هل تكون سوريا ممر استراتيجي لنقل الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا؟
وأثار سقوط نظام الأسد في سوريا تساؤلات حول إمكانية أن تلعب سوريا دور ممر استراتيجي لنقل الطاقة من منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط والغاز إلى أوروبا. لكن رغم أن هذا الهدف تدعمه عوامل محلية وإقليمية، إلا أنه يواجه عقبات سياسية وأمنية واقتصادية.
نشر موقع “الشرق بلومبرغ” تقريرا عن وضع مشروع خط أنابيب الغاز القطري التركي إلى أوروبا وعبر الأراضي السورية. كما تم طرح العديد من الأفكار في السنوات الأخيرة لمشروعات خطوط أنابيب الغاز التي من شأنها أن تربط الشرق الأوسط بأوروبا المتعطشة للطاقة، بما في ذلك خط أنابيب الغاز العربي، الذي سيربط مصر بالأردن وسوريا، ثم تركيا وأخيراً بأوروبا.
ويقول التقرير إن من أبرز المشاريع الطموحة لنقل الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا هو بناء خط أنابيب للغاز يبدأ من قطر ويمر بالمملكة العربية السعودية والأردن ومن ثم يصل إلى سوريا وتركيا وبلغاريا. بلدان أخرى.
فكرة لمشروع خط أنابيب الغاز
تعود فكرة بناء خط أنابيب الغاز القطري التركي عبر الدول العربية المذكورة أعلاه إلى عام 2009، عندما تمت مناقشة المشروع في قمة عقدت في إسطنبول بين رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا آنذاك، وأمير قطر. ثم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وكان الهدف من المشروع هو ربط حقل غاز الشمال في قطر بتركيا عبر خط أنابيب بطول 1500 كيلومتر، بتكلفة 10 مليارات دولار في ذلك الوقت.
وأبدت تركيا رغبتها في المساعدة على زيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي في سوريا. وهذه خطوة جديدة في جهود أنقرة لتعميق مشاركتها في إعادة إعمار الدولة التي مزقتها الحرب. لكن المشروع لم ينفذ لأنه كان يتطلب في ذلك الوقت موافقات الدول التي سيمر عبرها المشروع وهي السعودية والأردن وسوريا. وتلا ذلك الحرب في سوريا عام 2011، مما أدى إلى توقف المشروع بالكامل.
وبحسب موقع “إنرجي إنتليجنس” ومقره لندن، فإن الأمور تغيرت بعد انتهاء حكم بشار الأسد، الذي عارض المشروع بسبب تحالفه مع روسيا ورغبته في عدم تهديد هيمنتها على صادرات الغاز إلى أوروبا.
ولم يعد الاتحاد الأوروبي يعتمد على الغاز الروسي، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الحرب مع أوكرانيا التي بدأت في عام 2022. وفي الواقع، فإن فكرة بناء خط أنابيب قد تكون الآن أكثر قبولا في القارة القديمة.
تخاطر أوروبا بفقدان بعض إمداداتها من الغاز مع انتهاء اتفاقية العبور الرئيسية بين موسكو وكييف. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بديل في الأيام الأخيرة من العام.
وبالإضافة إلى ذلك، يمثل الغاز القطري مكملاً مهماً لأوروبا، إذ تقدر مجلة النفط والغاز احتياطيات الدوحة من الغاز بنحو 900 تريليون قدم مكعب، أي ما يعادل 14% من الاحتياطيات العالمية. ومع ذلك، ونظرًا لعدم وجود خط أنابيب مع قطر، لم يكن الغاز القطري محور الاهتمام في الأسواق الأوروبية واعتمد فقط على إمدادات غاز البترول المسال باهظة الثمن.
الدعم التركي والمكاسب السورية
ويحظى إحياء مشروع خط الأنابيب بدعم وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار. وأشار في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية مؤخراً إلى أن المشروع يمكن أن يمضي قدماً لتحقيق الاستقرار على الأراضي السورية، مشدداً أولاً على ضرورة الأمن.
ومن ناحية أخرى، سيوفر المشروع للحكومة السورية الدعم المالي الذي هي في أمس الحاجة إليه لإعادة إعمار البلاد. وتكشف التقارير الصادرة عن البنك الدولي والأمم المتحدة عن تكاليف هائلة لإعادة الإعمار، تتراوح بين 250 مليار دولار إلى 300 مليار دولار.
تقف سوريا على مفترق طرق بعد سقوط نظام الأسد. ووسط هذا، يجذب قطاع النفط الاهتمام بعد أن كانت البلاد في السابق مصدراً صافياً، ومن المتوقع أن يعزز المشروع أيضاً قطاع الطاقة في سوريا، الذي يتمتع بالإمكانات. ومن المرجح أن يوفر هذا القطاع شريان حياة لجهود بناء الدولة إذا تمكنت سوريا من العودة إلى مستويات إنتاج النفط قبل الحرب في عام 2011، والتي كانت حوالي 400 ألف برميل يوميا (حتى أن بعض التقارير تشير إلى الوصول إلى هذه المستويات). (في النهاية نصف مليون برميل يوميًا)، نظرًا لأنه بسعر 70 دولارًا لبرميل النفط، يمكن للشركة أن تدر حوالي 15 مليار دولار من الإيرادات السنوية، وهي الآن في حاجة ماسة إلى هذه الموارد للحفاظ على بنيتها التحتية، التي دمرت في هذه العملية، إعادة بناء الحرب المدمرة.