بتاريخهم ووعيهم بحاضرهم ومستقبلهم ووعيهم بما تخطط له الجهات الخبيثة التي تسعى لاحتلال العقل بطريقة لطيفة وغير مكلفة لحرمان الأمم من وثرواتهم ومقدراتهم، أو على الأقل ردعهم عن طريقهم بعد فشلهم في احتلال الأمم بشكل صريح؛ وتلعب الفتوى دورا مهما في الإصلاح.


شارك