نائب رئيس جامعة القرويين: العالم يفتقد الآدمية ومقتضيانها الدينية والأخلاقية بداعي التحرر

منذ 2 شهور
نائب رئيس جامعة القرويين: العالم يفتقد الآدمية ومقتضيانها الدينية والأخلاقية بداعي التحرر

دكتور. أكد إدريس الفاسي الفهري الأستاذ بكلية الشريعة بفاس ونائب رئيس جامعة القرويين بالمملكة المغربية، أن غاية بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي السلام عليه والمنحة كانت في الأصل لكمال مكارم الأخلاق، كما في رواية الإمام البيهقي: “”ما بعثت إلا لإكمال مكارم الأخلاق”، وفي رواية الإمام مالك: “”حسن الأخلاق”.” وفي رواية الإمام أحمد: «حسن الخلق».

وأشار إلى أن جوهر مفهوم الفتوى، على العموم فيما يتعلق بحاجات الشعب الإسلامي، هو غرض إيصال المعلومة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام الغزالي في كتاب نهج الشريعة: “لا غنى عن الفقيه المفتي القاضي المعين في المنطقة؛ وفي حال النزاع فالقاضي ملزم بمن يحال إليه، والمفتي هو الذي يلجأ إليه المسلم في جميع حالاته الثانوية».

وأضاف خلال كلمته خلال اجتماع الوفد في مؤتمر الأمانة العامة للأدوار وهيئات الإفتاء في العالم المنعقد برعاية دار الإفتاء المصرية، أنه من المعتاد أن يتحدث المفتي قبل إصدار فتواه خلال فترة انعقاده. وفي ختامها إلى مقتضيات الأخلاق المحمدية والبنية الأخلاقية العامة التي تنفرد بها القيادة الإسلامية والفقهاء والمهتدين بهدي النبي وأقوال الأئمة وسلوكهم ونتائج العقول السليمة، بحيث عندما فهو يذكر الحقوق ولا يغفل الجانب الآخر من الموضوع، وهو ما يترتب على كل حق من واجب أو التزام، وحتى عندما يتحدث الناس عن إعلان حقوق الإنسان بهذه الطريقة يوضح بشكل عام ما يجب أن يكون دينياً، وما يعبر عنه مرارا وتكرارا في القرآن والسنة: وجوب تنفيذ وتفعيل إكرام الناس.

وأكد أنه عندما يضع الناس مدونة أخلاقية تتحدث بشكل مطلق عن اللذة والمنفعة والمصلحة، يتبين أن كل منفعة أو لذة أو مصلحة لها جوانب اعتبار ومسبار يتم فيه ترتيب الأولويات وتوازنها، ومتى عليه حكم، يحدد سياقه العام وسياقه الخاص، حتى أصبح الاهتمام بما يأتي به من العدل والإصلاح والقضاء على شوائب الفساد واجباً أكثر من أي وقت مضى كما يمنح العالم من حوله نحن نفتقر إلى الإنسانية ومقتضياتها الدينية والأخلاقية والاجتماعية، تارة من باب الحرية، وتارة من باب الحقوق المطلقة، وتارة من باب المنفعة والاهتمام المطلقين بالآخرين.

وقال إن المجتمع الدولي، الذي لا يمكن التراجع عنه، بدأ يتخلى عن متطلبات الكرامة الإنسانية والأخلاق العالمية، باستثناء الشعارات التي يملكها حسب المناسبة، وهي إحدى علامات تلك الأممية. ويستحيل تطبيق القانون بمعاهداته واتفاقياته، وأنه من المستحيل تنفيذه على أساس سيادة الدولة، وأن موازين العدالة فيها تميل إلى الأعلى والأسفل كما تتأرجح موازين السلطة.

وتابع: “الحديث فيه خلاف وليس هناك مساحة كافية لمناقشة مسائله، لكني أرى أنه من الضروري أن أطرح أربع نقاط في هذا السياق تتعلق بمفهوم الفتوى وواجبات المفتين، ولا يساورني شك في ذلك”. “والمفتون الكرام الحاضرون في هذا المجلس الكريم يشاركوني الرأي في هذا:

أولاً، ما توصل إليه بعض أعلام الشافعية هو أن الفتوى هي “رد حديث على قضية حالية”. ولا يقوم على معرفة سابقة أو أمر سابق، بل هو نظرة ثاقبة للواقع وما هو متوقع. بل إن الإمام الغزالي قد أنكر صفة الفقه على من لا يحقق هذا المعيار، وجاء في نصه: “إذا لم يتكلم الفقيه فيما لم يسمعه، فإن كلامه فيما لم يسمعه” لم يسمع له.” لقد سمع؛ إنه ليس محامياً.

ثانياً: المفتي الذي لا يتخيل بالدقة اللازمة ما يحدث حوله، ولا يتجاوز حجاب الأحداث إلى وقائعها، ولا يستشرف مصيرها، ولا يقدّر عواقب الفتاوى التي يصدرها بشكل صحيح. ولا يتزود بالمعدات المعرفية الكافية في معارف عصره العامة؛ ولا يعتبر محامياً، لكن عندما شم أنفه رائحة الفقه قال الخطيب البغدادي: “واعلم أن العلوم كلها أصول الفقه وأنه لا علم غير الفقه إلا صاحبه”. يأخذ أقل قليلا مما يحتاجه المحامي؛ فإنه يجب على المحامي أن يعرف كل ما يتعلق بأمر الدنيا والآخرة، ويعرف ما هو جدي وما هو مضحك، وما هو خلاف ومعارضة، وما هو مفيد وما هو ضار، وما هو أمر الناس العابرين. بينهم، والعرف الذي هو معروف عندهم.

ثالثاً: من المتصفين بالعلماء، هناك أصناف تقوم لغتهم وسلوكهم مقام الفتوى، وهؤلاء على رأسهم الخطباء في الاجتماعات والأعياد، وخطباء المساجد والمعابد، وأئمة المساجد والمعلمون. ومنهم من يهتم بدراسة موضوع قانوني مهما كان نوعه. هؤلاء هم جميعاً الذين يجب أن يأخذوا زمام المبادرة في درس الأخلاق ويتحملون المسؤولية الكاملة بين يدي الله عما يطعمونه للأشخاص الذين يستمعون إليهم أو الذين تصل أصواتهم إليهم.

رابعاً، ما نحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى هو أن يقوم القادة المتميزون بواجبهم في الفضاء الإلكتروني، فيوقف الكم الهائل من الأخطاء ويحد من مد الارتباك الذي يتدفق عبر وسائل الاتصال المتاحة اليوم. وهذا شيء يعتمد عليه تحقيق مهمتهم في تقديم التقارير الجيدة. وهذا في الواقع من أهم المهام التي ينبغي أن تقوم بها المؤسسات العلمية بشكل عام والمؤسسات المسؤولة عن الإفتاء بشكل خاص، ونشر مجموعات من العلماء ملتزمين بالسرعة الكافية والكفاءة العالية لتحقيق هذا الهدف أملا. أنها توفر حتى القليل من التوازن الأخلاقي والوعي المعرفي في هذا الفضاء الإلكتروني المفتوح على نطاق واسع.


شارك