الضباع تتصارع على الفتات في فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو
إن إتقان الفيلم والتعبير عن تفاصيله لا يتوقف عند العناصر البصرية – لغة الفيلم – بل أيضاً مع الحوارات التي تلعب دوراً أساسياً في التعبير عن شخصية البطل، ومع أبرز جمل الحوار التي يمكن أن يخرج منها كما يمكن للمشاهدين توقع النهاية، إنه حب البطل لفيلم “الغول” حيث يفضل مشاهدة هذا الفيلم في عيد ميلاده ويأتي هذا المشهد في الربع الأول من الأحداث عندما يخبر والدته أنه يفضل للاحتفال بعيد ميلاده مع كلمات: “اعملي لنا كعكة حلوة وكوب شاي بالحليب ونشاهد فيلماً”. “الغول”، في إشارة إلى حب حسن للشخصية البطولية في فيلم “الغول” التي تعود لتؤكد حبه. الحقوق في أخذ اليد عندما لا يكون هناك قانون. هل سيفعل حسن ذلك؟ يطرح الفيلم هذا السؤال في ذهنك كمشاهد، ولا يترك الإجابة مفتوحة إلا في النهاية.
حيث تتداخل الأحداث بين فيلم الغول – تأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف – وفيلم “البحث عن مخرج للسيد رامبو” من خلال عدة نقاط أولها وأهمها غياب هو في كلا الفيلمين، البطل المضاد هو الرجل الذي يستخدم قوته، الأولى هي قوته المالية والثانية قوته البدنية، لقهر شخص آخر والسيطرة عليه، والنقطة الثانية هي ثورة البطل النهائية ضد هذه القوة.
ومع ذلك، فإن الاختلاف الأساسي بين الفيلمين يكمن بشكل أساسي في هدف الفيلم. فيلم الغول يعبر عن ضعف وارتعاش يد القانون في مواجهة قوة المال والسلطة، أما فيلمنا الحالي فهو تعبير واضح عن صراع الطبقة الدنيا المهمشة مع بعضها البعض من أجل الفتات وكأنهم خارج العالم، يتقاتل كل منهم عن طريق عض الآخرين ليبقى على قيد الحياة من خلال أكل فتات وبقايا الآخرين كالضباع، وهو بالضبط الرمز البصري الذي بدأ به المخرج افتتاحية الفيلم، منذ أن يبدأ المشهد الافتتاحي بشاشة تلفزيون تظهر الضباع وهي تأكل بقايا… الفريسة، ويمثل كريم الضبع في هذه القصة. إنه ليس رجل أعمال مثل شخصية فريد شوقي في “الغول”، بل عامل عادي، لكنه يتمتع بقوة بدنية تجعله يطغى على الآخرين في الحي الفقير الذي يعيش جميعهم كأنهم مجموعة من المهمشين في ظل غياب ال القانون سوف يأكل بعضنا البعض. ولذلك، فإن دور الأمن لا يظهر أبدًا في الفيلم، بل يلجأ الجميع إلى اللقاءات المعتادة وفكرة “. مدير المنطقة” لحل النزاعات والمشاكل.
واستطاع المخرج أن يضعف هذه القوة الجسدية التي يمتلكها كارم من خلال «عضة كلب» ويحولها إلى حالة من الانكسار. وقرر الكاتب والمخرج أن هذه “اللدغة” هي شرارة الحدث وليست مجرد مشهد عابر، لأن كارم يؤمن بقوته ورجولته كرجل قوي، وعندما تتحطم تلك الرجولة… في “لدغة” “يمكن أن ينكسر إلى الأبد، فيطارد رامبو لأن الأمر بالنسبة له أكثر من مجرد حادث، بل كسر حالة القوة التي يتباهى بها، كما استخدم المخرج العناصر البصرية والحوار في معبرًا عن ذلك بقوة خلال محاولة كارم ممارسة الجنس مع خادمة ليلية للتأكد من قوته الجنسية، ومحاولته إزالة بقع الدم التي سقطت منه في هذه المحاولة لأنها دليل على ضعفه، مما يجعله أكثر شراسة وإصرارًا على ذلك. الانتقام، ويعبر المخرج عن هذه الشراسة بلقطة قريبة لعينيه ووجهه وهو يحاول مسح الدماء عن السيارة.
كل ذلك يعبر عن قوة الحبكة والبنية الدرامية لسيناريو الفيلم، الذي لا يهدر فيه الكاتب أو المخرج أي عنصر سينمائي من أجل الحضور. كل مشهد ولقطة عبارة عن ترس متشابك مع ترس آخر ومتكامل بحيث تدور العجلة ككل، وعندما يتم حذف ذلك تظهر العيوب والعيوب. وهو قمة النجاح في كتابة السيناريو، حيث تتكامل العناصر ولا يمكن الاستغناء عن أي منها أو حذفها.
يقول علي أبو شادي في كتابه “سحر السينما”: “إن الشخصيات هي وسيلة لتطوير الحدث الدرامي، وتحويله إلى حركة وفعل، ويجب على الشخصية الدرامية المتكاملة أن تمثل وتساهم بشكل فعال في الإنسان متعدد الأبعاد. “”البناء الدرامي هو أسلوب وطريقة لتوصيل جزء من الحياة خلال فترة زمنية صغيرة تعكس وجهة نظر.” كان العمل أكثر وكلما زادت قيمة الاكتشافات التي قامت بها، سواء فيما يتعلق بالنفس الإنسانية أو المجتمع أو العلاقات، كلما كان العمل الفني أكثر قيمة. وسألاحظ أن العمل حقق تكاملاً كبيراً على مستوى البناء الدرامي للأحداث والشخصيات .
بالإضافة إلى التناقض الذي يبرزه المخرج من خلال “الجاكيت” الذي ارتدت بطله، والمكتوب عليه كلمة “أمن” ولكنها بروف متقنة، وأظهر بوضوح أن الآخر تم محوه من كثرة الاستخدام والغسيل، هو بالفعل فهو يعمل ضد أي خطر ولا يستطيع حماية نفسه منه الشخص لا يملك أي سلطة أو حق قانوني في طردهم من المنزل ويعيش من خلال البلطجة وفرد القوة على الآخرين.
والفيلم لا يعتمد على اتقانه والتعبير بالتفاصيل الموجودة لدى العناصر البصرية -اللغة السينمائية- فيه، سوف ينشأ عبر الحوار، الذي يستهلكه المستهلكون جويا في التعبير عن شخصية البطل، وأبرز الجُمل الحوارية التي يمكن أن تتوقع كمٌشاهد النهاية، هو حب البطل لفيلم “الغول”، حيث يفضل مشاهدة هذا الفيلم في عيد ميلاده، وهذا الفيلم يأتي في الأجزاء الأولى من الأحداث، عندما أخبر والدته بأنه يفضل الاحتفال عيد ميلاده قائلا: “اعمليلنا كيكة حلوة وكوباية شاي بلبن ونتفرج على فيلم الغول”، وذلك عبر إشارة إلى حب حسن إلى شخصية البطل في الفيلم الغول، الذي يعود لكي يأخذ حقه بذراعه في ظل غياب القانون، فال هل تفعل ذلك جيدا؟ هذا السؤال يثيره الفيلم في مُخيلتك كمُشاهد ويترك الإجابة عليه النهائي.
حيث تتقاطع الأحداث بين فيلم الغول – تأليف وحيد حامد و إخراج سمير سيف-وفيلم “البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو”، من خلال المجموعة نقاط، الأولى والأهم هي غياب القانون، في كل الفيلمين البطل البطل هو رجل يستخدم القدرات، المهارات الأساسية والقوة، من لكي ينتصر الشخص الأخير عليه، والنقطة الثانية هي ثورة البطل في النهاية على هذه القوة.
لكن الاختلاف الجوهري بين الأساس، فيلم الغول غير قانوني عن ضعف وارتعاش حكم القانون في وجه المال القوة والسلطة، بينما فيلمنا الفعلي هو تعبير صريح عن القضية العبرية الدنيا، المهمشين مع الفريق بعض على الفُتات هل هم خارج العالم، يتصارعون كل منهم على قمة غيره من أجل البقاء على قيد الحياة، من خلال تأكل الفتات وما تبقى من الآخرين، مثل الضباع، وهي بالتحديد الرمزي الذي بدأ الفيلم البصري ببداية الفيلم، حيث يبدأ مشهد البداية من خلال شاشة التلفزيون يظهر فيها الضباع وهي تنهش بقايا فريسة، وكارم يمثل في هذه الحكاية ضبع، فهو ليس رجل أعمال مثل شخصية فريد شوقي في “الغول” سيصبح بمثابة عامل عادي لكنه يمتلك القوة القوية التي تجعله متجبرا على الآخرين في الحي الفقير الذي يعيش فيه الجميع، أنت مجموعة من المهمشين تأكلون بعض في غياب القانون، لذلك لم يبرز دور الأمن في فيلم ديزني بل يلجأ كاملاً إلى الجلسات العرفية وفكرة “منطقة كبيرة” لحل المشاكل.
والقوة البدنية التي تمتلكها كارم قادرة على إنتاجها ووضعها في حالة انكسار من خلال “عضة لكل شخص”، حيث تم اختيار الكاتب والمخرج أن تكون هذه “العضة” محرك للحدث وليس مجرد مشهد عابر، لأن كارم يؤمن بقوته وحولته كذكرى قوي، وعندما يتز هذه الذكرة من خلال “عضة” يمكن أن ينكسر للأبد لماذا يطارد رامبو لأن الأمر بالنسبة له أكبر من حدث إنكسار حالة القوة التي يتباهى بها، وقد وظف المخرج ثلاثة أقسام بصرية والحوار مساهمين في ذلك، من خلال السعي كارم تمارس الجنس مع الفتاة لتحقق من قوتها الجنسية، ووسعيه لمحو نقاط الدم التي تساقطت منه أثناء هذه المحاولة الواضحة للدليل ضعفه، مما يجعل أكثر شراسة تجاه الانتقام، ويعبر المخرج عنه هذه اللقطة التي التقطت لها من ذراعه ووجهه أثناء محاولة المسح من السيارة.
وهذا كله بالكامل عن قوة في الحبكة الفيلم، حيث لا يضع المؤلف أو المخرج أي عنصر سينمائي هباء من أجل التواجد، كل مشهد ولقطة هي عبارة عن ترس يتشابك مع ترس آخر ويتكامل لكي تدور فورا، وإذا تم حذفه يظهر النقص العوار، وهي قمة النجاح في كتابة السيناريو، حيث تتكامل العناصر ولا يمكن الاستغناء عن أي منها أو حذفها.
حيث يقول علي أبو شادي في كتابه “سحر السينما”: “الشخصيات هي وسيلة لتطور الحدث الدرامي، تحويله إلى حركة وفعل، والشخصية الدرامية ينبغي أن تُحقّق إنسانا متعدد الأبعاد، وتسهم في ذلك فعالة فيما يتعلق بأحداثها، وتشاركت بشكل إيجابي في دائرة الصراع” كما أن “البناء الدرامي هو أسلوب وطريقة توصيل جزء من الحياة، ضمن قسم صغير من الزمن، تعكس وجهة نظر ما، وبالتالي فإن وظائف الدرامي تتركز في تزويد المتلقي بالمعرفة، لرئيس كثرت المعرفة التي تصل إليها، كان العمل الأكثر قيمة، أخيرا كثرت الاكتشافات التي حققتها، سواء على النفس البشرية أو المجتمع أو العلاقات، كان العمل الفني أكثر قيمة”، وإذا أسقطنا حديث أبو شادي على تفاصيل الفيلم المذكورة سابقا سوف نجد أن العمل قد وصل للتكامل مستوى كبير من البناء الدرامي للأحداث والشخصيات.