ماريا الهطالي: أطلقنا وثيقة أبوظبي في الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية إيمانا بأهمية الإفتاء الشرعي
دكتور. وقالت ماريا محمد الهطالي الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء، إنها كانت تتحدث عن “الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع” الذي اختارته الأمانة العامة لدور وهيئات الفتوى في العالم – من حيث الزمان والمكان والموضوع والتنظيم – ليس ترفًا أو ترفًا، بل هو الشيء الصحيح في السياق.
وأضافت أن من المهام الأساسية للدور وهيئات الفتوى الاستعداد للمستقبل من خلال المشاركة في صناعته والشعور باحتياجاته والإجابة على أسئلته والمسؤولية الوطنية والأخلاقية في الحفاظ على الأديان والأوطان والأجيال والإنسانية. ككل في مواجهة التغيرات التي تحدث.
وأوضحت خلال كلمتها في لقاء الوفد بمؤتمر الإفتاء العالمي التاسع، أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال تحديد الأهداف والأولويات بوضوح، وفهم التحديات، واستثمار الفرص، وتبني الرؤية الاستراتيجية، واتخاذ القرارات المناسبة. حتى تكون الرؤية المستقبلية واضحة يمكن من خلالها التحاور مع المستقبل وفهمه والتعامل معه: الإعداد والاحتواء والنجاح.
وتابعت: ليس لدي أدنى شك في أن الخطوة المهمة الأولى التي ستساعدنا في هذا الصدد هي إدراك حجم التغيرات ومدى التحولات السريعة التي يشهدها العالم من الناحية الأخلاقية. وفي “عالم متسارع”، كما يوحي عنوان المؤتمر، بدأت هذه التغييرات تتشكل وتلقي بظلالها على حياة الإنسان. وسيكون لها أثر كبير في القيم والأخلاق الإنسانية التي تشكل أساس الأديان، مما يساعد على استمالة العقول والوصول إلى القلوب.
كما تحدث الأمين العام لمجلس الإمارات للفتوى الشرعية عن إحدى المبادرات العالمية الرائدة التي أطلقها مجلس الإمارات للفتوى الشرعية خلال مؤتمره العالمي الثاني الذي عقد العام الماضي في 7-8 نوفمبر 2023 بقيادة دولة الإمارات. انعقد مجلس الفتوى الشرعية، بمبادرة من العلامة الشيخ عبد الله بن بيه. وأشارت إلى أن المجلس أطلق «وثيقة أبوظبي للفهم الشرعي للتطورات العلمية» بحضور ومشاركة مؤسسات الفتوى والشخصيات العلمية المشاركة في المؤتمر، إيماناً بأهمية الفتوى الشرعية ودورها في الارتقاء جودة الحياة واستقرار المجتمعات وسعادتها، وضمان استدامة الخير والنفع للأجيال القادمة، ولفت الانتباه إلى المشاكل الناجمة عن ظهور الاختراعات والاكتشافات الجديدة والتطورات الرقمية السريعة لعدم وجود نصوص سابقة للمقارنة .
وأوضحت أن هذه الوثيقة تحتوي على تسعة مبادئ أساسية وثمانية محددات تلعب دورا بارزا في دعم البناء الأخلاقي والتصدي لتحدياته. وأهمها هي:
المبدأ الأول: محدودية القواعد القانونية دون محدودية الوقائع: النصوص القانونية متناهية، لكن الوقائع والكوارث لا نهائية، مما يتطلب العناية في تكييف القواعد القانونية مع الواقع، وتعبئة النصوص وتذكر القواعد والضوابط. والتي بنى عليها المفتون أحكامهم وفتاويهم.
المبدأ الثاني: شمولية الكليات القانونية على المعاني والمبادئ العامة والأهداف القانونية، واعتبار نصوصها نصاً واحداً قادراً على استيعاب التطورات قانونياً، مع التحذير من التحيز الذي يركز على التفاصيل ولا يقتصر على العموميات ويستبعد الواقع.
المبدأ الثالث: الفائدة والفرج؛ فالفتوى الشرعية السليمة يجب أن تراعي المصلحة بضوابطها الثلاثة: أن تكون في أحد مقاصد الشريعة (ضرورية وضرورية وتحسينية)، وأن لا تكون باطلة، وأن لا تخالف أي نص من النصوص الشرعية. القرآن أو السنة أو الإجماع أو القياس.
المبدأ الرابع: إعادة نطاق المقبولية الذي قيده البعض؛ وذلك باستكمال الأصل المقبول في حالة عدم وجود دليل على التحريم، مع بيان مراتب الضرورة والمشقة وعمومها وخصوصها.
المبدأ الخامس: مراعاة أعراف المهنيين في المجالات الطبية والقانونية والاقتصادية والفنية كأساس للأحكام وخاصة في مرحلتي التكيف والتشخيص.
المبدأ السادس: توجيه الفتوى التي تستوعب التطورات مع الكليات والمقاصد من خلال اتباع منهج منطقي يجمع بين الجزئيات والكليات ويزيل التناقض بينهما.
المبدأ السابع: الاستلهام من التراث الشرعي، ولا سيما الفتاوى وفقه الكوارث، لما يحتويه هذا التراث من ثراء فقهي متنوع وملهم.
المبدأ الثامن: أن يواكب المحامي روح العصر ويتعامل بإيجابية مع التطورات العلمية بما لا يتعارض مع مقاصد الشريعة ومبادئها.
المبدأ التاسع: التكامل المعرفي والمعنوي والثقافي في فهم الشريعة، من خلال مزج المعرفة المفيدة وفتح الطريق أمام المعرفة العالمية والقيم الثقافية، لتقريب المفاهيم وإزالة الخلط بين الحكم الشرعي والتقدم العلمي.
وأكد الهطالي أن الوثيقة تحتوي على ثمانية محددات أساسية، منها المحدد الاصطلاحي والمفاهيمي، الذي يعتبر مدخلا أوليا ومبدأ أساسيا في التعامل مع القضايا ويؤثر في الإدراك الدقيق للتطورات العلمية وفهمها وفهمها القانوني.