ذكرى ميلاد أم كلثوم.. كيف كانت كواليس حفلات كوكب الشرق؟

منذ 5 أيام
ذكرى ميلاد أم كلثوم.. كيف كانت كواليس حفلات كوكب الشرق؟

وبعد ثلاث دقات يفتح الستار دون أي مقدمة وتظهر نجمة الشرق. يقف الجميع، صغارًا وكبارًا، وتضج القاعة بعاصفة من التصفيق المستمر، الذي يستمر أحيانًا لأكثر من عشر دقائق. تسمع هتافات مثل “الحجم أكبر من الحجم يا سيدة” وغيرها من عبارات الحب والتقدير لها.

ثم تجلس أم كلثوم على كرسي أمام الفرقة بينما تعزف الفرقة المقدمة الموسيقية للأغنية.

أنظر إلى وجهها وأرى شاشتها وهي تستمع إلى اللحن وتركز. ثم نقرت بقدمها بخفة، وعندما انتهت المقدمة وقفت أم كلثوم وصفق الجمهور، وظن مستمعو الراديو أن التصفيق للمقدمة. تغني وتنقر بقدمها بخفة، ثم تمد رقبتها وتلقي بنظرها نحو الأفق البعيد.

وأذكر وصف الشاعر أحمد شوقي لها في قصيدته “اسأل كؤوس الرقة” حين قال:

لقد ألقى نغمة جيدة ومثيرة للاشمئزاز في الليل أعطته أذنًا وتوهجت عيناها بحرارة عليه

أمضت الليل في المرج وأعطتني ماءً نقيًا لم يسقيها السلاف ولا الرب

وفي بعض الأحيان لم يتمكن الأستاذ أحمد رامي من البقاء للاستماع إلى الجلسة الثالثة لأنها لم تبدأ إلا بعد الساعة الثانية أو الثالثة صباحًا. كان يعطيني دائمًا كعب التذكرة حتى أتمكن من الجلوس في مقعده في منتصف الصف الأمامي، وهو أفضل مقعد.

ذات مرة تحدثت معه على باب سينما قصر النيل قبل العرض الثالث، ودام الحديث معه طويلا. ذهب إلى منزله ودخلت لأحل محله. بدأت المقدمة الموسيقية وأم كلثوم تجلس على الكرسي والأضواء مضاءة بينما الأضواء في الردهة خافتة. وبالطبع لم تكن ترتدي نظارات أثناء الغناء.

توجهت بهدوء نحو كرسي الأستاذ أحمد رامي الذي كان أمامها مباشرة، ولاحظت أنها تنظر إلي بقلق حتى وصلت إلى الكرسي. وعندما لاحظت وجهي ابتسمت واختفى القلق من وجهها.

والسبب هو أنها اعتقدت أنني شخص مجنون جاء على المسرح لتقبيل يدها أو القيام بشيء آخر.

كانت الأوقات مختلفة عن الآن. ولم يكن هناك حراس أمن داخل القاعة أو خارجها، ولم يكن هناك حراس أمن خارج منزل أم كلثوم أيضا.

جو مثل حفلة باريسية

وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة في مسرح أولمبيا في باريس، صعد رجل على خشبة المسرح بينما كانت تغني في حفل موسيقي بعد الحرب عام 1967 وحاول تقبيل قدمها. لكنها رفضت وسحبت قدمها ثم فقدت توازنها وسقطت. وبعد كل هذا، جاء حراس الأمن إلى مكان الحادث لإلقاء القبض على هذا الرجل.

علاوة على ذلك، كان من حسن حظي الجلوس في الصفوف الأمامية أن أسعدني سماع صوتها مباشرة دون أي أجهزة صوتية (ميكروفونات ومكبرات صوت).

في ذلك الوقت، لم تكن معدات التسجيل متقدمة كما هي اليوم. ومهما كان صوتها جميلا في التسجيلات التي نسمعها الآن، إلا أن صوتها الطبيعي كان أجمل بكثير. وأنا شاهد على ذلك، ولست شاهدًا فقط، بل مستمعًا أيضًا.

سلوا كؤوس الطلا» عندما قال:

أقت إلى الليل جيد نافرا ورمت أذنًا لها وارت فيها عيناها

بات على الروض تسقيني بصافية لا للسلاف ولا للورد رياها

كان الأستاذ أحمد رامي لا يستطيع البقاء لسماع الوصلة الثالثة، الأساسية كانت تبدأ بعد الساعة الثانية أو الثالثة. فيعطيني كعب تذكرته لأجلس في مكانه في منتصف الصف الأول، وهو أحسن مكان.

ولما كنت أتحدث معه على باب سينما قصر النيل قبل الوصلة الثالث، وطال الحديث معه. ذهب هو إلى منزله، ودخلت أنا المختلفة في مكانه، بما في ذلك القسم وقد بدأت في العزف، وأم كلثوم الثوم على الكرسي والأضواء لها، بينما الضوء خافتة. وهي بالطبع لم تكن تلبس الساعة وهي تغني.

ذهبت إلى مكانها إلى مكان الأستاذ أحمد رامي الذي كان أمامها مباشرة، ولاحظت توجهاتها نحو القلق حتى وصلت إلى الكرسي. وعندما لاحظت وجهي رأيت القلق من وجهها.

السبب في ذلك هو أنه يظن أن شخص مجنون سيصعد على المسرح لكي يُقبل يدها أو يقوم بآخرها.

الزمن كان مختلفًا عما هو عليه الآن، فلم يكن هناك أي شيء مخفف للرجال داخل أو بالخارج، ولم يكن هناك رجال آمنون أمام منزل أم كلثوم أيضًا.

حتى من باريس

رغم وجوده الدائم في مسرح نييمبيا في باريس عندما كانت تغني الأطلال في حفل ما بعد حرب 67، صعد رجل على المسرح الانتقال إلى أن يقبلها. بعد ذلك وسحبت قدمها ثم خسرت الزجاجة ووقعت. وبعد كل ذلك صعد الرجال على المسرح للقبض على هذا الرجل.

أضف إلى ذلك أن حظي في الجلوس في الصفوف النقابي أسعد بسماع تصدر أصواتها مباشرة دون الأجهزة الصوتية (الميكروفونات ومكبرات الصوت).

وفي ذلك الوقت لم تكن أجهزة التسجيل المتطورة كما هي الآن. ومهما كان صوتها جميلًا في التسجيلات التي استخدمها الآن، ف صوتها الطبيعي أجمل بكثير. أنا شاهد على ذلك، ولست أشاهد فقط بل استمتع أيضًا.


شارك